في الفترة الأخيرة، شهد الإعلام الأوروبي تغيرًا ملحوظًا في تغطيته للأحداث في غزة، خاصة بشأن الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023. سابقًا، كانت كبرى وكالات الأنباء الأوروبية تميل إلى الدفاع عن الموقف الإسرائيلي، مشيرة إلى أن التصرفات الإسرائيلية كانت رد فعل على هجمات حماس، وأن إسرائيل لها الحق في التصرف كما ترى مناسبًا.
تغير في الموقف
ولكن، ومع الغضب الشعبي المتواصل في جميع أنحاء العالم، تجاه الإنتهاكات والمجازر التي ترتكبها إسرائيل، بدأ الموقف الأوروبي بالتغير، أو على الأقل أمام الإعلام.
وبعد إعتراض الكيان الصهيوني للسفينة “مادلين” خلال توجهها نحو قطاع غزة محملة بمساعدات إنسانية، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد.
وفي ذات السياق أعربت نائبة رئيس الوزراء الإسباني ووزيرة العمل، يولاندا دياز، عن إدانتها لاعتراض السفينة “مادلين” التي كانت تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة، وقالت إن “هذا الانتهاك للقانون الدولي، يتطلب ردا حازما من الاتحاد الأوروبي”.
وفي إبريل الماضي، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن الاتحاد يعزز دعمه للشعب الفلسطيني، ورأت أن تقديم مبلغ 1,6 مليار يورو حتى عام 2027 سيساعد في تحقيق الاستقرار في الضفة الغربية وغزة، وشملت حزمة المساعدات منحا بقيمة 620 مليون يورو للسلطة الفلسطينية.
وعلى النقيض، يبدو أن الحرب الأهلية في السودان والظروف الإنسانية الصعبة هناك قد فقدت الاهتمام من قبل الإعلام الغربي، على الرغم من استفحال المجاعة والأزمة الإنسانية التي لا تختلف كثيرًا عمّا يحدث في غزة. ولكن، يرى الخبراء أن التغيرات في المصالح السياسية باتت تؤثر بشكل كبير على السياسات الأوروبية، حتى في قضايا تتعلق بالجوانب الإنسانية.
الهيمنة الأوروبية على النزاع السوداني
من جانبه، أثار الباحث السياسي ياسين عنبر تساؤلات حول الهيمنة الأوروبية في دعم القوات المتمردة. حيث يبدو أن الدول الأوروبية، خاصة فرنسا وبريطانيا، قد اتخذت من ميليشيا الدعم السريع حليفًا رئيسيًا، متجاهلة الدعم لقوات الجيش السوداني.
وبحسب عنبر، فإن الدعم البريطاني لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك يظهر جليًا، رغم أن حمدوك لا يشغل أي منصب رسمي حاليًا وقد وُجهت له تهم من النيابة العامة. وهذا يطرح تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا الدعم.
اما بالنسبة للجانب الفرنسي، يبدو أن الدعم لميليشيا الدعم السريع يظل خلف الستار، مع محاولات مستمرة لتعزيز تلك القوى عبر وسطاء، خاصة مع تصاعد التقارير حول الفظائع التي ترتكبها تلك القوات ضد المدنيين. ومن الملاحظ أن هذا الدعم يتضمن تكنولوجيا عسكرية متقدمة.
وعلى الرغم من وجود حظر للأسلحة مفروض من قبل الأمم المتحدة، إلا أن منظمة العفو الدولية قد أكدت أن المركبات المدرعة الفرنسية والإماراتية تُستخدم في النزاع، مما يفضح مدى تداخل المصالح الغربية في الأزمة.
كما أفادت تقارير “The Cradle”، أن أبوظبي تستخدم مطار بوساسو لإمداد ميليشيا الدعم السريع، التي تخوض حربًا ضارية منذ عامين مع الجيش السوداني. وقد نقلت طائرات شحن كبيرة أسلحة وذخائر بانتظام من بوساسو إلى السودان، حيث وصلت في بعض الأيام حتى خمس شحنات رئيسية. يأتي هذا في ظل دعوى قضائية مرفوعة من السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، متهمةً إياها بدعم ميليشيا الدعم السريع، وهي ادعاءات تنفيها الإمارات.
أما في سياق آخر، فقد أظهرت التقارير أن أوكرانيا ليست بعيدة عن هذا الصراع، حيث تقوم بإرسال مقاتلين وخبراء في مجال الطائرات المسيرة لدعم ميليشيا الدعم السريع. وقد تم الإبلاغ عن تنفيذ هجمات باستخدام طائرات مسيرة ضد القوات النظامية في بورتسودان والفاشر، مما يبرز عمق التورط الأجنبي في هذه الحرب الأهلية المأساوية.
حيث أشارت قناة “روسيا اليوم” مؤخرًا، أن الطائرات المسيرة التي تم استخدامها من قبل ميليشيات الدعم السريع والتي استهدفت مدينة بورتسودان وعطبرة والفاشر هي طائرات مسيرة أوكرانية من نوع “UJ-26 Beaver” بحسب ما أفاد به العميد محمد السر من مكتب العلاقات العامة بوزارة الخارجية السودانية لروسيا اليوم.