بقلم/ محمد الحسن محمد نور
“كلمات تختزل مأساة السودان اليوم. فبينما يذبح المسلمون في العالم أضاحيهم، يُـذبح السودانيون يومياً بلا ذنب. تحل المناسبة والأرض تنزف، والسماء تمطر ناراً وكوليرا وملاريا
والناس بين قتيل تحت الأنقاض، وجريح بلا مستشفى، ومشرد بلا مأوى”.
في الخرطوم وفي دارفور والقرى التى كانت هادئة آمنة، تدور المعارك بلا هوادة. الرصاص يحل محل أهازيج العيد، ودوِّي المدافع يغني أغنية الموت بدلاً من التكبيرات. الأسواق خاوية إلا من الجوعى، والمستشفيات مقفرة إلا من الموتى. موسم الأمطار يمنح الكوليرا، والملاريا بطاقات الهوية السودانية، وأول قطرة مطر تنزل من السماء تمثل تحالفاً مع الجنجويد.
هنا، حيث يبحث الناس عن كوب ماء نظيف، كيف نتحدث عن طقوس الذبح؟
بعض الناس سيلتزمون العادة، سيذبحون لأنه “هكذا كنا نفعل دائماً”. آخرون سيتبرعون بقيمة الأضحية، لكن إلى من؟ هل تصل تلك الأموال إلى من يحتاجها أم تختفي في جيوب وسطاء الحرب؟ الأكثر مرارةً أنّ بعضاً منا ربما سيهرع لنشر صور أضحيته على فيسبوك، بينما هناك أطفالٌ في الخيمات يموتون من الجوع والعطش يلعق جرحه العطشان.
نحن أمام اختبار أخلاقي: كيف يقبل بعضنا على مناسك العيد وأطفالنا يموتون تحت القصف العشوائي؟ كيف يلبس بعضنا الجديد وبعض موتانا يُدفنون بلا أكفان وآخرون يُدفنون فى بطون الكلاب الضالة؟ الصمت جريمة، والاستمرار كالمعتاد خيانة. لنكن صرحاء: هذا ليس وقت ذبح الأضاحي، بل وقت التضحيات.
فلنكن أوفياء لمعنى العيد الحقيقي: التضحية بالأنانية، والتضامن مع المظلومين، ورفض أن يكون الفرح امتيازاً للأحياء فقط. العيد سيعود كل عام، لكن الأرواح التي تذهب لن تعود.
• محمد الحسن محمد نور.
Comments are closed.