الساعة كم؟!

كتب: هشام الخليفة

من الظواهر الأكثر انتشاراً في المجتمعات العربية والإسلامية، ظاهرتا العين والحسد، وحتى في المجتمعات الغربية المتحضرة فهى موجودة ويسمونها الـ(evil eye)، أي (العين الشريرة) وهو اعتقاد جاء في الحضارة اليونانية ثم انتقل منها لبقية المجتمعات الغربية.
تختلف طرق معالجة هذه (اللعنة) من مجتمع لآخر، غير أن الإسلام قد أرشدنا إلى الطريق الصحيح وهو الرقية الشرعية. فقد جاء فى الأثر ان النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعوٌِذ الحسن والحسين فيقول: (ان اباكما كان يعوذ إسماعيل واسحق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة). غير ان المعالجة كانت وما زالت في احيان كثيرة عن طريق اشخاص يسمونهم “الشيوخ” وما هم بشيوخ يقومون بكتابة طلاسم و (شعاويذ) على أوراق وأحياناً ملابس أو ممتلكات الشخص المقصود بـ(العمل).

سأروي هنا بعضاً مما شاهدت وسمعت في هذا الخصوص.
يحكى لى احد الاصدقاء ان له قريبا شابا فى منتهى الذكاء والنضارة استطاع بما حباه الله به من عقل نير وبصيرة نافذة ان يجتاز كل مراحل التعليم بسهولة ويسر ثم التحق بإحدى كليات القمة وتخرج فيها بامتياز وهنا تنافست الشركات على تعيينه ضمن طواقمها حتى استقر اخيرا في احداها براتب يسيل له اللعاب. ثم ما لبث ان قفز في السلم الوظيفي قفزات فتجاوز أقرانه وحتى من هم اقدم منه في الشركة. جلب له هذا التفوق متاعب شتى فقد بدأ أقرانه يكيدون له عند رؤسائه والادارة العليا، ولكن كل ذلك لم يجد فتيلا واستمر في طريقه يرتقي من درجة إلى درجة أعلى. هنا بدا البعض (اللعب الخشن) أو (الضرب تحت الحزام). فجأة شعر هذا الشاب بتغييرات على جسده وظهرت بعض البثور الصغيرة التى سرعان ما تحولت إلى قشور اشبه بقشور الأسماك حتى بدا منظره منفراً، هنا قام الشاب بطلب اجازة ثم سافر إلى بلدة بعيدة بها احد أصدقائه طلباً للشفاء.
يقول الصديق ان ام الشاب وقد أصابها الهلع مما المّ بابنها من ضرر بدأت تبحث عن الحل فسلكت طريق (الشيوخ). في أحد الأيام اتصلت بصديق ابنها واخبرته ان احدهم قد تعرف على نوع (العمل) الذى اصاب ابنها فى مقتل وطلب منها ان تذهب إلى المقابر وتحفر في مكان معين وعندما حفرت في المكان المقصود وجدت قطعة من الملابس الداخلية عليها طلاسم فأحضرتها للشيخ. طلب منها الشيخ ان تتصل بابنها وتطلب من ان يبقى مستلقيا على سريره في اتجاه النافذة، وعندما فعل ذلك قام الرجل بحرق قطعة الملابس. في تلك اللحظة اطلق الشاب صرخة عالية وبدأ يقول انه شاهد طائراً اسود يخرج من رأسه، ثم يطير مختفيا عن طريق الشباك!!!. فى تلك الليلة نام الشاب نوما عميقا وفى الصباح وجد ان البثور بدأت تختفي شيئاً فشيئا حتى اختفت تماما وعاد جسده إلى شكله الطبيعي. وهكذا انتهت قصة (عمل شرير) كاد ان يقضى على احلام ومستقبل شاب طموح. هذه القصة نقلتها كما سمعتها بالضبط والله على ما أقول شهيد.
يقول الشاعر:
العين حق وذو الأرزاق محسود
والحاسدون له قلوبهم سود
لا تخبر الناس عن أشياء تملكها
فكل ثمين بطرف العين مفقود
لو يقدر الناس من لؤم ومن حسد
اذا أتى العيد لا يأتى لك العيد

