الحرب في السودان، في بدايتها عام 2023 كانت توصف بالحرب الأهلية كونها مندلعة بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وميليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي، لكن سرعان ما تغير هذا الوصف وتحولت إلى حرب بالوكالة تقودها دول القارة العجوز والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الإقليميين، وحولوا قوات الدعم السريع إلى سلاحهم البشري على الأرض، إلى حين تمرير مخططهم الرامي إلى إدخال قوات أجنبية إلى الأراضي السودانية.
الحديث عن حرب الوكالة تجدد بعد جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي طالب فيها مندوب المملكة المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان وضرورة حماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية وطالب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باحترام التزاماتها في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وتنفيذها بشكل كامل.
وهذه ليست المرة الأولى التي تدعو فيها بريطانيا لفرض قراراتها عبر مجلس الأمن، فقد قامت بذلك في يونيو العام الجاري لكن القرار لم يتم قبوله من قبل الجميع، وروسيا التي وصفتها بريطانيا في بيانها الأخير بـ”عدوة السلام” امتنعت عن التصويت ولم تستخدم حق الفيتو، ولكن هذه المرة استخدمت حق الفيتو لوقف القرار.
نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، فسر تصويت روسيا ضد مشروع القرار وقال: “نؤمن بأن دور مجلس الأمن يتمثل في مساعدة (الطرفين) على تحقيق ذلك، ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل متسق ومنفتح، وألا يُفرض على السودانيين- عبر قرار من مجلس الأمن- رأي أعضائه المنفردين مطعما بنزعة ما بعد الاستعمار حول كيف يجب أن يكون شكل الدولة المستقبلية”.
رفض القرار البريطاني جاء في المقام الأول من السودان، حيث رفض رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول البرهان يوم الثلاثاء أي تدخل خارجي، بعد يوم على استخدام روسيا حق النقض على مشروع قرار بريطاني يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان.
وفي هذا السياق قال مراقبون إن استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع القرار البريطاني بشأن السودان أوقف ما وصفه بمخطط التدخل الأجنبي الغربي في الشأن السوداني وأضافوا أن مشروع القرار كان يستهدف فرض وقف فوري لإطلاق النار دون الالتزام بضمان تنفيذ مليشيا الدعم السريع التزاماتها وفق اتفاق جدة المبرم في مايو 2023.
وأشاروا إلى أن هذا الفيتو يعزز موقف الجيش السوداني دولياً ويوفر له غطاءً لحسم الصراع عسكرياً، مؤكداً أنه يمثل رسالة قوية من روسيا للولايات المتحدة وبريطانيا بأن موسكو تدعم سيادة السودان وتتصدى لأي تحركات غربية قد تخل بالتوازن الإقليمي لصالح أجندات خاصة.
بالعودة إلى بريطانيا ودورها الهدام في مجريات الصراع العسكري السوداني، كشفت التقارير أن لندن التي تدعو لوقف الحرب تعمل على تقديم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. ففي يوليو العام الحالي أسقطت القوات المسلحة السودانية طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع في مدينة الفاشر من طراز “ares3.1” بريطانية الصنع.
وبحسب الخبراء والمراقبين للمجريات الأحداث في السودان، فهناك تعاون واضح بين دول الغرب يهدف إلى ضمان استمرار معاناة الشعب السوداني داخل أراضيه، لتمرير قرارات مثل إدخال قوات أجنبية إلى البلاد من خلال البعثة الأممية والمنظمات الخيرية بحجة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يعاني سكانها في السودان، وبالنظر إلى خريطة مجريات الأحداث في البلاد فإن المساعدات ستكون موجهة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، الأمر الذي يقود إلى التشكيك حول ما اذا كانت هذه مساعدات إنسانية أم دعم عسكري للدعم السريع.