” التغيير” و”الثورية” إلى أين يمضي حوار الحلفاء؟

الخرطوم : شهدي نادر

أفحلت ثورة ديسمبر في إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير في الحادي عشر من إبريل الماضي، و تولى المجلس العسكري الذي يمثل اللجنة الأمنية السلطة عقب انحيازه لرغبات الجماهير، ومنذ ذلك الحين والبلاد تعيش فراغًا دستورياً لجهة حل الحكومة المركزية والبرلمان وحكومات الولايات، وعدم وصول وفد قوى الحرية والتغيير لتفاهم حول صيغة الحكم خلال الفترة الانتقالية مع المجلس العسكري الذي امتد التفاوض معه لأكثر من شهرين شهدت أحداثاً كثيرة أدت لانقطاع التواصل بين الطرفين قبل أن تنجح الوساطة في جمعهم مجدداً على الطاولة لمناقشة ما تبقى من نقاط توافق الطرفين بحسب الوسيط الإفريقي محمد الحسن ولد لبات على نقاط كثيرة فيها أولها كان تشكيل حكومة مدنية من كفاءات وطنية مستقلة!.

عقبات جديدة
الرغبة في تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة ينتظرها الشارع اصطدمت بعقبات كبيرة أطالت من أمد التفاوض بدءاً بما جرى إبان الاعتصام من أحداث قبل فضه الذي أدى إلى قطع العلاقة قبل أن تعود وينجح الطرفان في الاتفاق السياسي والتوقيع عليه بالأحرف الأولى لتبدأ مرحلة معارضة كتل داخل قحت عليه بالإضافة إلى مطالبات وضعتها الجبهة الثورية على منضدة التفاوض الممدودة بفندق (راديسون بلو) في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي تمثلت بحسب تقارير صحفية في إرجاء تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية مقروناً بطلب تمديد مهلة الستة أشهر المحددة في إعلان الحرية والتغيير لتحقيق السلام باعتبار أنها لا تكفي لاتمامه مع وجود طلبات أخرى تمثلت بحسب مصادر صحفية في تخصيص (3) مقاعد للجبهة من المقاعد الخمسة التي تمثل حصة المدنيين في المجلس السيادي ومقاعد بمجلس الوزراء ومنحها الحق في تشكيل حكومات دارفور وبعض الولايات على الرغم من أن إعلان الحرية والتغيير نص على تشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية من كفاءات وطنية.

موقف غريب
وأبدى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني) استغرابه من التفاوض مع فصيل في تحالف مشيراً إلى موقف الجبهة الثورية ومطالبتها بإرجاء تشكيل الحكومة، في ظل عضويتها بتحالف نداء السودان الموقع على إعلان الحرية والتغيير والذي ينص على تشكيل حكومة مدنية يبدو غريباً، مبيناً أن وفد (قحت) من خلال التفاوض مع المجلس العسكري يسعى في الأساس في الحصول على حكومة مدنية وتثبيت أركان المدنيين لحكم الفترة الانتقالية ورسم ملامحها، حيث يرى أن موقف الجبهة متناقضاً مع الموقف العام لقوى الحرية والتغيير والتي ظلت في حالة تفاوض بغية ضمان السلطة المدنية ذات القرار لفترة سودان ما بعد البشير حيث وصف ما يجري حالياً بالعبث، مؤكداً عدم تحمل البلاد لأكثر من ذلك على المستوى الداخلي الذي يشهد أوضاعاً صعبة وقاسية خاصة على مستوى معاش الناس الذين ذاقوا الأمرين.

غليان في الخرطوم
طلب الجبهة الثورية الحصول على (3) مقاعد في المجلس السيادي ومقاعد بمجلس الوزراء وتشكيل حكومات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، بالإصافة إلى حديث رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم أمس الأول وقوله 🙁 نحن أول من حمل السلاح وحارب النظام السابق ومن حقنا أن نحكم)مشيراً إلى عدم الممانعة للمحاصصة السياسية، هذا التصريح جعل الخرطوم تغلي جراء ما يجري في أديس من تفاوض نال سخط ناشطين عدوه خاطئاً ولا فائدة منه لجهة انحرافه عن مناقشة التحفظات التي أبدتها الجبهة على الاتفاق السياسي والقفز منها نحو قضايا أخرى كقضية الحرب التي خصصت لها فترة الستة أشهر الأولى لمناقشة أسبابها وسبل إحلال السلام وهي مهام ملقاة على عاتق الحكومة الانتقالية كما نص إعلان الحرية والتغيير وكذلك في ظل غياب حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحركة الشعبية بجنوب كردفان بقيادة عبد العزيز الحلو وأنهما أكبر قوتين على الميدان بحسب مراقبين.

التزام بالإعلان
ويقول الصحفي والمحلل السياسي عمار عوض في حديثه لـ(السوداني)إن إخراج بعض أقاليم السودان من إدارة شؤون الدولة في عهد النظام السابق وإن بدا مبرراً لما ساقته بعض مكونات الجبهة الثورية إلا أن الأهم حالياً يتمثل في الاحتكام إلى إعلان الحرية والتغيير الذي وقعت عليه والحرص على الوفاء بالتزاماته وتعهداته التي ارتبط بها كذلك الشارع وقواه الحية، منوهاً لأهمية أن تدفع الحركات بكفاءات قادمة من تلك المناطق كمرشحين بدلاً عن الدفع بقياداتها لشغل مناصب الفترة الانتقالية مضيفاً : من المهم أن تتفرغ القيادات الحالية للحركات لبناء أحزاب مدنية تعارض أو تحكم من الداخل حتى تسهم في عودة العافية للساحة السياسية وتتهيأ لخوض المعترك الانتخابي الذي يعقب الفترة الانتقالية، مشيراً إلى أن المقترح المدرج بالإعلان ينص على منع شاغلي المناصب التنفيذية في الفترة الانتقالية من الترشح في الانتخابات المقبلة.

لا محاصصة
أصداء ردة فعل الداخل على مشاورات وفد الحرية والتغيير مع الجبهة الثورية دفعت عضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين، محمد ناجي الأصم الموجود بأديس أبابا إلى النفي بقبول محاصصة حزبية حيث جدد التأكيد في تغريدة له بموقع التدوينات (تويتر) التزامهم بتشكيل حكومة كفاءات وطنية لأنها أكثر استقراراً ومقدرة على أداء مهام الفترة الانتقالية، ليسير تجمع المهنيين على ذات الخطى عبر إصدار بيان نشر على صفحاته الرسمية بمواقع التواصل أوضح فيه أن المشاورات الحالية بإثيوبيا ليست من أجل قسمة كراسي ولا صراع حول هياكل أو مناصب هي (محجوزة) لكفاءات وطنية لتشغلها في الفترة الانتقالية، مجدداً التأكيد بأن تكون سنوات الحكم الانتقالي الثلاث بعيدة عن المحاصصة.

شارك الخبر

Comments are closed.