تداولت مؤخرا وسائل إعلام سودانية وعربية، صورا لجثة جندي أوكراني في مدينة ود مدني بمحافظة الجزيرة السودانية فور تحرير المنطقة من قبل قوات الجيش السوداني، بعد أن سيطرت عليها قوات الدعم السريع المتمردة لمدة تزيد عن العام.
كما ذكرت المصادر الإعلامية، أن الجندي الأوكراني كان من مشغلي المسيرات الإنتحارية، ضمن صفوف قوات الدعم السريع، وفضلت السلطات السودانية التكتم عن الأمر لتجنب أي أزمة دبلوماسية قبل التحقق من الأمر، وفتحت بوابات التواصل مع الجهات الأوكرانية لتوضيح حقيقة دعم القوات الأوكرانية لميليشا الدعم السريع.
وتعليقًا على ذلك، قال الباحث في الشؤون السياسية محمود الدويني أن أوكرانيا أصبحت مطالبة بالتعليق بشكل واضح عن دورها العسكري في السودان، ولماذا أرسلت جنودها وما طبيعة عملهم هناك، فالصمت الذي تتبعه السلطات الرسمية في أوكرانيا، والاكتفاء ببعض التصريحات المبهمة يثبت تورطها في جرائم التطهير العرقي التي تتبعه قوات الدعم السريع في إقليم دارفور، وهو ما أثبتته العديد من المؤسسات الأممية والإنسانية في تقارير صادرة عنها منذ بداية الحرب السودانية.
وأضاف محمود الدويني أن هناك العديد من الدول التي تم إثبات تورطها المباشر في دعم القوات المتمردة السودانية، لكن لم تجرؤ أي من هذا الدول حتى اللحظة على الاعتراف بالتدخل المباشر والدعم العسكري المقدم للميليشيات خوفًا من التورط بعقوبات واتهامات بارتكاب مجازر ضد الإنسانية، خصوصًا في ظل حظر توريد الأسلحة الى إقليم دارفور من قبل مجلس الأمن.
وأشار الباحث السياسي إلى أوكرانيا على أنها الدولة الوحيدة التي اعترف بعض مسؤوليها بالتورط في هذا الصراع ودعم الطرف المتهم بارتكاب الجرائم الإنسانية والتطهير العرقي، وعلى الرغم من ذلك لم يخرج حتى اللحظة أي مسؤول على مستوى القيادة السياسية أو الديبلوماسية للبلاد لتوضيح ماهية التواجد العسكري الأوكراني في السودان، وقال أحمد عبد الله، أن على أوكرانيا أن تبرر التواجد عبر مسؤول على مستوى القيادة كالمبعوث الأوكراني لدى الأمم المتحدة في نيويورك أندريه ميلنيك.
دلائل وأرقام
يذكر أن الدلائل على التواجد العسكري الأوكراني بصف قوات الدعم السريع لم يقتصر على العثور على جثة مقاتل من القوات الأوكرانية فحسب، حيث انتشرت تقارير على سيطرة الجيش أكثر من مرة على مخازن سلاح تابعة للقوات المتمردة احتوت على طائرات مسيرة أوكرانية، بالإضافة الى تقارير نشرتها وسائل إعلام أوكرانية على رأسها “كييف بوست”، تؤكد وجود قوات خاصة أوكرانية تعمل في السودان بحجة محاربة المصالح الروسية خارج حدود جبهة القتال في الشرق الأوكراني.
وأكد متحدث رسمي باسم القوات المسلحة الأوكرانية، في مطلع هذا العام، عبر صفحته الخاصة على منصة فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لقوات “الدعم السريع” بدعوة شخصية من قائد القوات محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
إنتصارات استراتيجية
ومن الواضح في الأونة الأخيرة أن القوات المسلحة ورغم الدعم الأوكراني وغيره لقوات الدعم السريع يحقق إنتصارات استراتيجية في عدة محاور أهمها العاصمة الخرطوم، وأعلن المتحدث باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، في بيان “أكملت قواتنا اليوم (الجمعة) مع الوحدات المتحالفة معها تطهير منطقة ابوقوتة ومناطق بشرق النيل وكافوري من شراذم مليشيات دقلو الإرهابية.
وبهذا تكون القوات المسلحة السودانية قد أقتربت من السيطرة الكاملة على بحري وأم درمان، وتتبقى الخرطوم ليتم السيطرة على كل المدن الإستراتيجية قبل التوجه الى أخر معاقل قوات الدعم السريع في دارفور.
وبعد الإقتراب من السيطرة على العاصمة، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان يوم السبت، تشكيل “حكومة تصريف أعمال أو حكومة حرب” خلال الفترة القادمة لاستكمال مهام الانتقال. وأدلى البرهان بهذه التصريحات خلال مشاورات نظمتها قوى سياسية بمدينة بورتسودان.
وأضاف “أن الغرض من هذه الحكومة إعانة الدولة لإنجاز ما تبقى من الأعمال العسكرية والمتمثلة في تطهير كل السودان من المتمردين”، لكنه لم يذكر الموعد المحدد لتشكيل حكومة جديدة. كما شدد البرهان قائلا “لا تفاوض مع المتمردين، وإذا وضع المتمردون السلاح وخرجوا من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بعد ذلك يمكننا الحديث معهم”.