أيهما يفاخر بالآخر.. الوالد الذي أنجب هذا الفارس وأورثه جينات الجسارة والشجاعة.. أم الابن الذي رأى ذاته في عيني أبيه وهي تعانق أحلامه في وطن عزيز ومستقر.
لحظة فارقة نَزَعَ فيها الأب خيوط الخوف من قلبه وجعلها مشجباً علّق فيه خريطة الوطن في إطار وجه ابنه بعينيه اللتين تتطلعان لوطن شامخ ومديد القامة يعيش تحت ظلاله موفور الأمان.
وهواء النيل يلفح وجه الفتى في موسم الخريف تهرب ذاكرته إلى أيام طفولته ويأتيه صوت أبيه مزدحماً بالصور من بين الحقول وهو يترنّـم:
نحن بالروح للسودان فدىً..
فلتعش أنت أيها الوطن
دسّ كفه في كف أبيه وهزها في الهواء وعانقه طويلا وهو يتكرّف رائحة عرقه ومن ثَمّ واصلا عبور الجسر…