مني أركو مناوي يكتب: عذاب الحرب لا يُفارق أحداً وكان للمبدعين السودانيين النصيب الأكبر

الظروف القاسية التي فُرضت على شعبنا من تشرد ونزوح ولجوء نتيجة الحرب اللعينة التي تدور رحاها في أجزاء مختلفة من السودان وتتسع رقعتها يوماً بعد يوم.

ملايين الضحايا ممن غادروا منازلهم نحو المجهول، أطفالاً وكبار سن ومرضى ونساءً حُمل ومُرضعات. منهم من قطعوا مئات الكيلو مترات هروباً من القتل والدمار والاغتصاب والسرقات والتعنيف غير المبرر، قلوبنا معهم وهم على الحدود السودانية مع العديد من دول الجوار، يعانون ويفتقدون إلى الأدوية المنقذة للحياة، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وبعضهم مات في الطريق وهم لا حول لهم ولا قوة.

كان أهل دارفور هم الأكثر تضرراً بعد اشتعال الحرب، دمرت قرى بكاملها والخسائر تفوق طاقة البشر، وعدد من المدن بكل أسف لم تنجُ من الدمار، لكننا نسعى جاهدين لتوفير ما هو ممكن، واتصالاتنا لم ولن تتوقف من أجل أهلنا في الإقليم بوجه خاص والسودان بوجه عام.

من بين هؤلاء الناس، هناك شريحة المبدعين بكل صنوفها في الغناء والشعر والتلحين والموسيقى والمسرح، والكُتّاب والتشكيليين والسينمائيين والمصورين والرياضيين في كافة ضروب الرياضة.

وهذا لا يعني بأي حال تغافلنا عن مشاكل بقية الفئات الأخرى في التعليم والصحة ….إلخ، والمجال لن يسع.

تابعنا بألمٍ بالغٍ، مآسي كبار الشعراء والفنانين ممن خلدوا فنهم في وجدان الشعب السوداني بعد أن تغنوا للشعب والوطن.

يجب أن نولي هؤلاء المبدعين عناية خاصة، لأنهم الأكثر إرهافاً وحساسيةً، هم الآن تتضاعف معاناتهم بعد أن ضربوا في فجاج الأرض ويمّموا وجوههم نحو المجهول وبعضهم مصائرهم مجهولة حتى الآن.

من بين هؤلاء من تجاوز عقده السابع وخلدوا أسماءهم بأنوار الإبداع، وهذه هي مبادرتنا وهي أن كل مجموعة من هذه المجموعات لو انتظمت في عقد لقاءات تشاورية لأن لكل منها خصوصيتها، وهم بلا شك يعرفونها أكثر منا، لكننا نطلق هذه المبادرة علها تكون ضربة بداية، وبدورهم يقومون بتطويرها، مثل إقامة الحفلات والمعارض الخيرية، ويخصصون ريعها لصندوق دعم المبدعين، كما ونطلب منهم أن يفتحوا المجالات أمام الآخرين من المؤمنين والمهتمين بقضايا الإبداع والمبدعين، ليساهم كل منهم حسب طاقته.

نتمنى أن يأتي اليوم الذي يجد فيه مبدعو بلادنا حقوقهم في السكن الفئوي المناسب والضمان الصحي والاجتماعي وكل الاهتمام اللائق.

ونحن على قناعة تامة بأن دوركم الآن كبير وإن كانت المساحات ضيقة في بث الوعي وغرس بذور التماسك ما بين جموع السودانيين أينما كانوا داخل وخارج السودان، وظفوا وسائط التواصل برسائل فنية صغيرة شعراً ومسرحاً وغناءً في مراكز الإيواء والملتقيات والتجمعات، لأن رسائلكم الآن تصل لأكبر عدد من الناس في أسرع وقت، وبالتالي تساهمون في رفع الوعي والاستنارة وتقريب وجهات نظر السودانيين أينما كانوا، وحثهم على حُب بعضهم البعض والتعاون والتآزر قولاً وفعلاً.

الرسائل النصية القصيرة شعراً، نثراً، فيلماً ونصاً مهمة ومحفزة.

يجب عليكم أن تعدوا عدتكم من الآن، مستصحبين معكم مقولة (المعاناة تولد الإبداع)، وعندما تتوقف آلة الحرب والدمار يجب أن تعقبها رسالة الفن الموجه للسلام والحب والتوادد واحترام التنوع في ظل السودان المتعدد المتساوي ما بين شعوبه وثقافته ولا تنسوا شعار شكسبير (أعطني مسرحاً أعطيك شعباً).

وظفوا المسرح والشعر والموسيقى التي تشفي القلوب والفنون البصرية حيث التشكيل بمدارسه المختلفة حتى نعيد السودان الذي نريده معافى من أمراض القبلية والعنصرية والتعالي الديني والجهوي وعدم التفريق بين الناس بسبب اللون أو الجنس. وعندها سيعطي الناس أهل الفن والإبداع حقهم لأنهم من يترجمون أحاسيس ومشاعر الناس ويخاطبونهم باللغة التي يفهمونها أينما كانوا.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.