لوست إن ترانسليشن!!

كتب: الطيب علي فرح

خطاب الهالك المقيم الذي تلاه (راقداً)، خطاب موجه بامتياز للخارج.. فالجُمل والمصطلحات على شاكلة “الديمقراطية، السلام والحرب على أساس الدين والعرق”… الخ، هذه ألفاظ رنانة تطرب الغربيين وتمسهم في الوتر الحساس.

 

احتوى الخطاب الذي تلاه قائد المليشيا من تحت البطانية على ترجمة احترافية للغة الإنجليزية.. وحتى تلك الكلمات التي نطقها بشكل خاطئ تم وضع الترجمة الصحيحة المناسبة لها لتصل بوضوح لقاعدة (المستمعين) التي يستهدفها الخطاب..!

في الأثناء، خلا خطاب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة من وجود ترجمة احترافية للغة الإنجليزية.. وفي هذا قصور من الجهات الإعلامية وهي تترك الأمر للقنوات الإخبارية والوكالات العالمية لتقوم هي بالترجمة انابةً عنك.. سيما في مثل هذه الخطابات المهمة.. فعندها سوف تتم الترجمة بما يتوافق والأهواء والأجندات المتقاطعة..!

العالم ينظر ويتابع هذه الحرب، ويحتاج ليفهمها بشكل جيد، لذلك فإن موضوع الترجمة مهم للغاية.. فلماذا الكسل والإهمال؟؟

هذا الإغفال ليس بسيطاً، خاصةً في خطابات تحمل أهمية كبيرة على الساحة الدولية.. والتاريخ يحمل أمثلة كثيرة لنتائج إهمال وإغفال إيصال الرسائل بصورتها ومعانيها الصحيحة التي لا تقبل التأويل.

على سبيل المثال، في العام 2011 خلال فترة التفاوض بشأن استفتاء حق تقرير مصير جنوب السودان، ألقت الحكومة السودانية خطابًا أمام المجتمع الدولي لضمان دعم عملية الاستفتاء. فذكر علي عثمان محمد طه خلال خطابه للمجتمع الدولي عبارة تشير إلى التزام الحكومة بضمان عملية استفتاء نزيهة تفضي إلى تقرير المصير، لكن الترجمة الإنجليزية نقلتها بعض وسائل الإعلام المؤثرة كانت: the government will ensure the secession process is fair, والتي تعني أن الحكومة ستضمن انفصال الجنوب بشكل عادل.

 

منحت هذه الترجمة المغلوطة إيحاءً بأن الحكومة السودانية (وافقت مسبقاً) على انفصال الجنوب، وهو ما أثار جدلاً وأدى إلى زيادة الشكوك حول نوايا الحكومة في دعم (الوحدة الطوعية)، مما أبطأ التفاوض وخلق انقسامات بين الفرقاء.

في ظل الأحداث الراهنة، تحتاج المؤسسات الإعلامية الرسمية في السودان إلى إدراك أهمية الترجمة في بناء سردية قوية تخدم المصالح الوطنية.. الموضوع ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية.

*الطيب علي فرح

شارك الخبر

Comments are closed.