بعد خسارته الخرطوم.. واشنطن تساند “الدعم السريع” بعقوبات ضد الحكومة السودانية

لاتزال أخبار تقدم الجيش السوداني في المواجهات الأخيرة مع ميليشيا الدعم السريع، وسيطرته على مناطق هامة مثل العاصمة الخرطوم وبعض المناطق في دارفور وأقاليم أخرى تتصدر عناوين المنصات الإخبارية وتلقي بظلالها على التطورات الداخلية والخارجية المرتبطة بالسودان وحالة الصراع التي تعيشها البلاد.

حيث يرى الكثير من الخبراء بأن التطورات السياسية داخل وخارج السودان ترتبط بشكل وثيق بمسار الصراع الدائر في البلاد، كما أنها لعبت دوراً حاسماً بإطالته. وفي هذا السياق يعتقد الكثير من الخبراء بأن انتصارات الجيش السوداني الأخيرة سببت بعض ردود الفعل السياسية من بعض الدول والتي تحمل كثير من الدلالات والرسائل السياسية بمضمونها وتوقيتها.

بتهمة “استخدام أسلحة كيماوية” عقوبات أمريكية على السودان

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في 22 مايو الجاري بأن واشنطن ستفرض عقوبات على السودان بعد “ثبوت استخدامه أسلحة كيماوية عام 2024”.

وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية تامي بروس في بيان إلى أن “الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على السودان تشمل قيودا على الصادرات الأمريكية إليه وعلى الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأمريكية”. مضيفة بأن “العقوبات ستدخل حيز التنفيذ فور نشر إشعار في السجل الفيدرالي المتوقع في 6 يونيو المقبل أو حواليه”.

داعية حكومة السودان إلى إيقاف جميع استخدامات الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. وذكرت أن الولايات المتحدة “توصلت في 24 أبريل الماضي بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء عليها لعام 1991 (قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية) إلى أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية في عام 2024”.

وبحسب خبراء ومراقبين فإن “تهمة استخدام الأسلحة الكيماوية أو النووية” هي تهمة تلوّح بها الولايات المتحدة الأمريكية وتستخدمها لأغراض سياسية بهدف الضغط على الجهة المُعاقبة وتحقيق مصالح معيّنة. لذا فإن طبيعة هذا الاتهام وتوقيته يشير إلى أن كل ما تفعله الحكومة السودانية لا يتفق مع مصالح واشنطن أو مصلحة وكلائها في داخل السودان أو بالإقليم المحيط به.

خبير: واشنطن تعاقب الحكومة السودانية لمساندة “الدعم السريع”

في سياق متصل علّق الباحث المتخصص بالشؤون السودانية محمد ود السيد علي، على موضوع العقوبات الأمريكية بأن توقيت إعلان واشنطن عن فرضها عقوبات على الحكومة السودانية وطبيعة السبب المعلن “استخدام أسلحة كيماوية” مثير للسخرية، ولكنه في نفس الوقت يحمل الكثير من الرسائل والدلالات السياسية. حيث أشار علي بأن هذه التهمة تذكرنا بالتهم نفسها التي وجهتها واشنطن للعراق وسوريا، باستخدام أسلحة كيماوية أو نووية، كحجة لاحتلال هذين البلدين و لإسقاط الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان. وذلك فقط بسبب مخالفتهم لمصالح واشنطن وحلفائها.

وبحسب الخبير، فإن التزامن الواضح بين فرض واشنطن للعقوبات على الحكومة السودانية، وسيطرة الجيش السوداني على الخرطوم يشير بشكل واضح إلى دعم واشنطن لقوات الدعم السريع، ورغبتها بمساندتهم سياسياً، من خلال اضعاف موقف الحكومة السودانية سياسياً واقتصادياً على الساحة الدولية والضغط عليها.

وأضاف علي بأن اعتراض المملكة المتحدة، ووكيل القوى الغربية في السودان عبدالله حمدوك على قرار رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في اليومين الماضيين أيضاً يندرج بسياق دعم القوى الغربية لميليشا “الدعم السريع” وممثليها على الساحة السياسية كـ تنسيقة “صمود” برأسة حمدوك و “مؤتمر السودان التأسيسي”. خاصة وأن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف كان قد رحّب بهذه الخطوة، معتبراً إياها تطورًا مهما على طريق تحقيق الحكم الشامل واستعادة النظام الدستوري في البلاد. بينما أدان تحالف قوى تنسيقية “صمود” برئاسة حمدوك تصريحات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ومعرباً عن رفضه الشديد لها.

وختم علي حديثه بأنه وبعد سيطرة الجيش السوداني على الكثير من النقاط التابعة “للدعم السريع” خلال الأسابيع الأخيرة من 2024، تم اكتشاف العديد من مخازن الأسلحة التابعة “للدعم السريع” والتي تحوي على أسلحة أجنبية ومسيّرات أتت بعد المعارك في محور “ود الحداد”. مما يشير لحجم الدعم الذي يتلقاه حميدتي وقواته. وبالرغم من الدعم الخارجي الكبير لـ “الدعم السريع” عسكرياً وسياسياً ولوجستياً، إلا أن التقدم الميداني الأخير للجيش في العاصمة ومناطق أخرى يوحي بأن انتصار الجيش السوداني بات قاب قوسين أو أدنى ويرسم ملامح نهاية الحرب، كما أن تقدم الجيش يجري وفق الخطة وبكفاءة عالية، ومن الواضح بأن ذلك يضرّ بمصالح واشنطن ووكلائها في السودان وبعض القوى الغربية، لذا تم فرض عقوبات على الحكومة السودانية في هذا التوقيت.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.