عروس الأطلسي طنجة أرض الفرص

طنجة: ياسر عبد الله

بدت مدينة طنجة كعروس في كامل زينتها يوم زفافها، وهي تشهد تحولاً مهماً سيغير وجه الحياة ليس في المملكة المغربية فحسب وإنما في قارة إفريقيا، والقارات المجاورة، الهبة الربانية لموقع ميناء طنجة المتوسط الرابط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وبعده بنحو 14 كلم فقط عن الشواطئ الأوروبية، جعل الرؤية الملكية تنطلق لإنشاء أكبر ميناء بالبحر المتوسط على مضيق جبل طارق أسهمت فى وضع المغرب فى قلب المشهد البحري الدولي وربطه بـ(77) دولة و186 ميناء، وقفز بالمملكة من المركز (83) إلى المرتبة 17 في تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتجارة والخدمات.

(1)
912 شركة عالمية تعمل بالميناء
عالج ميناء طنجة المتوسط على صعيد الأنشطة المينائية، (34,1) مليون حاوية في عام 2018، ما جعله يحتل المرتبة الأولى في إفريقيا، ورفع الميناء طاقته الاستيعابية من 3 ملايين حاوية إلى 9 ملايين حاوية سنوياً.
قال نائب المدير العام لميناء طنجة حسن عبقري في تنوير لوفد إعلامي أجنبي إن ميناء طنجة 2 جزء من رؤية ملكية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن يكون منصة لوجستية عالمية للتصدير الصناعي، ويشير إلى أن حجم صادرات الشركات العاملة بالميناء وهي (912) شركة تعمل في قطاع الصناعة واللوجستيك والخدمات يبلغ (33,1) مليار يورو سنوياً، ويشير إلى أن شركة رونو الفرنسية تصنع نحو (60%) من أجزاء سياراتها للصادر بالمغرب، وهو أكبر موقع لتجميع السيارات بإفريقيا مُجهَّز بكل ما يلزم صناعة السيارات ويغطي جميع سلسلة المهن عالية القيمة.
وتوجد بالمنطقة الحرة بالميناء كبرى الشركات الرائدة في قطاعات السيارات، الطيران، والإلكترونيات، والنسيج، الشركات العاملة بالميناء وفرت (75) ألف فرصة عمل للمواطنين المغربيين يتوقع أن ترتفع إلى 100 ألف فرصة عمل بحلول عام 2020.

(2)
مركز الأعمال طنجة المتوسط
وهو جزء بالميناء مخصص لاستقبال الشركات وتحديد أماكن الأنشطة الضمنية اللازمة لإدارة المركب المينائي طنجة المتوسط.
يوفر ميناء طنجة المتوسط، من خلال العديد من المُجهزين البحريين ربط دولي يغطي ما يقرب عن 186 ميناء و77 دولة في 5 قارات، ميناء طنجة المتوسط على بعد 10 أيام من أمريكا و20 يومًا من الصين، محور إفريقيا، يخدم ما يقرُب عن 35 ميناء و21 دولة في غرب إفريقيا عن طريق الرحلات الأسبوعية.
يُعد طنجة المتوسط أكبر من مجرد ميناء كبير لنقل البضائع والركاب، فهو يضم أيضا ميناء للركاب والسيارات يتمتع بسعة كبيرة للغاية، وهو مزود بثمانية (8) مواقف يمكن أن تستقبل ما يزيد عن 7 ملايين راكب و700,000 شاحنة للنقل الدولي، فهو جسر بحري حقيقي يربط بين أوربا وإفريقيا، حيث يسمح بعبور السفن البحرية في المضيق في أقل من 45 دقيقة.
بالإضافة إلى كونه ميناءً، فإن طنجة المتوسط عبارة عن منصة لوجستية وصناعية متكاملة، مُتصلة بشبكة نقل مُتعددة الوسائط (خطوط سكك حديدية، طرق سريعة) من أجل نقل البضائع والركاب إلى كافة المناطق الاقتصادية بالمملكة المغربية.
يتم تشغيل المحطات وكذلك جميع أنشطة الميناء بموجب عقود الامتياز يتم إبرامها مع شركات معروفة على المستوى العالمي. يضم ميناء طنجة المتوسط في صفوفه أكبر الترسانات العالمية لتجهيز السفن بالإضافة إلى شركات رائدة في مجال الموانئ.

