مع رفض زيلينسكي لهدنة عيد النصر هل تشهد الحرب الروسية – الأوكرانية فصلاً جديداً

تستعد العاصمة الروسية موسكو في 9 مايو / أيار للاحتفال بالذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي وحلفائه في الحرب العالمية الثانية، ويعد هذه اليوم مناسبة وطنية لا مثيل لها، وتتضمن هذه الاحتفالات عروضاً عسكرية، بالإضافة إلى فعاليات تكريمية لقدامى المحاربين والمشاركين في العمليات العسكرية الحالية بأوكرانيا وغيرها من الدول.
ومع نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعه الجانب الأوكراني، لوقف إطلاق النار وتوقف كافة العمليات العسكرية في أيام الذكرى الثمانين للنصر من 8-11 من مايو الحالي، في خطوة إيجابية تهدف للتهدئة في ظل المعارك على جبهات القتال.
الا أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي رفض مقترح الرئيس الروسي بشأن وقف إطلاق النار، وأكد أن كييف لا تستطيع ضمان سلامة الضيوف الأجانب الذين سيحضرون العرض العسكري في موسكو يوم 9 مايو، في تهديد مبطن لجميع الشخصيات والقادة الذين سيحضرون احتفالات عيد النصر بشأن سلامتهم وأمنهم.
هذا التهديد دفع برئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، لتحذير الحكومة الأوكرانية من التفكير بمحاولة الهجوم على موسكو خلال احتفالات عيد النصر يوم 9 مايو الجاري، وأضاف، أن التهديدات المبطنة التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بشأن إمكانية توجيه ضربات إلى موسكو في يوم النصر هي مجرد استفزازات. وتابع: “لو وقعت هجمات من هذا القبيل، فقد لا ترى كييف النور في يوم 10 مايو التالي”. وإضافة مدفيديف، أنّ الهدنة التي اقترحها الرئيس الروسي تهدف إلى “اختبار استعداد” كييف للسلام.
ومن المتوقع أن يشارك هذا العام قادة حوالي 20 دولة في الاحتفالات بالذكرى الـ80 للانتصار على النازية في موسكو، من بينهم الرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، إلى جانب قادة كازاخستان وبيلاروس وكوبا وفنزويلا. بالإضافة إلى رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو، ورئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك.
وستشهد الإحتفالات تمثيلاً عربياً يتمثل بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي سيصل إلى موسكو في 8 مايو المقبل، ومن المتوقع أن يجري محادثات مع الرئيس بوتين في 10 مايو، سيتم خلالها بحث الوضع الإنساني الكارثي في غزة والإجراءات العسكرية الإسرائيلية، وآفاق حل الصراع وتحقيق السلام العادل للشعب الفلسطيني، وهي خطوة غاية في الاهمية وفقاً للخبراء والمحللين السياسيين، ومن الضروري أن يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاضراً للإحتفالات على أمل ان تتوج هذه الزيارة بإيجاد حل ووقف الإبادة التي تحدث في غزة.
خصوصاً في ظل الإبادة الإسرائلية المستمرة على قطاع غزة بدعم غربي منذ 7 أكتوبر 2023 بحق ألف من العائلات الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، ورفض تل أبيب لوقف إطلاق النار، ما يشبه الموقف الأوكراني، الأمر الذي يدل على أن وقف الحرب لكل من أوكرانيا وإسرائيل، يعني هزيمة دول الغرب الداعم لكييف وتل أبيب، ومن غير المستبعد تماماً، أن يكون الغرب هو من يقف ويدعم تهديدات كييف في محاولة منهم لضرب عصفورين بحجر واستهداف بوتين وعباس معاً.
بالعودة الى تهديدات زيلينسكي، يرى المحلل السياسي الدكتور محمد صادق ، أن رفض فولوديمير للهدنة يحمل دلائل ومؤشرات خطيرة حول نواياه للاستمرار في هذه الحرب، خصوصاً وأن زيلينسكي يعي تماما أن السلام وإنهاء الصراع سيؤدي إلى ازاحته عن الحكم، بالإضافة إلى قطع الدعم المالي والعسكري والسياسي الأمريكي-الأوروبي له، الأمر الذي يهدد بقاءه في منصبه.
وأشار صادق ، إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت سابق، حين أكد عبر منشور طويل شديد اللهجة على منصته تروث سوشال، “إن تصريحات زيلينسكي التحريضية هي التي تجعل إيجاد تسوية لهذه الحرب أمراً صعباً”، خصوصاً مع تأكيدات الجانب الروسي مراراً أن روسيا مستعدة، لانهاء الصراع في أوكرانيا.
في السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن تصريح فلاديمير زيلينسكي بأنه “لا يضمن الأمن في 9 مايو على الأراضي الروسية” يعتبر تهديداً مباشراً.
وأضافت زاخاروفا في حديث لوكالة نوفوستي اليوم: “التصريحات التي أدلى بها زيلينسكي ليست محض صدفة بتاتاً، بل هي تهديد تقليدي من إرهابي دولي. ولهذا السبب بالذات رفض رأس النظام في كييف، في إحدى المقابلات الصحفية، الهدنة التي اقترحها رئيس روسيا خلال الأيام التي ستجري فيها الفعاليات الاحتفالية بمناسبة النصر في الحرب الوطنية العظمى، وهدد بشكل لا لبس فيه زعماء العالم الذين يخططون لزيارة موسكو في 9 مايو.يدل على تورط المخابرات الأوكرانية، في عمليات تخريب في الكثير من الدول، ويؤكد على تورطها في كل الهجمات العسكرية الإرهابية التي حصلت ضد المدنيين في الدخل الروسي، ويشير إلى نية مسبقة لدى كييف بإفساد الاحتفال بعيد النصر، ورفضها لأي تهدئة أو سلام جدّي وشامل.
عمليات التخريب الاوكراني التي ذكرتها زاخاروفا لم تقتصر على روسيا وحسب بل وصلت الى القارة للسمراء، حيث شهدت مالي في أواخر العام الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، بعد إقرار مسؤول أوكراني رفيع، بـ”ضلوع الحكومة الأوكرانية” في تكبد الجيش المالي خسائر كبيرة في معارك مع انفصاليين أزواديين، في انتهاكاً وأضح لسيادة مالي وجيشها.
هذا ولم تقف المخابرات الأوكرانية هنا بل وصل الامر الى التدخل في الحرب الاهلية في السودان ودعم ميليشيات الدعم السريع، وهو ما أكدته الأنباء والتقارير وتصريحات الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا، مكسيم صبح، والذي قال خلال مقابلة له، في فبراير الماضي بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد إلى جانب قوات الدعم السريع”.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.