في زمن التحولات السياسية المعقدة، تبرز أهمية العلاقات الدولية والتفاهمات بين الدول، وخاصة في المناطق المضطربة. وفي هذا السياق، نجد السودان، البلد الذي يعاني من صراعات داخلية مستمرة، يأمل في البحث عن دعم خارجي لتجاوز أزماته.
العلاقات بين السودان وروسيا تتجه نحو مزيد من التقارب، حيث يسعى الجانبان لتحقيق اتفاقات قد تلعب دوراً بارزاً في تشكيل مستقبل البلاد. تسلط الأضواء على ما يحدث في إطار هذه المفاوضات، ويمكن القول أن الأمور بدأت تتخذ منحى جديد ومتوقع في ظل الظروف الراهنة.
تفاهم سوداني – روسي بشأن القاعدة البحرية الروسية
في السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية السوداني د. علي يوسف الشريف، عقب مفاوضات في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن السودان وروسيا توصلا إلى تفاهم بشأن الاتفاق بشأن قاعدة البحرية الروسية.
وقال علي يوسف في إفادة صحفية عقب محادثاته مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن هذه القضية، وبالتالي فإن المسألة بسيطة للغاية، ليس لدي ما أضيفه، لقد اتفقنا على كل شيء”.
وقال لافروف في بداية محادثاته مع وزير الخارجية السوداني: “بالطبع نحن كأصدقاء جيدين نشعر بالقلق إزاء الأحداث الدرامية التي تجري حاليا في السودان. نريد العمل مع لاعبين خارجيين آخرين للمساعدة في تطبيع الوضع”، وأكد ان استئناف التعاون الثنائي مع السودان يعتمد بشكل كامل على الظروف الأمنية.
بدوره، قال وزير الخارجية السوداني إن بلاده تقدر وقوف روسيا “إلى جانب” الشعب السوداني، في الوقت الذي يعيش فيه السودان “حربا خطيرة تدور بين الجيش وقوات الرد السريع”.
كما أعرب وزير الخارجية السوداني، عن شكره لروسيا لدعمها بلاده في مجلس الأمن الدولي، بعرقلة محاولة إرسال قوات دولية على خلفية الحرب في السودان منذ 2023.
وقال يوسف إن بلاده “ترحب بإحباط روسيا محاولة في مجلس الأمن لإرسال قوات دولية إلى السودان”، مشددا على موقف الخرطوم الدائم الرافض لأي تدخل خارجي في شؤؤنها.
الفيتو الروسي
في نفس السياق، فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في الـ 18 من نوفمبر من العام الماضي، في اعتماد مشروع قرار قدمته بريطانيا لتقنين التدخل العسكري الغربي بحجة “حماية المدنيين” في السودان، وذلك بعدما استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضده.
كما قال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، إن بلاده ترفض مسودة القرار البريطاني لأنه يحمل فهماً خاطئاً بشأن مسؤولية حماية المدنيين في السودان، ومن يجب أن يتخذ قراراً بشأن دعوة قوات أجنبية إلى السودان.
كما أبدى رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني وقائد الجيش، عبدالفتاح البرهان امتنانه لاستخدام روسيا حق النقض “الفيتو” وتعطيل مشروع القرار المقدم من بريطانيا، بقوله: “البارحة شهدنا الموقف الروسي الداعم لسيادتنا ويمنع التدخل في شأننا.. فالسودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه وأصدقاء شعبه، لمنع صدور القرار المعيب والخادش للسيادة السودانية”، ووصفه بأنه قرار دون أي إلزام لمن تسببوا في المشاكل. وتابع: “ليس فيه إدانة لداعمي المتمردين، أو حفظ لحق السودان في إيجاد حلول من داخل أراضيه، ونحن بوصفنا سودانيين نرفض أي تدخل أو إملاءات أو فرض حلول لا نقبلها”.
وبحسب صحيفة “المصري اليوم”، يقول المحلل السياسي المهتم بالشأن السوداني، علي إدريس، أن المملكة المتحدة حاولت لأكثر من مرة بإشعال الصراع في السودان، ابتداءا بتجهيز حمدوك للسلطة، متابعاّ بدعم قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” سياسيا وعسكريا.
تسليح “الدعم السريع”
تعتمد قوات الدعم السريع بشكل أساسي على الدعم الغربي بالأسلحة والأخصائيين العسكريين الأوكران الذين أصبحوا مرتزقة بأيد الدول الغربية.
ونقلا عن صحيفة “مصراوي”، قال الخبير السياسي محمد عبدالغني، إنه بعد سيطرة الجيش السوداني على الكثير من مواقع والنقاط لقوات “الدعم السريع”، بعد معارك عدّة في مناطق مختلفة بالسودان خلال الأسابيع الأخيرة في عام 2024، تم اكتشاف العديد من مخازن الأسلحة والتي تحوي على أسلحة أجنبية ومسيّرات مقدمة من أوكرانيا، حيث نشرت وسائل الإعلام الأوكرانية، تقارير تؤكد التواجد العسكري الأوكراني في السودان.
وأضاف “عبدالغني” في تصريحات على قناة “الحدث اليوم”، أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها العثور على سلاح أو مقاتلين أو وثائق تثبت تورط جنود أوكرانيين في الصراع الدائر في السودان، حيث يعتقد الكثير بأن الحرب في السودان تحولت لصراع دولي على ثروات السودان، حيث يتم تغذية هذا الصراع من قوى خارجية وبأيدي جماعات من المرتزقة. وتابع أنه في خضم هذا الصراع تردد وبكثرة اسم القوات الخاصة الأوكرانية في الأوساط الإعلامية والميدانية السودانية والعالمية، كطرف انخرط بشكل فعلي ومباشر في المعركة على الأرض لصالح قوات “الدعم السريع” ضد الجيش السوداني بأوامر وإشراف من جهات خارجية.