إلى رئيس الوزراء.. إني لك ناصح أمين

علي عبد الكريم

دخلت البلاد، مرحلةً جديدةً باختيار رئيس للوزراء، وكالمعتاد كثرت التعليقات بين مؤيد للشخص الذي اُختير وبين معارض، وصاحبت التعليقات، تفاصيل كثيرة حول المؤهلات والخبرات والقدرات وكلٌّ يوظفها بما يخدم وجهة نظره.. أنا شخصياً ما كنت أرى أهمية لتعيين رئيس وزراء مدني، فالمرحلة مرحلة عسكر، ومن المفارقات أن البلاد تعيش فعلياً، بمعنى فعلياً بدون رئيس وزراء منذ ست سنوات، أي منذ إنشاء المنصب بموجب ما نصت عليه ما تسمى وثيقة دستورية، بل لا نبالغ إذا قلنا إن المنصب جاء على البلاد بالساحق والماحق!!

ولكن بعدما اتخذ ولي أمر البلاد قراره، ما علينا إلا أن نتفاءل، نكبح مشاعرنا ونحتفظ برأينا، ونكف عن التعليقات.. ونتمنى للرجل التوفيق.
وما دمنا نتمنى للرجل التوفيق بصدق وإخلاص، فمن واجبنا أن نقدم له ما نحسبه نصيحة.
نقول إنّه لولا تضحيات وثبات وإيمان وإخلاص رجال القوات المسلحة والوطنيين الذين التفوا حولها وإرادة هذا الشعب الأبي، لولا ذلك ما كان لهذا المنصب أن يكون.
ونقول إنّ ما وصلت له البلاد من دمار وخراب وما عاناه المواطنون من تشريد وفقدان أمنهم وممتلكاتهم، وما تعرضوا له من قتل وتعذيب وإهانة وإذلال، كل ذلك وأكثر من ذلك كان بفعل رجال سياسة، أو بهذه الصفة يعرفون!.

إنّ استعراض تاريخ البلاد منذ الاستقلال يؤكد أن آفة البلاد تكمن في الممارسة السياسية.. لذا فإن نصيحتي أن تبعد تماماً، تماماً عن السياسيين على الأقل في عامك الأول، تجنب الاجتماع بهم، لا تهدر وقتك في لقاءاتهم، لا تجهد نفسك في الاستماع لهم، أقول ذلك واحسب إنِّي لك من الناصحين.

أبدأ اهتماماتك واجتماعاتك ولقاءاتك مع المزارعين، ركز جهدك وفكرك لحل مشاكلهم وتيسير أمورهم، وسِّع أمامهم فرص زيادة الإنتاج، وأعنهم لتسويق منتجاتهم، أرفع مستوى معيشتهم.. ثم تمتد لقاءاتك من بعد مع رجال الأعمال والتجار، ثم مع رجال الصحة والتعليم وبقية المهن.. أبعد عن رجال السياسة في هذه المرحلة.
لا شك أنّك تولّيت المنصب في ظروف صعبة، فالبلاد تعيش أوقاتاً متوترة، وأجواءً مضطربة، وخراباً غير مسبوق، ولكن العزاء أنك ستعمل في ظل قوات مسلحة وطنية قومية قوية متماسكة ذات خبرات سياسية كما خبراتها العسكرية، وهذا مما يتيح لك الفرصة لتُركِّـز على المسائل المعيشية، وتضم اسمك لقائمة قادة انتشلوا بلادهم من وهدة الفقر والتخلف إلى النمو الاقتصادي والاستقرار المالي، والاستفادة من الثروات، وهي بفضل الله كثيرة ومتنوعة ومتنامية.

نقول رغم كل الظروف، إلا أن الفرصة كبيرة للنهضة بالبلاد وتحقيق مستوى معيشي كريم لكل فئات المجتمع، ركِّز على الاهتمام بالمنتجين، تجاوز كل قديم، ضع أسساً اقتصادية جديدة، ونظماً مالية جديدة، حقِّق المساواة، عزِّز المنافسة والشفافية، ونضيف جانباً آخر يتعلق بالاهتمام بالولايات بما يدعم الحكم الفيدرالي ويهيكل البلاد بما يتناسب وظروفها وتكويناتها وطبيعتها، نكتفي الآن بذلك، ونعلم أنّك ذو خبرات وتجارب وقدرات، ونكرِّر نصيحتنا، أبعد عن السياسيين و لا تعطي وقتك إلا للمنتجين، على الأقل أبقى على ذلك حتى حين، حفظ الله البلاد والعباد.

ونواصل إن شاء الله

شارك الخبر

Comments are closed.