(3)
طنجة حكاية مدينة خضراء
شوارع مدينة طنجة نظيفة “جداً” وكأنها تغسل يومياً بالماء والصابون، المدينة تعج بالحركة والخضرة تكسو جميع الشوارع، والأسر تتنزه يومياً كباً وصغاراً عصراً على ضفاف الساحل، فالتنزه في المدينة جزء مهم من الممارسة اليومية للحياة في المدينة الجميلة التي تبلغ درجة الحرارة في الثانية عشرة ظهراً 21 درجة مئوية، من ساحل مدينة طنجة يمكنك ليلاً عندما يكون الجو صافياً وخالياً من الضباب، أن ترى مدينة إشبيلية الإسبانبة وترى أضواء سياراتها ومبانيها، فهي تبعد 14 كلم من طنجة.
السياح من كل قارات الدنيا يملأون شوارع المدينة ويتجولون في مناطقها السياحية التاريخية، حيث منطقة القصبة القديمة، والسوق القديم الذي تمتلئ محلاته التجارية بالمشغولات الجلدية والفخار بأيدي ماهرة، السوق نظيف والمنتجات البستانية تعرض بالمحلات بطريقة جذابة والمطاعم التقليدية تعج بالسواح، اللافت أن المدينة لا تخلو من السواح والأوربيين يعتبرون أكثرية.

(4)
مدينة القصبة التاريخية الجميع مروا من هنا
وتكتسب منطقة القصبة السياحية بوسط طنجة أهمية كبرى للزائرين من السواح وبحسب موقع طنجة 24 – إن الكثيرين من زوار مدينة طنجة، يرون أن سحرها يكمن فقط في تربعها على أعلى وأقرب نقطة إفريقية لأوروبا، وأن التقاء البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي بها مجرد صدفة جغرافية لا أكثر، متناسين بذلك أهميتها التاريخية وعراقتها التي تمتد لأزمنة غابرة، ورغبة الكثيرين في تخليد ذكراهم بها، عبر ترك آثار ومعالم تؤرخ لمرورهم ووجودهم بهذه المدينة العظيمة.
وتعد ساحة القصبة التاريخية، من أبرز الأماكن التي حرص كل المارين من طنجة على ترك بصمتهم بها، وذلك لكونه مركزا للعديد من السلاطين والولاة المغاربة في فترة حكمهم للمدينة، وكذا مقرا للقوى الغربية التي كانت تنجح في الاستيلاء عليه، وتحويله لقاعدة عسكرية وإدارية تخرج منها أغلب القرارات المصيرية، التي حولت مجرى التاريخ، وصنعت أحداثا عظيمة وفارقة.
وقد بنيت هذه المعلمة التاريخية المهمة، بشكلها الحالي، في عهد السلطان المغربي المولى إسماعيل العلوي، وعلى يد القائد علي بن عبد الله الريفي ومن بعد ابنه الباشا أحمد بن علي الريفي، حيث انطلقت أشغال التشييد في أواخر القرن السابع عشر، وبالضبط في سنة 1686م واستمرت إلى حدود 1741م دون توقف.
ويؤكد المؤرخون أن هذا القصر التاريخي، أقيم على أنقاض قصر آخر بناه الإنجليز عند احتلالهم للمدينة قبل أن يدمروه بالمتفجرات لدى اضطرارهم للخروج منها، مضيفين أن هذا الأخير أيضا بنى بدوره على أنقاض آثار تاريخية أخرى بالغة القدم، ترجع إلى الفترة الرومانية، حيث عرف هذا الجزء من طنجة استقرار هؤلاء بها وتشييدهم للعديد من المعالم، والتي مازالت تحيط بعض من بقاياها بطنجة حتى اليوم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.