وصاح فيهم وهو الموجوع: (أريتو التمساح لو أكلني)!!!

بقلم/ حيدر التوم - المحامي

▪️في أي حوار، قد تخوضه مع داعمي المليشيا، تجابه بعبارة (الدعم السريع خرج من رحم الجيش)!! يكررونها بطريقة واحتفالية (كورالية) وبزهو عجيب، كأنهم يوجهون الضربة القاضية!.
▪️ومن المفارقات التي تثير الضحك، إنّ هذه العبارة من كثرة تكرارها تُذكِّرنا (بنكتة) ذلك الذي تعرّض لمهاجمة تمساح، وكان مضطراً لإعادة القصة مراراً وتكراراً على زواره الذين لا ينقطعون، جماعات ووحداناً، فلما ضاق ذرعاً، قال لوفد من زُوّاره، وهو الموجوع: (مشيت أتوضأ في النيل خرج عليّ التمساح ونهش لحم رجلي وأريتُو لو كان أكلنِي وريحني منكم).
▪️وبالطبع لن نطالب أولئك المتمسكين (بحكاية الأرحام) بتأمل الآية الكريمة:(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا…)،، “لقمان 15″،، وكان سيكون رداً مناسباً طالما كانوا مهتمين بالأرحام.
▪️ولن نطالبهم بالنظر للظروف التي أدت لنشوء تكوينات مليشيا في بعض دول العالم، حيث أن هناك أسباباً موضوعية تؤدي لظهور المليشيات. منها ضعف الدولة، فدولة مثل ليبيا، تكاثرت فيها المليشيات بعد أن فقدت الدولة قوتها بعد زوال حكم القذافي. ودولة مثل لبنان تلعب فيها الطائفية دوراً محورياً، جعل هناك مليشيا طائفية، والحال كذلك في اليمن والعراق والقائمة طويلة.

▪️إذن على (الزول) الموضوعي أن ينظر أبعد من (حكاية الرحم) ويرى إن كانت هناك أيادٍ خارجية تعبث بالبلد أم ماذا؟ والمعلوم أن قوى الشر في العالم (تقتات) من وراء هكذا مليشيات، ولينظر أي موضوعي، لماذا تريد قوى الشر، من وراء الإيعاز بتكوين المليشيا، أو الرضى عن تكوينها، وغض الطرف، بل وحتى التعامل معها مباشرةً من وراء الدولة، على نحو ما فعلوا ولازالوا مع مليشيا الجنجويد؟!

▪️فالجيش في الواقع – كمؤسسة – لم يطالب بتكوين مليشيا حتى تعينه أو تحل محله، ولم نسمع أنه تراجع عن مهامه الأمنية والدفاعية الوطنية. كما أن الجيش لم يكن حضوراً ولا عضواً بالبرلمان الذي أجاز قانون الدعم السريع، علماً أن الجيش رفض تكوين مليشيا الدعم السريع من الأساس، وهذا معلومٌ داخل مؤسسة الجيش وأن هيئة الأركان رفضت الأمر حينها قولاً واحداً.

▪️إذن هي أمورٌ من صنيع أهل السياسية، حتى وإن كان البشير – المخلوع عسكرياً – والمعلوم أن البشير كان رئيساً للمؤتمر الوطني. وسيبقى المؤتمر الوطني هو المسؤول عن إنشاء تلك المليشيا. تماماً كما سيظل جميع من تقلد الفترة الانتقالية مسؤولاً عن نمو المليشيا (السرطاني) فالفترة الانتقالية هي من شهدت، علاقات المليشيا الخارجية، تلك العلاقات التي جعلت المليشيا تتبنى حرب الوكالة، (ذي ما بيقول الكتاب).
▪️وقد يقول قائل، لكن أمور العسكرية، لم تكن في يد المدنيين، خلال الفترة الانتقالية، وهذا صحيح، ظاهرياً، لكن في حقيقة الأمر، لو نظرنا (أبعد شوية) فقد قدمت الثورة أولئك المدنيين، لكي يلتزموا بشعاراتها وأدبياتها والتي منها (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) فماذا فعلوا إزاء ذلك الشعار؟!
لا شئٌ.. لكنهم عوضاً عن ذلك طفقوا يحدثونا عن (الناس تكون عاقلة، ديل في يدهم السلاح!!!).
▪️ثم ثالثة الأثافي، ابتدعوا مشروع الاتفاق الإطاري، الذي اتضح لاحقاً أنه كان عبارة عن وصفة جاهزة جاءت لسياسيي (الغفلة) من الخارج، وهذا ما صرّح به قائد المليشيا، حيث وجه اللوم لجهات خارجية متعددة.
▪️والاتفاق الإطاري كان في الواقع، كميناً معداً بدقة، وطعماً ابتلعه المدنيون من الساسة، بكل السذاجة التي يمكن تصورها، وبكل الجهل بالتاريخ، الذي من الممكن أن تتوقعه من أي سياسي (مبتدئ).

▪️دمج الجيوش – اي جيوش – يحتاج فيما يحتاج إلى وحدة الجبهة الداخلية، وهذا معروف، وباستقراء سريع لتاريخ محاولات دمج الجيوش في العالم، حيث يتّضح أنّه طالما كانت الجبهة الداخلية منقسمة، لن ينجح اي دمج، وستكون النتيجة، حرباً أهلية وربما تقسيم البلاد، (ليبيا نموذجاً) وهذا الانقسام المتوقع ستغذيه القوى التي لا تريد خيراً بالبلاد والعباد، (ومعروفة هذه الدول) وبرامجها لتحقيق ذلك الضرر بالسودان، أصبحت معلنة و(بالمفتشر) وقد كان. فالآن تدخلات القوى الخارجية معلومٌ للكافة.

▪️المُدهش ليس أن تتبنى القوى السياسية الاتفاق الإطاري، المدهش أن تطالب بدمج المليشيا داخل الجيش، رغم طبيعة تلك المليشيا القبلية المعروفة للكافة، مليشيا قائدها العام وشقيقه وإخوته وأبناء عمومته.. إلخ.. إلخ كلهم من أسرة واحدة، فكيف تُدمج بالجيش. ومليشيا كان معلوماً أنها تمنح الرقم الوطني في الحدود، كيف تُدمج؟ ومليشيا ارتباطاتها بالخارج لم تعد خافية على اي شخص، دعك من كونه يمتلك بصراً أو بصيرة، أي شخص كان بمقدوره معرفة نوايا المليشيا، فكيف تُدمج؟ وبالنتيجة إصرار على الدمج، وعند الفشل وجدنا أنفسنا نواجه حرباً، واضح جداً أن لها أهدافاً غير معلنة.. مثلها ومثل اي حرب بالوكالة.

▪️وبالحديث عن الأرحام ورحم الجيش، أليس الجيش ذات نفسه من رحم الشعب؟ ام ذلك أيضاً منكور، وهو من البديهيات؟!!

▪️الأجدى ونحن نواجه عدوّاً يستهدف الوجود، وأعني وجود دولتنا، أن نرتقي بخطابنا وحواراتنا، وأن نرتب أولوياتنا، فليس مهماً من أي رحم خرجت المليشيا، فإن المهم مقاومتها ودحر مشروعها ومشروع وكلائها وموكليها وهزيمتهم. ثم بعد ذلك، لنا مُتّسعٌ من الوقت للبحث عن الأرحام والأنساب.
▪️وعلى نهج ذلك الرجل الذي هاجمه التمساح وتعب من رواية قصته: (أريتو التمساح كان أكلكم).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.