انقطاع التيار الكهربائي يهدد الموسم الزراعي في الولاية الشمالية

دنقلا: علوية مختار

تسبّب انقطاع التيار الكهربائي المستمر في الولاية الشمالية في أزمة تُهدِّد الموسم الشتوي والمزارعين في المنطقة، حيث أثّـر بشكل كبير على عمليات الري التي تعتمد على الكهرباء، مما أدى إلى تضرُّر محصولي الفول والقمح. ويُتوقع أن تنتهي الأزمة خلال اليومين المقبلين، بعد اكتمال صيانة أحد المحولات المتضررة جراء استهداف مليشيات الدعم السريع لمحطة الكهرباء الرئيسية بمدينة دنقلا بواسطة مسيرات انتحارية.

العديد من المزارعين يتساءلون عن مصير محاصيلهم بعد التأثيرات السلبية التي تعرضوا لها بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء وتعرُّض محاصيلهم للعطش.

 

تعتمد الزراعة في الولاية الشمالية بشكل كبير على الكهرباء لتشغيل مضخات المياه لري المحاصيل الزراعية، حيث يتوقع أن تغطي الولاية العجز في المحاصيل الاستراتيجية بعد خروج عدد من الولايات عن الإنتاج بسبب الحرب.

 

توقع مصدر مطلع بإدارة الكهرباء في مدينة دنقلا، أن يتم اكتمال صيانة أحد المحولات الكهربائية المتضررة ودخوله الخدمة يومي الثلاثاء أو الأربعاء المقبلين، وذلك بعد وصول قطع الغيار اللازمة من مدينة بورتسودان.

وأكد المصدر، الذي تحدث لـ(السوداني) أنه من غير المتوقع أن تتم صيانة المحول الثاني في القريب العاجل، حيث تعرض لتدمير كامل جراء عدة هجمات بواسطة مسيرات انتحارية، مشيرًا إلى أنه من المحتمل طلب محول جديد بقطع غيار مختلفة. وأضاف المصدر أن صيانة المحول الأول، الذي تضرر جزئيًا، ستسهم بشكل كبير في استقرار التيار الكهربائي في دنقلا، مما يسهم في دعم استمرارية الإمداد الكهربائي خلال الموسم الشتوي.

 

المزارعون يشكون
المزارع محمد صالح عبّر عن خيبة أمله قائلاً: “زرعت سبعة أفدنة من الفول وتبقت لي سقيتان فقط للحصاد، لكن انقطاع التيار الكهربائي دمر كل شيء. الآن أواجه ديونًا كبيرة وفقدت مصدر رزقي”.
أما المزارع عبد المطلب الحاج شرفي فيؤكد أن البرمجة الجديدة لتوفير الكهرباء لا تلبي احتياجات الري، حيث يتم تشغيل الكهرباء لساعات محدودة ولا تكفي لضخ المياه. وأكد ان جزءا من مساحاته المزروعة تعرضت للعطش وأصبحت طعاماً للمواشي.

 

تدهور الوضع الزراعي
رئيس اتحاد مزارعي الولاية الشمالية، طه جعفر، حذر من أن الأزمة تهدد الإنتاج الزراعي في المنطقة، وأشار لتأثر المحاصيل الشتوية بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من أسبوعين. وأضاف جعفر أن المحاصيل الرئيسية مثل القمح والفول التي تُـزرع بكثافة في الولاية تعرضت لخسائر كبيرة، وأن المشروعات الزراعية الكبرى في مناطق حوض السليم وخور أرقو والصالحين توقفت بالكامل.
وقال: “الفول والقمح انتهيا هذا العام، ولا أمل في تحسُّن الوضع مع استمرار انقطاع الكهرباء”. وزاد: “المزارع في الولاية يبكي دماً وهو يشاهد محصولاته تحرق”.

وانتقد جعفر، البرمجة التي نفذتها الولاية بتوفير الكهرباء كل ثلاثة ايام لمدة 12 ساعة، ورأى أنها أضرت بالموسم حيث أن الإمداد ضعيف ويصعب تشغيل مضخات المياه معه، موضخاً: “كان الأجدى تخفيف الضغط على الكهرباء وتوفيرها بالمشاريع الكبيرة والتضحية بالأخرى”. وأردف: “المشاريع الكبيرة في حوض السليم وخور أرقو والصالحين والمحاور خرجت عن الموسم وهذا العام سيأكل الناس العدس وسيشتكي صغار المزارعين من الجوع، خاصةً وانهم يعتمدون على القمح والفول في حياتهم اليومية”.

 

الجهود الحكومية لحل الأزمة
في إطار محاولات معالجة الأزمة، أكدت مديرة التخطيط بوزارة الزراعة بالولاية الشمالية، أمل نصرون، أنّ الوزارة تعمل بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية على إيجاد حلول عاجلة، مثل تمويل المزارعين لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء البديلة عبر تمويل ميسر وفترة سداد تصل إلى سبعة أعوام. وأشارت إلى أنه تم اقتراح توفير عشرة مولدات كهربائية بسعات كبيرة تصل إلى ألف كيلوواط لإعانة المشاريع الزراعية والحد من تضرر الموسم.
وأقرت نصرون بتضرر الموسم الزراعي وتعرض ما يزيد عن ستة آلاف فدان من القمح للعطش، بجانب ما يزيد عن أربعة آلاف أفدنة من الفول وجدت ذات المصير.

 

حلول الأزمة
من جانب آخر، شدد الخبير الاقتصادي محمد الناير، على أن تأثيرات أزمة انقطاع الكهرباء تتطلب حلولًا عاجلة وطويلة الأمد.
وقال الناير في حديثه لـ(السوداني): “الجهود المبذولة حتى الآن لم تكن كافية لحل المشكلة بشكل نهائي. يجب على الحكومة تعزيز البنية التحتية للطاقة وضمان استقرار التيار الكهربائي لحماية الإنتاج الزراعي وضمان استدامته”.

 

الخاتمة:
إن استمرار أزمة انقطاع الكهرباء في الولاية الشمالية يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن الغذائي في المنطقة، حيث يعاني المُزارعون من خسائر فادحة تهدد حياتهم وسبل عيشهم. ومع أنّ الجهود الحكومية جارية لإيجاد حلول، إلا أن هناك حاجة ماسة لتكثيف التنسيق بين الحكومة المركزية والولائية، وتوفير الحلول الدائمة لضمان استقرار التيار الكهربائي، ما سيسهم في دعم القطاع الزراعي واستدامته.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.