لم يمضِ سوى أقل من شهرين على تركيب الرادار الإسرائيلي المتطور في إقليم بونتلاند الانفصالي حتى بدأت رحلة استهداف بورتسودان ومواقعها الحيوية في الحال؛ فالتقرير الذي كشف عن هذه المعلومات لم يجف قلم كاتبه بعد، لتقوم الدويلة بتنفيذ الهجمات على بنوك وأهداف تم رصدها بدقة متناهية وتنسيق عال.
التقرير الذي نشره موقع “Defense Security Asia” في أبريل الماضي، كشف أن القاعدة الإماراتية في مطار بوصاصو في بونتلاند أصبحت تمثل حديقة خلفية للدويلة لنقل السلاح والعتاد الحربي لمليشياتها المتمردة بصورة سرية وهو الأمر الذي وثّقه التقرير بصور حديثة للأقمار الصناعية أظهرت رحلات جوية متكررة بمعدل ثلاث رحلات يومياً من أبوظبي إلى بوصاصو ثم إلى نيالا.
المُلفت أن التقرير كشف عن رادار إسرائيلي معروف بـELM-2084 ثلاثي الأبعاد تصنعه شركة ELTA Systems التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، تم تركيبه في مارس المنصرم بالقرب من المطار على مرمى ومسمع من الحكومة الانفصالية بقيادة سعيد عبد الله دني الذي تربطه مصالح شخصية مع أبوظبي.
إن استهداف مدينة بورتسودان توالياً على مدار ثلاثة أيام على التوالي يؤكد تماماً أن الدويلة دخلت حرباً مباشرة مع السودان كانت تستعد لها منذ وقت وان حالة استعدائها للجيش السوداني أصبحت واضحة للعيان، كما أن ما ذكره الفريق محجوب بشرى قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية أثناء تنويره للبعثات الدبلوماسية، يؤكد ذلك، فالدويلة استهدفت بورتسودان ب 11 مسيرة انتحارية للتغطية على مسيرة استراتيجية واحدة كانت تستهدف محطة الرادار في فلامنقو وقاعدة عثمان دقنة الجوية وبعض المنشآت الاستراتيجية المدنية المهمة.
كل الأدلة تشير إلى أن الدويلة بدأت تستغل تواجدها الكثيف في الصومال بأقاليمه المختلفة لإدارة حربها الجديدة مع السودان.
نشر هذا النظام الإسرائيلي في بونتلاند التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، يزيد من تفاقم الأزمات بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وسلطات الإقليم؛ فبينما تسعى الحكومة المركزية إلى تعزيز سيادتها، تقوم الدويلة بتعزيز وجودها العسكري في مناطق خارج سيطرة الحكومة المركزية مما يُثير تساؤلات حول دعمها الكبير لتوجهات انفصالية لهذه الأقاليم.
لن أندهش من علاقة إسرائيل والدويلة المتقاربة، لدرجة أن تبيعها تكنولوجيا متطورة بهذا القدر، فهما في شهر عسل طويل لا تعكر صفوه تطورات الإقليم أو العالم، ولكن ما استغربه هنا كيف تسمح حكومة بونتلاند بأن تُجر رجلها في مستنقع الحرب الإقليمية التي تشنها الدويلة على شعب السودان ومقدراته الاستراتيجية، كيف يسمح الرئيس سعيد عبد الله داني للدويلة باستخدام أراضٍ صومالية لضرب السودان وتهديد أمنه القومي والإقليمي؟
في اعتقادي أن ما يحصل في بونتلاند ما هو إلا امتداد لنفوذ إسرائيل والدويلة في العمق الأفريقي، فأبوظبي أصبحت ترى أن حربها بالوكالة في السودان ما عادت تجدي نفعاً لا سيما بعد دحر غزوها البري للعاصمة الخرطوم، مما يجعل التعويل على مليشياتها المهزومة في المستقبل القريب مسألة غير جديرة بالثقة.
يعني أن الدويلة ترى أن المليشيا لم تعد تستطيع مقارعة الجيش أكثر من ذلك، لقد انهارت قواها ونفق قاداتها العِظام وانفرط عقد مكوناتها القبلية والمناطقية وأن زمان هروبها أمام جحافل الجيش المتجه لدارفور يلُوح في الأفق؛ عندها ستخسر الدويلة وشركاؤها كثيراً، وسينكشف ظهرهم أمام العالم كما انكشف في الخرطوم ومدني وغيرهما من المدن التي عرّد منها الجنجويد، تاركين وراءهم أدلة وبراهين تلاحق الدويلة في كل مكان.!
من جهة أخرى، فإن الدويلة باتت على ثقة تامة بعزم وإصرار الجيش على تحرير كل شبر في دارفور، وازدياد وتيرة الإمداد العسكري والحربي للمليشيا عبر مطار نيالا مع الأوامر الصارمة بزيادة الخناق والحصار على الفاشر لتتمكن المليشيا من دخولها والسيطرة عليها وإبادة كل من فيها في أقرب وقت ممكن، ما هو إلا نتاج لهذه الثقة.
إغراق نيالا بالوفود الاستخبارية والعسكرية الإماراتية تحت غطاء الدعم الإنساني عبر جوقة من العملاء والممثلين، على رأسهم المجرم غيث الذي كان يتجول في نيالا قبل أسابيع من الآن أيضاً للتغطية على جريمة تركيب منظومات تشويش ودفاع جوي في نيالا، ولكن هجمات نسور الجو السودانية خفض من وتيرة المسرحيات الإنسانية والإمدادات العسكرية.
كل ذلك يحدث في وقت قصير وبخطى متسارعة خاصة بعد تحرير الخرطوم، فهذه الحرب التي بدأت بالتمرد والغزو البري، ثم باستهداف المرافق الخدمية في المدن الآمنة، ثم لاحقًا باستهداف مستودعات النفط ومطار وميناء بورتسودان قامت من أجل وصول الجيش لدارفور.
نعم في سبيل ألا يصل الجيش لدارفور يمكن أن تدمر الدويلة كل السودان، في سبيل منع وعرقلة متحركات الجيش لفك حصار الفاشر يمكن أن تحرق الدويلة كل المطارات، في سبيل قطع الطريق على الزحف المتجه صوب الفاشر ستُضرم النيران وتستهدف المرافق بالمسيرات سيفعلونها مرة واثنتين وثلاثاً بمساعدة كل الدول على رأسهم الكيان المغتصب.
سيفعلون كل ذلك لكنهم ينسون إرادة الله التي تحمي دائماً شعبنا وأرضنا من عدوانهم الغاشم، ينسون إرادة الله التي هزمتهم في أول يوم من الحرب عندما كانوا في عز قوتهم وطغيانهم، إذا كان الله يريد لهذه الدويلة النصر لتقلدت مليشياتها المتمردة حكم السودان أولى أيام الحرب، ولكن شاءت أقدار الله أن يهزمون شرّ هزيمة ليكتب التاريخ أن نهاية الجنجويد كانت على يد الجيش السوداني البطل.
اللهم برداً وسلاماً على السُّودان
Comments are closed.