أجندة || عبدالحميد عوض

أحزاب كورونا

شارك الخبر

الحقيقة التي لا مفر منها مطلقاً، أن الدولة ستقف مكتوفة الأيدي، وعاجزة تماماً، إن تفشى فايروس كورنا الجديد في السودان، بمثل تفشيه في بقية الدول، ذلك أمر يدركه راعي الضأن في الخلا الذي يعلم مدى هشاشة النظام الصحي الموروث من النظام البائد، وهو نظام وضع صحة الإنسان السوداني في آخر قائمة أولوياته.
ومع ذلك الوضع يحتم على كل مكونات المجتمع المدني التحرك، وقد وقفت بنفسي على العديد من المبادرات التي تحاول المساهمة في كسب المعركة ضد كورونا، هي مبادرات عظيمة حتى وإن بدا بعضها متواضعاً، وجدنا شبابا يحاول حصر أصحاب وصاحبات المهن الهامشية في الأسواق استعداداً لمد يد العون لهم حال تفاقمت الأوضاع الصحية وتطلب الأمر بقاءهم في المنازل، كما شاهدنا شبابا يدخلون إلى الأحياء في حملات توعية ، يوزعون الملصقات ويلقون المحاضرات ويوزعون الكمامات على الفقراء والبسطاء، وجاءت كذلك مبادرات الصيادلة ورجال الأعمال والجامعات والشركات ..ألخ
هل تعلمون ماهي أبرز الكائنات الغائبة عن تلك المعركة ؟
إنها أحزابنا ذاتها التي أصابت بلادنا بكورونا السياسة، فباستثناء حزب المؤتمر السوداني الذي فتح كل دوره لحملات التطوع والذي اجتهد قطاعه الصحي ودشن حملات توعية، وصنع المعقمات ووزعها، لم نلمس أي مبادرة جادة وعملية من الأحزاب حتى تلك التي تدعي العراقة والتاريخ، أو أحزاب الفكة التي وصل عددها  في أواخر عهد المخلوع إلى أكثر من مئة حزب .
ولكم أن تتخيلوا لو أن الموضوع لم يكن مرتبطا بمحاربة كورونا، بل بتوزيع حقائب وزارية أو المشاركة في مؤتمرات صحفية أو مؤتمرات عامة، أو الظهور في شاشات التلفزة ، حتما سيكون السباق مختلفاً جداً، وكنا سنرى الأوداج منتفخة في الفراغ العريض، ولسمعنا الخطب الجوفاء عن حرص كل حزب على الشعب السوداني كذبا ونفاقاً.
لقد كشفت معركة كورونا وفضحت، بكل أبعادها الإنسانية مدى ضحالة التجربة الحزبية في السودان وتأخرها في الاستجابة والتفاعل مع حدث الساعة، وسوء تقديراتها، وبلا أدنى شك سينعكس ذلك كلياً على كسبها الانتخابي والسياسي والإنساني.
قبل فوات الأوان على الأحزاب أن تدراك ذلك التقصير والتلكؤ، وتصححه وتتحمل مسئوليتها الاجتماعية بأسرع ما يمكن .
طبعاً الحديث أعلاه ليس معنياً به حزب المؤتمر الوطني المحظور، لأن الحزب ما شاء الله تبارك الله، وحتى اللحظة لا يعترف بوجود مخاطر لفايروس كورونا ويتوهم أنها مجردة لعبة سياسية من الحكومة وتحالفها الحاكم، تشبه ألاعيبه السابقة التي مارسها، وينظر الحزب إلى الموضوع بمنظار الربح والخسارة ويتأسى على ضياع فرصة بداية حراك له يعتقد أنه  سيسقط به الحكومة ويعود هو لسلطة الفساد والاستبداد، أو الأقل تعميد حكم عسكري يمكن أن يتلاعبوا به كما تلاعبوا بالعسكر في أكثر من مرة، وكل ذلك ليس بمستغرب على حزب تاجر من قبل بجثث الموتى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.