الفيلق الأوروبي في ليبيا لتأمين المصالح الإيطالية

يعمق الصراع الليبي الانقسامات المحلية والخلافات حول قطاع النفط الليبي منذ سقوط نظام الراحل معمر القذافي في 2011، هذا ولم يعد الصراع على ثروات النفط في ليبيا شأناً خاصاً بالفرقاء المتنازعين داخل البلاد، بل أصبح هناك دور كبير لجهات خارجية وعلى رأسها إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، في محاولة رسم خريطة جديدة للذهب الأسود، ليس داخل ليبيا فقط، بل في جميع أنحاء القارة السمراء التي تعاني أزمة اقتصادية خانقة في ظل اضطرابات أمنية وسياسية متفاقمة خلال الفترة الأخيرة.

 

هذا وأظهرت تحركات إيطاليا في الفترة الأخيرة رغبة روما في تعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري في ليبيا، التي شهدت منذ عام 2023 عودة قوية للدبلوماسية الإيطالية. وقد تجسدت هذه العودة بشكل خاص في الزيارات المكثفة لمسؤولين إيطاليين رفيعي المستوى إلى البلاد، وذلك في إطار صراع دولي على النفوذ في ليبيا.

ناهيك عن مساعي إيطاليا لتعويض صادرات النفط التي كانت تأتي من روسيا إلى أوروبا واستبدالها بالنفط الليبي بحثاً عن زيادة نفوذها في هذا المجال وبالتالي فإنها لا ترغب في ترك هذا القطاع الحيوي تحت رحمة كل من تركيا والولايات المتحدة وفرنسا، مما يفسر التنافس الكبير في هذا البلد الغني بالنفط.

في هذا السياق ذكر موقع “إي يو ريبورتر” الإخباري في تقريرٍ له، حول الاهتمام الايطالي بالنفط الليبي، حيث أكد التقرير إلى أن روما عملت على عقد صفقات اقتصادية ونفطية مع حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة مستغلتاً الفوضى السياسية والانقسامات في البلاد دون النظر إلى الوضع المضطرب.

وإضافة الموقع إلى أن إيطاليا تعي جيداً المخاطر الأمني في ليبيا وهذا ما دفع روما إلى تشكيل “الفيلق الأوروبي” لحماية مصالحها في قطاع النفط الليبي، وتأمين عمل شركة “إيني” في حقول النفط بشكل طبيعي دون أي مضايقة من جانب الدول المنافسة لها والميليشيات المتواجدة في المنطقة الغربية.

هذا التقرير جاء بعد تصريحات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، الذي أشار إلى أن 70% من أراضي ليبيا لا تزال غير مستكشفة، مما يعد دليلاً على إمكانية نمو وتطوير القطاع النفطي. وأكد على التزام المؤسسة الوطنية للنفط بتطوير هذه الموارد بالتعاون مع الشركات الدولية، هذا ما أدى إلى توجيه الأنظار نحو شركة “إيني” الإيطالية.

ويرى الخبراء والمختصون في الشأن الليبي إلى أن إيطاليا تعمل على زيادة هيمنتها على ليبيا عبر إرسال قوات وعتاد عسكري إلى الأراضي الليبية، بالإضافة إلى إقامة قواعد عسكرية ومراكز مراقبة بذريعة مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، الأمر الذي أكده وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، في أبريل من العام الحالي أن تعزيز الدفاع الأوروبي أمر ضروري، وأشار إلى أن الفيلق الأوروبي سيُشكل من أجل تنفيذ مهام محددة تعود بالنفع على مصالح الاتحاد.

في الختام، إيطاليا على دراية تامة بالمخاطر المرتبطة بالاستثمار في قطاع النفط الليبي، وقد دفعها ذلك إلى تشكيل الفيلق الأوروبي الذي سيقوم بحماية مصالحها. لذا، فإن جميع المعلومات والتقارير التي انتشرت حول وجود الفيلق الأوروبي في ليبيا تتأكد يوماً بعد يوم.

وخير دليل على ذلك هو ما حدث بالفعل في منطقة الزاوية في أكتوبر الماضي عندما خرج متظاهرون إلى الشوارع وهددوا بإغلاق حقول الغاز والنفط وقطع الإمدادات عن دول القارة العجوز وعلى رأسهم إيطاليا إلى حين وقف التدخل وإخراج القوات الأجنبية من البلاد، لتتدخل قوات الفيلق الأوروبي وتقوم بفض هذه التظاهرات.

 

 

 

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.