كتب: نورالدائم طه
ما يجري في الفاشر حالياً لا يمكن النظر إليه باعتباره مجرد تطور ميداني عابر، بل هو تجلٍ واضح لمعركة مصيرية على مستقبل السودان ووحدته، وعلى حق شعوبه في العيش والبقاء الكريم على أرضهم.
والجدير بالذكر أن دعوات إخلاء الفاشر التي صدرت مؤخراً من الطاهر حجر والهادي إدريس لا تعبّر بأي حال من الأحوال عن حرص هؤلاء على أرواح المدنيين العزل كما يزعمون. بل هي جزء من ترتيبات مُحكمة تهدف إلى تمهيد الطريق لاقتحام المدينة من قبل مليشيا الدعم السريع واستباحتها ونهبها.
ما يقوم به حجر وإدريس هو تنفيذ عملي لأخطر مؤامرة تهدف إلى إحداث أكبر “تغيير ديمغرافي في تاريخ دارفور”، وذلك بطرد السكان الأصليين من أرضهم، وتوطين عناصر أجنبية ضمن مشروع استيطاني قذر يمنح فيه أمثال هولاء المتواطئين الغطاء السياسي والإعلامي للجنجويد.
إن موقف الطاهر حجر والهادي إدريس ليس مجرد غباء سياسي، بل هو خيانة موثقة للتاريخ والجغرافيا والدم. هؤلاء، الذين خرجوا من رحم القضية الدارفورية، انقلبوا على القضية ووافقوا على ذبح أهلهم وقضيتهم، وآثروا الاصطفاف المدفوع الثمن إلى جانب الجنجويد، مهمتهم الأساسية تبرير جرائم مليشيا الدعم السريع وتسويق مشروعها الإثني الذي يدعو إلى تدمير دولة السودان وإقامة دولة “العطاوة” تحت قيادة آل دقلو.
إنّ دعوتهم لإفراغ المدن من سكانها من المدنيين وتركها فريسة للاجتياح والنهب والتدمير خير دليل على خيانة هؤلاء لقضية أهلهم العادلة التي تدعو لعودتهم إلى مناطقهم الاصلية.
لقد فات على هؤلاء أن أبناء الفاشر، وأهل دارفور، وكل السودانيين، يدركون عدالة قضيتهم. هذه القضية التي قاومت لعقود طويلة التهميش السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، لن تسمح اليوم بأن تُغتال من الداخل، أو أن تُسلَّم على طبق من ذهب للجنجويد وأعوانها.
في المقابل، تسطِّر القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والمستنفرين من أبناء وبنات الشعب السوداني صفحات مشرّفة من المقاومة والتضحية، دفاعًا عن الأرض والعِرض، وعن وحدة السودان وهويته. وهي لا تخوض هذه المعركة وحدها، بل تُحظى بسند واسع من جميع قطاعات الشعب السوداني
وهنا، نؤكد على ما يلي:
أولاً: ان ما يحدث في دارفور، وتحديدًا في الفاشر، ليس شأنًا محلياً، بل هي معركة سودانية شاملة تتعلق بالمصير الوطني، وبحق الشعوب في البقاء، والسيادة، ورفض الاستعمار الداخلي.
ثانيًا: ان أبناء دارفور، وكل الضحايا في مختلف أنحاء السودان، مطالبون اليوم بأن يتقدّموا إلى محكمة الجنايات الدولية (ICC) بملفات هؤلاء ضمن ملفات مليشيا الدعم السريع، وأن يطالبوا بمحاسبة كل من تواطأ، أو أمر، أو سهّل، أو دعا او شارك في هذه الجرائم. فالإفلات من العقاب يجب أن يتوقف، والعدالة الدولية يجب أن تتحرك.
ثالثًا: ان مشروع الاستيطان والاقتلاع هذا، وإن تواطأ معها البعض، لن ينجح، لأن الأرض لها أهل، والتاريخ لا يُزوَّر، والشعوب لا تُهزَم طالما ظلت تقاوم.
وسيندم الطاهر حجر والهادي إدريس وغيرهما من رموز التواطؤ والخيانة لأهلهم، ولن يقدروا على رفع رؤوسهم أمام أهلهم، لأن المواقف تسجل، والدم لا يُنسى.
الفاشر ستبقى عصية بأهلها،
ودارفور لن تُسلَّم للمليشيا الإرهابية، والقضية السودانية ستنتصر، لأن الحق لا يُهزم، وسيبقى السودان موحداً.