أموال الحركة الإسلامية.. اللغز الغامض

الخرطوم: عبدالباسط إدريس
أموال الحركة الإسلامية في الداخل والخارج وصفقات بيع الاتصالات، وارتباط بعض رموز النظام السابق بأموال الجماعات الإرهابية أو كونهم أحد مصادر تمويلها ، لغز ما يزال في انتظار من يفك طلاسمه العدلية والقانونية، بعد طول اتهامات امتدت لسنوات، جعلت من هذه القضية واحدة من أهم شواغل الرأي العام المحلي، واتخذت بعداًً خارجياً ارتبط بمزاعم تمويل الجماعات الإسلامية سيما تلك التي تم تصنيفها كحركات “إرهابية” من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية .

تحريك ملفات
ومع انتظار الجميع كشف الحقائق والأدلة القانونية، شرعت النيابة في تحريك ملفات الفساد، حيث مثل أمس الأول أمام نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية – الرئيس المخلوع المشير عمر البشير لاستجوابه في بلاغ مدون ضده تحت عدد من المواد.
وتم استجواب البشير حول البلاغ رقم (٧/ ٢٠٢٠) المدون تحت المواد (٣٥) غسل الأموال و(٤) الفساد و(٦/ ٧) الثراء الحرام والمشبوه و(١٧٧/ ٢) من القانون الجنائي و(٢٩) إجراءات مالية ومحاسبية، حول تصرف الحكومة السابقة في نصيبها بشركة موباتيل للاتصالات وبيعه للشركة الكويتية، وبمنح ترخيص مشغل الشبكة الثانية لشركة (ام. تي. ان).
كما تم استجواب البشير حول علاقة بعض النافذين بأموال الحركة الإسلامية وارتباطها ببعض العناصر الإرهابية الدولية.
وتم تدوين البلاغ بناء على تقارير واردة من جهاز المخابرات العامة، وطبقاً لمعلومات تحصلت عليها (السوداني) فإن جهاز الأمن والمخابرات بقيادة الفريق أول صلاح قوش، كان قد أودع النيابة في فبراير ومارس وإبريل من عام 2018 ، عدد من ملفات الفساد في إطار حملة أطلق عليها البشير (محاربة القطط السمان) لكن صراعات مراكز القوى داخل النظام السابق وتراجع البشير عن المضي في مكافحة الفساد ، أوقفت الحملة التي لم تجد تجاوباً على المستويين السياسي والنيابي برغم اكتسابها للزخم الإعلامي.

حيثيات الاتصالات
تشير التحقيقات الجارية مع البشير حول شركتي (ام تي ان) وبيع أسهم حكومية في (موباتيل) سابقاً للشركة الكويتية، لارتباط القضيتين بالفساد المالي في صفقة (موباتيل) عبر بيع 60% من الأسهم التي كانت تمتلكها الحكومة بتورط مقربين من البشير في الصفقة التي كشف عن تفاصيلها شهيد الصحافة محمد طه محمد أحمد في سلسلة مقالات ألمح فيها لشبهة فساد حول الصفقة، منتقداً الحكومة بيع شركة موباتيل للاتصالات بما اسماه (البقرة الحلوب للسودان). أما من جهة ثانية نجد محاولة الربط بين قضية شركة ام تي إن ، بشخصية عبدالباسط حمزة، الذي ما يزال يقبع في السجن منذ الاطاحة بالبشير في الحادي عشر من إبريل الماضي، وكان قد تردد على نطاق شعبي واسع، أن عبدالباسط حمزة ضمن ثالث ثلاثة سيطروا على أموال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن خلال فترة وجوده في السودان، وهي ما تزال معلومات بلا أسانيد قانونية أو وثائقية معلنة حتى الآن من قبل السلطات العدلية أونافية لها من قبل محامي الدفاع عن حمزة . وكان القيادي المنشق عن الحزب الشيوعي د. صلاح ال بندر، أضاف أبعاداً سياسية وتنافسية قبل إثارة القضية نفسها ، وذكر عبر تسجيل صوتي في أغسطس من العام الماضي، أن رجل الأعمال السوداني الجنسية محمد إبراهيم الشهير بـ(مو إبراهيم) يقف خلف التحكم في التغيير الذي حدث في السودان، وقال البندر إن مو ابراهيم يرغب في الاستحواذ على شركات الاتصالات السودانية.

