«بعبع» المليشيا.. قصص يرويها القائد الشوبلي عن بطولات قوات «العمل الخاص» وعملياتها في دك حُصُـون الدعم السريع
قوات «العمل الخاص»، ظلت ولازالت تقوم بأعمال بطولية، لدحر المليشيا الإرهابية في مختلف بقاع السودان، حيث كبّدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.. نفّـذت تلك القوات الضاربة، مئات العمليات الخاطفة بأسلوب حرب المدن؛ الذي تتبعه المليشيا كتكتيك رئيسي في تحركاتها وهجماتها ضد المدنيين والقوات النظامية. ومن هنا نبعت فكرة إنشاء قوات «العمل الخاص» استجابةً لمتطلبات ميدان المعركة..
اليوم يتحدث الرائد البطل فتح العليم الشوبلي، قائد قوات «العمل الخاص» في محور سنار، عن طبيعة تلك القوات ونشأتها وتكوينها ومهامها وعقيدتها القتالية، في حفظ أمن البلاد والعباد.
فكرة «العمل الخاص»
يقول القائد الشوبلي، إنّ فكرة قوات «العمل الخاص» نبعت من حرب المدن والعصابات – استجابةً لمتطلبات ميدان المعركة -، إذ تحتاج لقوات خاصة تتميّز بالكفاءة العالية وسرعة الرد ومرونة الحركة وبهيكلة مُغايرة من حيث طبيعة التنظيم للقوات المشاة، حتى تستطيع هذه القوات إنجاز المهام المُكلّفة بها، والتمكن من الاستجابة للتحديات التي تُواجه القوات النظامية في الميدان، في ظل وجود عصابات مليشيا الدعم السريع، كان لا بد من إنشاء قوات تمتلك قدراً من المهارة والكفاءة القتالية ولها القدرة على الانتشار السريع واللياقة البدنية والنفسية العالية.
الاستراتيجية المتبعة
كشف القائد الشوبلي أنّ قوات «العمل الخاص» تتبع استراتيجية مبنية على معطيات كثيرة، أهمّها، كفاءة القوات نفسها ومعرفة إمكانياتها، ومن ثَمّ معرفة الطريقة التي يُقاتل بها العدو والإمكانيات التي يمتلكها، وبناءً على هذه المعطيات تُحدِّد قوات «العمل الخاص» ما هو المطلوب منها “تنفيذ عملية خاصة، نصب كمين، تنفيذ عملية تسلل ليلي، تنفيذ عملية هجوم مباشر، تنفيذ عملية استطلاع وغيرها من أنواع العمليات الخاصة”، مبيناً أنهم قد نجحوا بفضل الله، ثم بالتخطيط السليم في تحقيق كل ما تمّ التخطيط له.
ويوضح القائد الشوبلي، أنّ قوات «العمل الخاص» – محور سنار تكوّنت في العام ٢٠٢٤م، بمبادرة من سيادة العميد أمن/ إبراهيم أبوزيد قائد متحرك عمليات سنار بجهاز المخابرات العامة آنذاك، وبفضل ما حقّقته هذه القوات من إنجازات كبيرة في المحور، ظلت القيادة العسكرية بسنار تولي هذه القوات رعاية خاصة وتعمل على توفير احتياجاتها بصورة دائمة وعاجلة.
ويضيف: “هنا لا بد لي أن أشكر سيادة اللواء الركن د. ربيع عبد الله آدم قائد سيطرة سنار السابق، وسيادة اللواء الركن عبد المنعم عبد الباسط قائد سيطرة سنار، وكل القادة الذين أولوا هذه القوة اهتماماً خاصاً ومتابعة مستمرة، وبفضل ذلك أصبحت قوات العمل الخاص حصاناً رابحاً بفعل قُـدراتها التكتيكية على التعامل مع أشدّ المهام صعوبةً وأكثرها تهديداً”.
معارك سنار
خَاضَـت قوات «العمل الخاص»، عشرات المعارك، في ولاية سنار، واستطاعت ببسالة جنودها من استرداد، سنار بكامل جغرافيتها، والآن تحت سيطرة القوات المسلحة وتعيش حالة استقرار أمني، ما عدا وجود جيوب للمليشيا عبارة عن مجموعة نهب مسلح في الجنوب الغربي لسنار في الحدود مع ولاية النيل الأزرق، عقب كسر شوكتها وباتوا (نهّابة كسابة). “وإن شاء الله قريباً وقريباً جداً ستكتب نهاية هؤلاء المرتزقة الذين ظلوا يُروِّعون الآمنين من أهلنا في تلك المناطق” – بحسب حديث القائد الشوبلي.
التاريخ سيقف طويلاً
الشوبلي أكد بثقة عالية، أن التاريخ سيقف طويلاً عند البطولات التي قدمتها قوات «العمل الخاص» – محور سنار في معركة الكرامة، حيث إنّ هذه القوات منذ تأسيسها ظلت تحقق الانتصار تلو الانتصار، وتنفذ كل المهام التي أوكلت لها بكفاءة ومهنية عالية، وكان لها الدور الكبير في الدفاع عن سنار ومثلت رأس الرمح في التصدي لهجمات المرتزقة ولقّنتهم درساً في الدفاع عن الأرض والعرض.
