الاقتصاد من مواسير الزراعة .. الى انابيب النفط ! (2)

تحليل سياسي : محمد لطيف

شارك الخبر

بدأنا امس بإشارة لمؤتمر باريس .. وربما فات علينا توضيح الجهد الحكومي الذي بذل .. فصحيح أن إعداد الحكومة لذلك المؤتمر كان مميزا .. عكس ما يروج البعض .. والإعداد لا يعني من سافر وماذا قال؟ .. ولكن الإعداد الحقيقي .. تمثل في ذلك الجهد العلمي القيم الذى أعدته اللجنة الفنية .. بقيادة عائشة البرير وزملائها وزميلاتها ..حصرا وترتيبا وعرضا للمشروعات .. وصحيح أن قطاع الطاقة قد تصدر ذلك العرض الوافي للمشروعات .. من حيث الإمكانيات والمتاح والمحتمل .. ولكن الصحيح ايضا أن الجهد الحكومي الداخلي تجاه دعم قطاع النفط .. كان ولا يزال غائبا .. والشواهد عديدة ..!
نعود بالذاكرة الى الربع الأخير من العام 2020 .. حين بادر بعض رجال الأعمال بتنظيم ندوة حول فرص الاستثمار في قطاع النفط .. قدم فيها وليد الأسد الوكيل الحالي لوزارة النفط .. والوكيل السابق حامد سليمان حامد ومدير سودابت ايمن ابو الجوخ .. وغيرهم من خبراء النفط .. رتلا هائلا من المعلومات .. عن فرص الاستثمار في هذا القطاع وما يمكن أن يحققه من موارد حقيقية و وفورات على الاقتصاد .. ولكن كان مدهشا .. أن يصب السيد الحريكة عز الدين المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء يومئذ .. كوبا باردا على كل ذلك الحماس .. ويهيل أطنانا من التراب على كل تلك المعلومات .. وهي بمثابة حقائق ملموسة .. حين تحدث عن تدمير النفط للاقتصاد السوداني .. وعن آثاره السالبة على البيئة .. وكان طبيعيا أن تتصدى له المنصة وبعض الحضور .. وكنت منهم .. ليفرق فقط بين إنتاج النفط .. وبين سوء استخدام عائداته !!
ولكن .. إذا كان السيد الحريكة هو نفسه الآن .. مدير مكتب السيد رئيس الوزراء .. فهذا يثير قدرا هائلا من الشكوك .. حول مدى استجابة العقل المركزي للحكومة لمطلوبات نهضة الاقتصاد السوداني .. عبر تطوير قطاع النفط .. وهذا ما اشرنا اليه بالأمس .. أي غياب الحماس الحكومي تجاه دعم قطاع النفط .. واذا كان السيد رئيس الوزراء يؤكد دوما .. أنه في حاجة لنحو سبعة مليارات دولار .. ليعبر بالاقتصاد السوداني .. فإن خبراء النفط يؤكدون أيضا .. أن قطاع النفط هو وحده القادر على فعل ذلك .. يكفي أنه المورد الوحيد الذي يمكن أن تسيطر عليه الحكومة بالكامل .. وتعرف اي فلس فيه .. متى وكيف أتى .. والى أين ذهب ..!
يؤكد الخبراء أن بالسودان 26 مربعا نفطيا .. 22 منها على اليابسة و4 مربعات بحرية .. وأن المنتج منها 6 مربعات فقط .. أي أن 20 مربعا ما تزال بكرا في انتظار الاستثمار فيها .. ولكن ليست هذه هي القضية .. المفاجأة أن المربعات المنتجة حاليا فقط .. تحتوي على حوالى 6 مليارات برميل احتياطي مكتشف بالفعل .. منها 1,6 مليار قابلة للاستخراج .. فأين الحكومة من كل هذه الحقائق ..؟ ولماذا لا تجد صرخات مسئولي قطاع النفط أذنا صاغية من السلطات ؟ .. ورغم أن خطة 2021م لتنمية قطاع النفط .. تتحدث عن حوالى 550 مليون دولار فقط .. فالمؤسف أن هذه الصرخات تحمل احيانا رجاءات ابسط بكثير من توفير تمويل للتنمية .. إذ يبدو أن الإجراءات الحكومية .. في بعض المواقع الحكومية .. باتت مهددا فعليا لقطاع النفط .. فعلى سبيل المثال لا الحصر .. فالموافقة على تطبيق الإعفاءات الجمركية يستغرق اشهرا عدة .. وإجراءات بنك السودان ذات الصلة باستيراد مدخلات الإنتاج تستغرق وقتا هي الأخرى .. لا تقل عن إجراءات الجمارك .. وفي كل هذا تظل الحقول معطلة .. بينما مدخلات الإنتاج على أرصفة الموانئ تعاني الأمرين .. السرقات والإهمال ..!
وعلى ذكر السرقات .. فكل مواقع الإنتاج النفطي .. أصبحت مكشوفة الآن .. تتعرض للتخريب والنهب .. لأنه ليس في نية الحكومة إيلاء هذه المرافق الإستراتيجية بل والحيوية ما يلزمها من تأمين .. ومن يدري .. فربما يكون الملف طرف مدير مكتب رئيس الوزراء .. مذيلا بأشهر تعليق سوداني إبتدعته الخدمة المدنية لوأد كل شيء .. للحفظ ..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.