أما القيادي بالحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المحلول د. ربيع عبدالعاطي رفض في تعليق لـ(السوداني) ما اسماه إطلاق القول على عواهنه، معتبراًً أن الاتهام للحركة الإسلامية وبعض قياداتها بتمويل الإرهاب أو الاستيلاء على أموال إرهابيين، تهم سياسية وليست قانونية، مطالباً بالكشف عن الأدلة بحالة معينة تم خلالها القبض على إرهابيين اعترفوا بأنهم مولوا بواسطة الحركة الإسلامية، واعتبر ما يثار في هذه المسألة بأنه نوع من التجني على الإسلام والإسلاميين مطالباً بذكر أي شخص ارتكب جريمة وجرمه دون اطلاق اتهامات ذات طبيعة سياسية مطلقة تجاه كيان بأكمله .

مصادرة أنشطة
مصادر مطلعة أكدت لـ(السوداني) أن أجهزة الاستخبارات بالجيش وضعت يدها على كافة استثمارات الحركة الإسلامية، وجففت كافة الأصول والمنقولات الثابتة والمتحركة والمقار، وطبقاً للمصادر فإن الجيش أعاد عدداً من المؤسسات الاقتصادية التي كان يعتقد أنها ضمن استثمارات الإسلاميين ضمن إعادة ذاتية لهيكلة أبقت على المنظومة الدفاعية بيد الجيش والخدمية بتبعية مباشرة لإدارة مدنية عبر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
تجفيف التمويل

طار رئيس الحكومة د. عبدالله حمدوك إلى الولايات المتحدة في زيارة ثانية، ميمماً وجهه صوب واشنطن، حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين الأمريكيين ، حول خطوات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب . وفي الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي، وخلال زيارته الأولى إلى نيويورك أجرى على هامش اجتماعات الأمم المتحدة لقاءً مع وكيلة وزارة الخزانة الأمريكية للإرهاب والاستخبارات المالية، سيجال مانيلكر، ناقش اللقاء سبل التعاون والتنسيق بين مكتب وكيلة الخزانة للإرهاب والأجهزة المناظرة له في الحكومة السودانية.
وأكد الطرفان دعم الولايات المتحدة للسودان في مجال الإصلاح الهيكلي لقطاع المصارف والبنوك، إلى جانب برامج رفع القدرات في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وهو مافسر إقدام الحكومة على إجراءات تتصل بالوفاء بالمطلوبات الأمريكية، بخاصة أنشطة الشركات والأشخاص وحركة الأموال والمنقولات لضمان قطع أي تواصل للسودان مع جماعات سياسية وأيديولوجية خارجية تضعها واشنطن في خانة العداء والإرهاب والتطرف. بالمقابل ذكر رئيس الحكومة د. حمدوك ومن خلفه وزير المالية د. إبراهيم البدوى ، أن للسودان أموالاً كثيرة منهوبة بالخارج وأنهما عازمان على استردادها ، بمساعدة الدول الخارجية لتسهم تلك الأموال في تنمية البلاد.
ولا يبدو قول رئيس الحكومة ووزير المالية غريباً فقد ترددت على نطاق شعبي واسع، اتهامات عديدة ذكرتها المعارضة لنظام البشير، عن تهريب الأموال إلى ماليزيا ، وظلت هذه الاتهامات تطرح في وجه الحكومة بكثافة عقب نشر صحيفة News Straight Times الماليزية عبر ملحقها الاقتصادي أن السودان في قائمة الدول المستثمرة في ماليزيا برأس مال مقداره 13 مليار دولار .

رأي قانوني
يفسر المحامي كمال محمد الأمين ، الاتهامات التي يمكن أن تقدم لمتورطين في مثل هذه القضايا، والأحكام المتوقعة بحقهم، ويقول في تعليق لـ(السوداني) استناداً على مبدأ الجريمة الشخصي أو الإقليمي أن الاختصاص ينعقد لأجهزة العدالة الوطنية إذا ارتكب أي نوع من الجرائم الموجهة ضد الدولة أو القوات النظامية أو تزييف العملة وطوابع الإيرادات وأن يحاكم بعقوبة تصل للمؤبد والإعدام في بعض الحالات، ويشير إلى عدم اختصاص الأجهزة العدلية السودانية النظر في أي جريمة ارتكبت بالخارج ما لم يرتكب جزء منها في داخل السودان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.