مشدداً على أنها ظلت تعمل جنباً إلى جنب مع تشكيلات القوات المسلحة، وشكّلت الدرع الحصين لأمن واستقرار مدينة سنار.
ويضيف: “ما حقّقته قوات «العمل الخاص» بمحور سنار في معركة الكرامة ما كان له أن يتحقّق لولا عملها في منظومة أمنية واحدة مع كل القوات بمختلف تشكيلاتها، بفضل وجود قيادة عسكرية خبيرة مُلهمة كان لها القدح المعلى في تطوير القوات وتوظيفها التوظيف الأمثل”.
دروسٌ قاسيةٌ
القائد الشوبلي كشف أن قوات «العمل الخاص» لقّنت مليشيا الدعم السريع، درساً قاسياً خلال كل المعارك التي دارت بكوبري العرب وكوبري ما يرنو وجبل مويا وسكر سنار وود الحداد والحاج عبد الله ومدني والحصاحيصا والكاملين والمسعودية وجياد، وضربت بيدٍ من حديد، قوات المليشيا في الكثير من العمليات الخاصة.
وقال: “خلال 9 أشهر فقط، وبعد خوضها لمعارك شرسة مع المرتزقة، دمرت قواتنا عدد 243 عربة للمليشيا تدميراً كاملاً واستلمت 76 عربة قتالية بكامل عتادها، وكبّدت المليشيا خسائر كبيرة في الأرواح وقضت على قيادات ميدانية للمرتزقة”.
الأوامر والتنسيق
قوات «العمل الخاص» في جميع المحاور تعمل تحت إمرة القوات المسلحة وتأتمر بأمرها – والقول للشوبلي – فهذه القوات في الأساس تضم في مكوناتها ضباطاً وضباط صف وجنوداً ومجاهدين من كل التشكيلات العسكرية، قوات مسلحة وجهاز مخابرات عامة ومجاهدين، وتعمل القوات المسلحة على توفير مواد تموين القتال لهذه القوة، بينما يعمل جهاز المخابرات العامة على تدريب القوة وتوفيق أوضاعها الإدارية من عمليات الإدخال والتدريب وتوفير الإعاشـة.
(بعبع) المليشيا
وقال القائد الشوبلي: “مليشيا آل دقلو يرهبها مجرد ذكر اسم قوات «العمل الخاص» – محور سنار، لأن ما فعلناه بها ومرتزقتها لم ولن تنساه، ففي كل المعارك التي خُضناها معهم انتصرنا فيها عليهم وكبّدناهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، لذلك تجدهم بين فينة وأخرى يطلقون الشائعات عن قواتنا ويتبجّحون بتحقيق خسائر فيها وقتل قاداتها”.
مؤكداً أنّ قوات «العمل الخاص» دحرت المليشيا في كل مدن ولاية سنار واخرجتها من جبل مويا صاغرةً، خاسئةً، خاسرةً، ودكّت حصونها بمصنع سكر سنار وطاردتها في ود الحداد، ودمّرت قواتها الصلبة في كامل الولاية، وواصلت في ملاحقتها بالحاج عبد الله ومدني والحصاحيصا والكاملين والمسعودية وجياد “ولا زلنا في قلب المعركة التي لن تنتهي إلّا بتطهير كل مدن السودان من أوغاد مليشيا آل دقلو”.
هل يُمكن تحقيق النصر الشامل على المليشيا؟
يرى القائد الشوبلي، أنّ بعض القلة المحسوبة على تيارات سياسية معينة، أخطأت وما تزال تتعمّد الخطأ وتصر عليه بأنّ القوات المسلحة السودانية وبقية القوات النظامية وقوات الإسناد لا يستطيعون النصر، مبيناً أنهم بدافع أيديولوجياتهم الفكرية، يهتفون لكل شيء إلا القوات المسلحة، ويعتزون بكل إنجاز للمليشيا وجاهزون للدفاع عن أي قضية تخص المليشيا والاحتشاد من أجلها وتبرير أخطاء أصحابها. ويضيف: “لكنهم أمام القوات المسلحة يقفون مُتربِّصين للهجوم عليها، والتقليل من إنجازاتها وأدوارها”.
ويؤكد أنّ كل من يُشكِّك في قُدرة القوات المسلحة في تحقيق النصر على المرتزقة؛ يُعد جاهلاً بتطورات الأوضاع على أرض المعركة ومتجاهلاً بالتضحيات الكبيرة التي تقدِّمها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. “وأقول لهؤلاء بأننا سنواصل الدفاع عن أرضنا وسيادتها واستقلالها، مهما كلفنا ذلك من ثمن، فلا يمكن لهذا الشعب السوداني إلا أن يحيا عزيزاً كريماً حُراً مستقلاً، وإننا نفخر بكافة منتسبينا في مختلف القوات النظامية والمجاهدين والمستنفرين من أبناء الوطن الذين أبوا إلّا أن يكون لهم الدور المُشرف في معركة الكرامة هذه وشرف النصر على المُرتزقة هؤلاء”.
