خزعبلة قمرالدين ـ وثمن التطبيع

الرواية الاولي || مجدي عبدالعزيز

شارك الخبر

 

في مقطع فيديو متداول هذه الأيام بالأسافير يرد فيه السيد / عمر قمر الدين وزير الخارجية المكلف على سؤال لمحاوره بإحدى القنوات على اتهام بأنه كان وراء قرار وضع السودان ضمن القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب ـ أجاب قمر الدين بـ : (نعم، ولن أعتذر) ،، قال الوزير لن أعتذر رغم أن سؤال المحاور لم يتضمن الطلب بالاعتذار، ولكن إجابة الوزير بهذه الطريقة تدل على محاولة إمعانه في تأكيد دور له في قرار الدولة العظمى بمعاقبة دولة أخرى إبان نشاط معاليه في منظمة (كفاية) الأمريكية إحدى أدوات الديمقراطيين التي تعمل في الفلك الإفريقي.
الحقيقة إن عمر قمر الدين هو شخصياً لم يكن وراء قرار الولايات المتحدة بوضع اسم السودان في قائمة الإرهاب، وهذا لعمري مرتقى سام يحاول الرجل أن (يقشر) به ويتمظهر أمام من لا يعلمون طبيعة وتفاصيل مجتمع السياسة الأمريكي، وأمام المتوهمين بهذا الدور من الناشطين، فأمثال قمر الدين لم يكونوا أكثر من ممثلين في مسرح مكشوف يدار من خلف الكواليس يصعد فيه الممثل ليؤدي دوراً مرسوماً ثم يغادر، ودور الرجل مهما تسمى بموقع في (كفاية) لم يتجاوز الدور المكتوب له في المشهد المحدد بالفصل المعني بالمسرحية الكبرى، وكان الدور (ممثل الضحايا) وحتي شهادته في أروقة الكونغرس في ٢٠١١م لم تتجاوز دور (المتحدث) المفترض باسمهم ـ ثم انتهي الدور، ومن بعد جاء التجمل السياسي، والمخاطبات الجماهيرية والدعائية كالتي ظهر فيها أمام الكونغرس وصدح فيها (بأن لا ترفعوا العقوبات عن السودان).
ربما يتسآءل متسائل لماذا أسوق هذه الحقائق الآن؟ وهل هذا استهداف للرجل (حاشا لله)، لكن إجابتي أيضاً هي عبارة عن تساؤل: من الذي سوّق لـ(خزعبلة) أن عمر قمر الدين هو من وضع اسم السودان في قائمة الإرهاب الأمريكية في عهد النظام السابق وهو القادر على رفعه الآن بعد التغيير؟ ومن قدم حيثيات توليه لرئاسة الدبلوماسية السودانية على أساس هذا الافتراض؟ وهل الديمقراطيون (أصحاب كفاية) التي غادرها قمر الدين وشغل موقع آخر ـ الديمقراطيون المناوئون لسيد البيت (ترامب) ـ هل هم حريصون علي اتخاذ قرار مغاير عما اتخذوه سابقاً ؟ .
بغض النظر عزيزي القارئ الكريم عن حصولك على إجابات عن هذه التساؤلات أم لا، لكن هل تعلم مثلما علمت مؤخراً أن أمثال السيد عمر قمرالدين إسماعيل من حملة الجنسية الأمريكية وجوازاتها ممنوعون من ممارسة أي عمل سياسي أو دبلوماسي خاص بدول أخرى داخل الولايات المتحدة؟ ، بمعنى أن السيد قمر الدين لن يستطيع أن يذهب مبعوثاً لأمريكا من السودان ويلتقي مسؤولين ورسميين للمنافحة عن القضية السودانية أو مناقشة أي أجندة رسمية،، يا للدهشة ،، وهل تعلم أن أمريكا لم تستثنَ من مثل هذا المنع إلا في حالات ضيقة وحساسة جداً كحالة (حامد كرزاي) الذي حكم أفغانستان بعد الغزو وتحت وصاية القيادة العسكرية الأمريكية؟
نأتي لزيارة وزير الخارجية الأمريكي (ماك بومبيو) مؤخراً للبلاد، والتي أدى فيها السيد عمر قمرالدين مهمة المرافق البروتوكولي للضيف وهو (مركب شريحتين) الرسمية كوزير خارجية مكلف للسودان، والواقعية (غصباً عنه) كمواطن أمريكي مع وزير خارجيته وولي أمره في الدولة العظمى،، يا للعجب ..
من الطبيعي والبائن والظاهر أن معالي السيد وزير الخارجية المكلف لم يكن هو معد مسودة مشروع قرار رفض التطبيع مع إسرائيل ناهيك عن أن يكون هو صانعه، بل ربما يكون على أقل تقدير لو أردنا أن نتصور دور له في هذه الزيارة أن يكون حث أو (حنس) ولي أمره في الدولة العظمى على زيادة المبلغ (التافه) مع طلب متواضع بالشطب من قائمة الإرهاب.
أخيراً بقي أن نعلم الحقيقة الأكثر مرارة وهي أن أمريكا التي نصبنا لها مواطنها عمر قمر الدين رئيساً لدبلوماسيتنا ـ ولو ليوم واحد ـ لم تنظر إلينا بأكثر من مبلغ بخس (خمسين مليون دولار) حسب ما تسرب من العرض الذي قدمه (بومبيو) نظير التطبيع مع إسرائيل ،، وإن سعي أمريكا وإسرائيل ماهو إلا لخطف ثمرة التطبيع في هذا التوقيت فهما أدركا أنه زمن الهشاشة والضعف، وأن غرض إسرائيل هو تحطيم رمزية اللاءات الثلاثة وتليين آخر الرؤوس (القوية) في المنطقة بلا ندية أو مقابل، وأن هدف أمريكا – ترامب / هو تسهيل المهمة وإرضاء اللوبي اليهودي المتنفذ في أمريكا لصالح (كارت) إعادة انتخاب دونالد ترامب (الجمهوري) ضد منافسه (الديمقراطي) الذي يتعاطف معه (عمر قمر الدين) لولاية رئاسية جديدة … يا سادة لن نستطيع أن نتفاهم مع العالم إلا إذا كنا أقوياء .. وإلى الملتقى ..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.