*******
القصة الثانية سمعتها من احد الأقرباء واعرف أطرافها تماماً. قريبى هذا عازب (عريق) لم يفكر في الزواج أبداً برغم وضعه المادي والوظيفي المريح، فكان بذلك هدفاً لكثير من فتيات الأسرة والمعارف، غير ان هنالك فتاة بعينها من بنات الجيران كانت اكثرهن رغبة في التقرب منه ومحاولة اجتذابه حتى ينتهي الأمر بالزواج. حاول كثيرا ان يرسل لها الرسائل بأنه عازف تماماً عن الزواج وان لا أمل ابدأ من محاولاتها ولكن دون جدوى.
في أحد الأيام وعقب زيارة قامت بها هذه الفتاة لهم تفاجأ بوجود (طائر صغير ميت) على الكرسي الذي يجلس عليه، فاندهش ولكنه حفظه في مكان بعيد ريثما يعرف السر هل جاء الطائر من الخارج ثم سقط ميتا فجأة ام انه قد جلس عليه دون أن يشعر فمات ام ماذا؟ بعد أيام تكرر الأمر، وفي هذه المرة وجد (ضباً ميتاً) فبدأ ينزعج من الامر واحس ان في الأمر شيئاً، فقصد احد الأشخاص المعروفين في (العمل والعمل المضاد) فحكى له القصة. اخبره ذلك الشخص بأن هنالك فتاة تحاول اصطياده وان هذه وسيلة معروفة مثل ان يضع الصياد السنارة او الشبكة ثم يجلس ينتظر الرزق وان الطريق الوحيد لفك هذا العمل هو ان يربط الاثنان (الطائر والضب) بخيط وان يلقى بهما من فوق الحائط فيرجعان من حيث اتيا، ثم يقرأ الآية ٣٧ من سورة النمل: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ). وهذا ما فعله ففهمت الفتاة القصة وابتعدت عنه للأبد.

أما القصة الثالثة ففيها طرافة وفيها ظرافة ومداعبة، فأنا أعرف أطرافها أيضاً وهي عن زوج وزوجة كانا يعيشان حياة زوجية سعيدة هانئة لا ينقصها اى شئ، فالزوج ميسور الحال يتدفق المال بين يديه مدراراً وتجري الخيرات من تحته ومن فوقه انهاراً، غير ان الزوجة كانت كثيرة الوساوس ان يغريه ماله وجماله ان يقدم على الزواج مرة ثانية خصوصاً وانه قد انتشرت في تلك الفترة ظاهرة (الشلِب) وكانت الفتيات يتغنين في الأفراح بأغنية راجت رواجا عظيما عن (راجل المرة) وانو (حلو حلاة) وبما انها كانت من المؤمنين بالشيوخ (وأعمالهم)، فإنها كانت تصرف جل ما تملك في (هذا المصرف). كانت للزوج عادة ان يضع كف يده اليمنى تحت المخدة ورأسه فوقها عندما ينام. ذات يوم أحسّ بحسم غريب في المخدة تحسسه بيده فإذا بشئ صغير مربع بين المخدة والكيس. أخرج هذا الشئ فإذا به يجد (بخرة كاربة) قد وضعت بعناية تحت رأسه. كتم الأمر عن زوجته وقد انتوى (رد العدوان) بطريقة لطيفة ظريفة فقام بتحويل البخرة إلى المخدة التي تنام عليها زوجته ثم صمت ولم يخبرها بشيء وبدأ يراقبها. بعد ثلاثة أيام اكتشفت (اللغم) الذي كانت تنام عليه لفترة لا تدري كم!، فأصابها الفزع والخوف والهلع وظل الزوج يضحك في سره وجهره على (الكرة المعكوسة) و (الهجمة المرتدة) التي قام بها في (ملعب الخصم).

اما قصة العنوان فهى ترجع إلى مجموعة من النساء اعتدن الذهاب إلى واحد من الجماعة فى منطقة “عشش فلاتة” قبل أن ينقلوها إلى منطقة أخرى. هذا الرجل يبدو أنه كان (سريع النهمة) فكان يسأل من تقصده في خدمة عن مدى سرعة التنفيذ، فإن قالت أريدها بعد شهر فيكون المقابل عشرة آلاف جنيه، اما ان قالت إنها تريدها بعد اسبوع فإن المقابل يرتفع إلى عشرين، وهكذا يتضاعف المقابل كل ما كان التنفيذ قريباً!!! ولذلك أطلقت عليه النساء اسم (الساعة كم؟!!). هذه قصة حقيقية أعرف أطرافها وما زلت امازحهن بذلك، بل إنني أطلقت على قائدة المجموعة اسم (الساعة كم ؟!!).

كانت هذه سياحة قصيرة فى ظاهرة انتشرت وتنتشر فى المجتمع السوداني نتمنى أن تزول قريباً.
(قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) سورة التوبة الآية ٥١.

الآن وقد بدأت بشريات العودة إلى الوطن، فإنني أشعر بفرح غامر، فكل يوم تخرج عشرات البصات وهي تحمل أهلنا عائدين إلى حضن الوطن، فتشعر بقشعريرة تسري في جسدك وانت تسمع أصوات التهليل والزغاريد ممزوجة بالهتافات (تحيا مصر)، فمصر قد احتضنتنا حين عز الرفيق والصديق. فشكراً مصر والتهنئة للشعب السوداني ولقواتنا المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين على اندحار هذا العدوان الغاشم وما النصر الا من عند الله.
وسلامتكم.

*فجعت بل فجع كل الشعب السودانى بوفاة رمز من رموزه البارزة الكابتن طيار حسن عثمان بابكر واحد من أنبل وأطهر وأنقى الرجال. العزاء لإخوانه وأخواته وأبنائهم وبناتهم ولكل آل بابكر صالح بننه في العيلفون والخرطوم وحلفاية الملوك وكل أنحاء العالم.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
القاهرة – العيلفون
*واتس اب 00201117499444

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.