الهروب الكبير
قطع القائد الشوبلي، بأنّ عودة المليشيا إلى ولاية سنار والمناطق المُحَرّرة، محض أوهام، مدللاً بانهيارات المليشيا طوال الشهرين الماضيين، وعدم صمودهم حتى في المناطق التي يسيطرون عليها الآن. وأبان بأنّ الجميع الآن يرى ويسمع عن مسلسل الهروب الكبير للمليشيا من ولاية الخرطوم وفي عدد من المناطق الأخرى، وكيف أنّ مرتزقتها يعيشون حالة من الهلع والرعب جرّاء الانتصارات المتواصلة للقوات المسلحة و«العمل الخاص»، وبسبب الهزائم المُتكرِّرة لهم في كل المحاور.
الدولة والصف الوطني
نادى الشوبلي، على ضرورة أن يتصارح كل السودانيين، ويتكاشفوا، بأن هذه البلاد لا تقبل القسمة على اثنين، فإمّا أن تكون معها بالمطلق، وإما أن تختار أن تقف مع غيرها، وأنه لا مكان لأنصاف ولاءات، ولا ازدواجية مواقف، ولا وقتٌ يسمح لاختبار السراير أو التساهل مع النكران والعقوق، مشدداً على أنّ الهدف الذي يجب أن يتواضع عليه كل من اختار هذه البلاد هو الانصهار في إطار الدولة الواحدة، والالتزام بمصالحها ومواقفها، والانتظام في صفها الوطني، وأنه لا مبرر لأحد للخروج عنه بتبني أي قضية أخرى.
تحدياتٌ أمام قوات «العمل الخاص»
يقول القائد الشوبلي، إنّ أهم التحديات التي تواجهها قوات «العمل الخاص» – محور سنار، هو تحول هذه القوات من العمومية إلى التخصصية بشكل أكبر، وذلك في مهارات ومهام مُحدّدة، للحفاظ على فعاليتها ولمواكبة التحديات التي تُواجهها.
وأضاف: “في ظل دخول التقنيات الحديثة في العمل العسكري، لا بد لقوات «العمل الخاص» أن تُعزِّز من المنظومة التقنية الحديثة التي تمتلكها والخاصّة بالمراقبة بالطائرات الدرونز واستخدام أنظمة الذكاء الصناعي والتي يمكن من خلالها تجميع وتحليل البيانات، وبالتالي، تحديد الأهداف، وتوجيه الضربات لتلك الأهداف بدقة عالية، هذا بالإضافة إلى استخدام التقنيات المتطورة في التشفير، حيث يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات تشفير قوية وتوفير أمان أعلى للاتصالات العسكرية والمعلومات الحسّاسة”.
معركة جبل مويا
تحدّث الشوبلي عن معركة جبل مويا التي زلزلت كيان المليشيا، وجعلت قائدها يخرج في حديث مصور، فاقداً للتركيز، مُحطّم المعنويات يجر أذيال الهزيمة.
واعتبر أنّ عملية استلام محطة جبل مويا، تُعد أحد أهم العمليات الناجحة التي نُفِّذت ضد المرتزقة، “وواجهت قواتنا خلالها مقاومة كبيرة من العدو، تكسّرت بفضل الله ثم بثبات وبسالة الأبطال”.
وقال: “رغم التحديات التي تواجه القوات في الحروب الجبلية، والتي تتمثل في صعوبة اختيار ومواقع القتال، وضيق أُفق الرصد والمُباغتة وخداع النظر وصعوبة التقدير، ورغم القوة الكبيرة التي حشدها العدو لهذه العملية، إلّا أننا بفضل الله، ثم بصمود أبطالنا استطعنا أن ندحره ونحدث خسائر كبيرة في صفوفه وفي محورنا فقط محور سنار – متحرك سيف النصر – استلمنا (24) عربة قتالية بكامل عتادها، ودمرنا عدد (14) عربة تدميراً كاملاً، واستلام مدفع D30 وعدد (3) مدافع هاون 82، بالإضافة إلى هلاك ما يقارب 350 مرتزقاً”.
الشوبلي أكد أن عملية تحرير محطة جبل مويا؛ مثلت فاتحة نصر في كل منطقة جبل مويا ومفتاح النصر في كل مدن السودان، إذ غيّر ذلك النصر كثيراً في مسار معركة الكرامة. ومضى في القول: “لقد قدّمنا تضحياتٍ كبيرة في سبيل تحرير جبل مويا، فقد استشهد العشرات من أبطالنا وجُرح الكثيرون، بينما مازال آخرون يواصلون المسيرة دفاعاً عن الوطن”.