طريق نهاية المعاناة

كلام صريح.. سمية سيد

شارك الخبر

 

 

 

 

حملت أخبار الأسبوع الماضي موت طفلة بلدغة عقرب في منطقة أبي حمد بولاية نهر النيل.

غير أنها ليست المرة الأولى لمثل هذه الحوادث المؤسفة .مناطق متعددة من ولاية نهر النيل موبوءة بانتشار العقارب والحشرات السامة التي أودت بحياة عشرات الأطفال دون أي اهتمام من الحكومات المتعاقبة.

عدم وجود تنمية حقيقية جعل منها منطقة طاردة .يحيط الفقر بأهلها من كل حدب وصوب.

مدينة أبو حمد التي تظهر على خريطة السودان في شكل هلال على منحنى نهر النيل والتي أطلق عليها بروفسير عبد الله الطيب طيب الله ثراه اسم دال النيل تعد من أجمل مناطق السودان ..الخضرة والماء والوجه الحسن..رباطاب ومناصير ..ثالثهما التعايش السلمي والحب بعيدًا عن الصراعات القبلية والجهوية التي تنهش وتنخر في عظم السودان من كل جوانبه. برغم ذلك ظلت منطقة إهمال من الحكومة ومن المستثمرين في مشروعات حقيقية.

مع الهجوم الشديد على مواقع تعدين الذهب بدأت تظهر بوادر هجرات عكسية قد تغير من التركيبة السكانية لمنطقة أبي حمد، خاصة مع هجرة سكانها الأصليين إلى الخرطوم والمدن الأخرى بعد أن هجروا الزراعة الحرفة الأساسية لهم .

الإداري البريطاني هنري جاكسون والذي عمل وقتها بعدة مدن سودانية وصف منطقة أبي حمد بأنها من المناطق الغنية بالآثار والحضارات المهملة .لكنه أشار إلى واقع المنطقة من حيث كثافة الرمال والتلال الصخرية والتي تصل أحيانًا بالقرب من ضفة نهر النيل .وانتشار النباتات الشوكية والصحراوية ..جاكسون قال ( ليس في السودان منطقة يصعب فيها الزراعة كما هو الحال في منطقة أبي حمد ..الأرض بالغة الفقر وقليلة الخصوبة وضعيفة الإنتاج)

لطالما انتقد خبراء الاقتصاد اتجاه الحكومة بفتح الباب على مصراعيه للتعدين والبحث عن الذهب بطريقة الفوضى التي تحدث الآن..ولطالما اشتكى السكان المحليون من العشوائية في التعدين في مناطقهم والتي لم يحصدوا منها غير المرض والفقر جراء مخلفات التعدين والاستخدام السيئ للزئبق .

البديل الآمن هو الاستثمار الزراعي وفتح المجال لاستقبال مشروعات زراعية بتكنولوجيا حديثة تخدم السكان المحليين بتوفير خدمات الصحة والتعليم وتوفير حياة كريمة تقلل من مستويات العطالة والفقر.

إذا كانت الأخبار المقلقة هي الأكثر انتشارًا في منطقة أبي حمد جراء فوضى التعدين وانتشار الحشرات السامة وعدم وجود الخدمات الأساسية، فثمة أخبار جيدة برزت مؤخرًا يمكن أن تخرج المنطقة من حالة البؤس .

في مساحة 400ألف فدان تم الشروع في زراعة محاصيل متعددة ذات جودة عالية وقدرة تنافسية باستخدام تقنيات الزراعة الحديثة ،حيث تم تركيب 170 جهاز ري محوري دخلت بالفعل مرحلة الإنتاج ،فيما يكتمل تركيب العدد الكلي البالغ 2500 جهاز ري محوري بحلول العام 2026 . وذلك ضمن مشروع ضخم عن طريق الشراكة بين شركة انفيكتوس وموانئ أبوظبي فيما عرف بمشروع تشييد ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر.

المشروع يشتمل على تشييد طريق مرور سريع قومي يربط مناطق الإنتاج بولاية نهر النيل إلى الميناء الجنوبي والذي يقع على بعد أكثر من 200 كيلو متر .الأهم في هذا الطريق الذي اكتملت كافة الدراسات الخاصة به بواسطة مكتب استشاري عالمي، أنه مرتبط بشبكة الطرق القومية ويمر بالنشاط الإنتاجي لولايتي الشمالية ونهر النيل، الأمر الذي يعود بالفائدة على كل مناطق السودان حيث يسهل الوصول إلى ولاية البحر الأحمر .

مشروعات التنمية والاستثمار في قطاعات الإنتاج هي المخرج للأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا، وهي المخرج لمكافحة الفقر والتهميش التي تعاني منها معظم ولايات السودان .لذلك مطلوب من الدولة ومن القيادة السياسية العليا تشجيع هذا الاتجاه وعدم ترك المستثمرين تحت رحمة موظفين لا هم لهم سوى تعقيد الإجراءات بالبيروقراطية المعروفة أو بالفساد والابتزاز.

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.