غريب جداً أمر القوى السياسية التي تتعجل طرح تصور لشكل سياسي تحت لافتات وشعارات أكل عليها الدهر وشرب، وفي ظروف حرب ضروس أكلت الأخضر واليابس، خربت البلاد وشردت العباد، وما زالت.
خاطب رئيس مجلس السيادة لقاءً سياسياً قبل أيامٍ، حاول فيه وضع بعض النقاط على الحروف، وجاءت ردود الفعل – كالعادة – متباينة، وإن كان خلاصة حديثه لا خلاف عليه بأن من يريد ان يحكم (أياً من كان) عليه أن ينتظر الانتخابات، (أو هكذا فهمت).
وبعيداً عما قيل حول خطاب رئيس السيادة سواء سلباً أم إيجاباً، فإني أرى أن الوقت ليس وقت مثل هذه اللقاءات، ولا الأوان أوان مثل هذا الطرح.
وإذا سأل البعض ما هو الوقت المناسب ومتى يحين هذا الأوان، نقول تقديراً وتعظيماً للدماء التي بُذلت والأرواح التي ارتقت والتضحيات التي قُدِّمت – نقول تقديراً لكل ذلك يجب أولاً أن تقف هذه الحرب وتنتهي ويعم الأمن والأمان ويسود الاستقرار في كل أنحاء البلاد، ويُعاد بناء ما تخرّب من مؤسسات ويتم إصلاح ما دمر من بنيات..
ثم يأتي بعد ذلك دور اتخاذ الإجراءات التي تُثبت عناصر الاستقرار السياسي.. ولنا أن نتساءل هل حسم هذه الحرب يحتاج لتعيين رئيس وزراء؟! وكيف سيعمل رئيس وزراء في مثل هذه الظروف وماذا يستطيع أن يقدم؟
لو بحثنا ونظرنا بتأنٍ في الظروف التي تحيط بالبلاد وما يتوقع أن يحدث كنتائج لإفرازات وتداعيات الحرب، ونقرن ذلك بتركيبة البلاد وطبيعة العباد، لأدركنا صعوبة مهمة رئيس الوزراء إن لم يكن استحالتها.
الحالة السياسية الآن تحتاج إلى سلطة تستند إلى قوة قادرة على إدارة الموارد، وقادرة على حفظ الأمن والاستقرار في كل الولايات، قادرة على أن تخلق انسجاماً اجتماعياً، واحتواء اضطرابات آثار الحرب والعدوانية والجرائم التي ارتكبتها المليشيا وداعموها، وغير ذلك، وإذا ما قسنا الأمر بما جاء من ردود الفعل حول خطاب رئيس مجلس السيادة، لأدركنا صعوبة مهمة رئيس الوزراء وأدركنا أضرار أي فعل سياسي في هذه الآونة، فقد انتشرت الملاسنات والتجاذبات والتنافرات حول ما جاء في حديثه عن القوى السياسية، وليس المقام لتناول ما جاء في الحديث حفظاً للوقت والجهد، وحرصاً على وحدة الصف، وإنما نستدل بردود الفعل حوله لنقول بأن الأنسب والأوفق والأجدر والأحق للبلاد في هذه الظروف أن يتولى العسكر الأمر كله، ويصمت الحديث السياسي حتى تنتهي فترة انتقالية يتم خلالها وضع دستور تشارك في وضعه كل الولايات ويعتمد بعد استفتاء الشعب عليه.. البلاد في حاجة لأن يصمت السياسيون حتى تنتهي الحرب وتستقر البلاد ويتم استيعاب كل تداعياتها، وتعالج كل مراراتها وآلامها وتزال كل آثارها.. فلا يرجى من عمل سياسي والنفوس مليئة شحناء وبغضاء.. ومازالت توترات فترة حكم السفارات تملأ الأجواء.. المطلوب الآن أن تقتصر حركة السياسيين على تأييد القوات المسلحة ودعمها بالشباب لتزداد كتائب المجاهدين، فالمُؤامرة كبيرة والكيد عظيم.
لسنا بحاجة لنبين قدرة القوات المسلحة على إدارة الفترة الانتقالية وفي نفس الوقت حاجة البلاد لسكوت سياسييها حتى حين.
لنركز على مسار المعركة حتى تطهير آخر شبر في أقصى البلاد، وعلينا ان نحافظ على تلكم الصورة الزاهية لتوحد الشباب – على اختلافهم – دفاعاً عن الوطن، تلكم الصورة التي اوضحت إخلاصهم وبذلهم وعطاءهم وتضحياتهم، علينا أن نحافظ على هذه الروح خشية ان تفسدها السياسة او يعرقل عطاءها الساسة..
حفظ الله البلاد والعباد وألهم قادتها وسياسييها وإعلامييها ونشطاءها، الهمهم جميعاً الرشد والصواب.
ونواصل إن شاء الله رسم خارطتنا عسى أن نسهم في تحقيق نهضة بتخطى العقبات والتغلب على العثرات، الله المستعان