مجلس الشركاء.. دائرة أولى

الرواية الأولى || مجدي عبدالعزيز

شارك الخبر

* بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف فيما يقرره او يضعه من سياسات فالشاهد أن الجسم الذي يسمى مجلس شركاء الفترة الانتقالية ومنذ انطلاق عمله يُلحظ فيه الانتظام الإداري ومظهر الانسجام بين مكوناته، فبالتأكيد أن عدد الاجتماعات المتواترة التي عقدها مؤخرا والتي فصل فيها في قضايا مهمة مثل قضية تشكيل الحكومة الماثلة ومصفوفة تشكيل بقية الهياكل دالة على ما عنيت بالانتظام الإداري، اما (مظهر) الإنسجام فواضح انه مبذول فيه جهد كبير من رئاسته لتحقيقه وصيانته. فمن الطبيعي أن تكون مداولات هذا المجلس سرية ولا أحد يستطيع الإطلاع على تفاصيل المداولات ومواقف شخوص المجلس ومكوناته قزحية الألوان، ولكن خروج ناطق رسمي باسمه يدلي عقب كل اجتماع ببيان محسوب الغرض قبل المفردات يبعث بانطباع هذا الانسجام.
اعتقد أن كثيرين سيوافقونني فيما ذهبت اليه إذا عادوا بذاكرتهم الجمعية مثلما عدت بذاكرتي إلى السنتين الماضيتين التي تسيد فيهما المجلس المركزي لقحت المشهد السياسي بطرح نفسه كحاضنة سياسية للحكومة الفاشلة المنصرفة، وإذا قاموا بعقد مقارنة أولية بين ما كان يحدث عند أهل قحت وما يجري الآن في مجلس شركاء الفترة الانتقالية الذي تكون بعد دخول اطراف العملية السلمية الى عمق المشهد السياسي، ومن غرائب تلك الفترة الماضية أن كثيرا من قادة الحاضنة القحتاوية أنفسهم كانوا يجأرون بالشكوى من عدم الانتظام الاداري والغياب اللائحي والهيكلي، الأمر الذي ادى إلى تعدد المبادرات واختلافها، ثم طفت كثير من المظاهر التي كانت تسوق الحاضنة وحكومتها على السواء للفشل الذي كان بائنا (من قولة تيت)، فعم التشاكس واقعًا ومظهرا بين مكونات الحاضنة، تارة فيما بينهم واخرى فيما بينها وحكومتها، وليس ببعيد عن الذاكرة حالة التجزر والتخندق في تفاصيل الملف الاقتصادي وما وقع من تباين بين لجنة قحت الاقتصادية وحكومة الحاضنة الذي اورد البلاد موارد المعاناة وضنك العيش وسوء المنقلب والسمعة عند قطاعات الشعب وخاصة فئة الشباب الذي كانوا يحلمون بعالم سعيد.
اجزم أن مجلس شركاء الفترة الانتقالية كان بمثابة (مخرج الطوارئ والهروب من الحرائق) لكثير من قادة قحت الذين أُسقط في أيديهم – وغلبتهم حيلتهم – في تنفيذ الشعارات التي رفعوها او الآمال التي وعدوا بها الشباب، وإن تشدقوا متجملين بعدم موت قحت الآن، التي اجزم ايضا انه لن يجتمع لها هيكل مرة اخرى إلا بغرض تقسيم جديد لمتبقي (كيكة) السلطة، لأن أصل قيام هذا التحالف كان طرحه لنفسه بديلا للسلطة، ولا أحتاج لأعدد شواهد لا تغفل على الناظرين بتجرد، ولا ينكرها إلا المكابرون.
رغم ايجابية الانتظام، ومظهر الانسجام الذي يحيط بمجلس الشركاء إلا أن التحديات ستظل ماثلة وعظائم وجلائل الأمور ستبقى حاضرة.. وإذا كانت فلسفة قيام المجلس نفسه قائمة على (توسيع الضيق)، والانفتاح دون الانغلاق، والشراكة دون الأنانية، فإن مجابهة التحديات وحلحلة عظائم المشكلات ستمضي بمزيد من الانفتاح على بقية مكونات هذا الشعب.. وهذه المكونات لا تعني بالضرورة الأحزاب او بقية من يحملون السلاح فهذان الصنفان إن كان بالمصالح او الصفقات او الضغوطات متعددة الأوجه سيتحقق بينهما التوافق، لكنها تعني بالضرورة المكونات الأصيلة التي تحوي شخوص الأحزاب رغم اختلافها وعناصر الحركات رغم تباينها، فهناك الكثير مما يجمع الناس كونهم سودانيين، مثلما تجمع أندية كرة القدم المختلفين سياسيا وعَقَدَيا في حب الشعار ومناصرته عند النزال دون النظر إلى احزابهم او معتقداتهم (كمثل تقريبي ليس الا).
على هذا النحو سيبقى مجلس شركاء الفترة الانتقالية دائرة أولى تستطيع أن تخلق الدائرة الكبرى إن صدقت النوايا في حل جذور الأزمات وإزالة المعضلات من أمام مسيرة هذا الوطن الأكبر هامة والأطول قامة،، وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.