لو كنت في موقع مجلس السيادة، أو ضمن الشخصيات العسكرية فيه، أو في أي جهة حكومية دعمت رئيس نادي المريخ الحالي عمر النمير، لما ترددت لحظة في مساءلته عن الفشل الذريع الذي لازم مسيرته الإدارية، والذي دفع بالنادي إلى هاوية غير مسبوقة.
فالنمير ما كان ليصبح رئيسًا لنادٍ بقامة المريخ لولا دعم الدولة، إذ لا يملك تاريخًا رياضيًا يُذكر داخل النادي، ولا يُعد من رموزه المعروفين أو من رجالاته التاريخيين. لقد خدمته الظروف وساندته شخصيات نافذة في الدولة، ليتسلل إلى سدة الرئاسة بسرعة، رغم تواضعه إداريًا وفكريًا، وهو ما أثبتته التجربة بكل وضوح.
رغم كل الدعم الرسمي والسياسي والعسكري الذي أحاط به، كانت حصيلة تجربته في رئاسة المريخ مخيبة على جميع الأصعدة: إدارية ومالية وفنية. بل حتى القبول الجماهيري، وهو أمر من عند الله، لم يجده الرجل، فغالبية جماهير المريخ تراه عبئًا ثقيلًا على النادي.
في عهد النمير، عرف المريخ هزائم متكررة داخليًا وخارجيًا، وانهار الفريق المعروف بقوته إلى فريق هش وضعيف، بسبب قرارات وسياسات خاطئة، أبرزها التفريط في أبرز نجوم الفريق بصفقات غامضة تفتقر لأبسط قواعد الشفافية.
والأدهى من ذلك، أن الملف المالي للنادي بات غامضًا ومثيرًا للريبة؛ إذ لا أحد يعرف أين تذهب الأموال التي تدخل إلى خزينة النادي. وما حدث قبل مباراة القمة الأخيرة من اضطراب إداري ومالي، لم يكن سوى جزء يسير من مسلسل الفوضى الذي أصبح سمة ملازمة لإدارة النادي في الآونة الأخيرة، دون وجود رقيب أو حسيب.
وفي الحقيقة، فإن واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه الأندية الرياضية في السودان هي غياب مبدأ المحاسبة من الجهات الرقابية، بدءًا من الجمعيات العمومية الصورية، ومرورًا بالجهات الحكومية المعنية، التي تغض الطرف عن كثير من التجاوزات الإدارية والمالية. وتُعد أندية القمة، وعلى رأسها نادي المريخ، من أكثر الأندية التي تعاني من هذا الفراغ الرقابي، ما فتح الباب على مصراعيه أمام الفوضى والفساد وغياب الشفافية لسنوات طويلة.
لقد دعونا سابقًا، ونجدد الدعوة اليوم، إلى تدخل عاجل من المراجع العام والجهات ذات الاختصاص لكشف ما يدور من عبث مالي وإداري داخل نادي المريخ، وإعادة الأمور إلى نصابها. فالمريخ ليس ملكًا لفرد أو مجموعة، بل مؤسسة وطنية وجماهيرية يجب أن تُدار بمعايير النزاهة والمحاسبة، لا بالأهواء والمجاملات.

