إتهامات مبكرة .. أم هي حمى المفاوضات ؟!

تحليل سياسي : محمد لطيف

شارك الخبر

 

ثار جدل كثيف في جوبا .. ثم وصل الى الخرطوم و لا تزال تداعياته مستمرة .. بدأ الجدل باحتجاج من الحركة الشعبية شمال .. على ما اعتبرته تسريبا متعمدا من الوفد الحكومي للمفاوضات للورقة الإطارية التي قدمتها كأساس للتفاوض .. وأن التسريب كان هدفه ممارسة ضغوط على الحركة عبر الرأي العام للتأثير على موقفها التفاوضي .. وبغض النظر عن صحة الاتهام من عدمه .. وبغض النظر عن قاعدة حق الرأي العام في أن يعلم ما يجري هناك .. وبغض النظر عن مبدأ الشفافية الذي بات يدير ويحكم كل العالم .. فثمة حقيقة لا بد من الوقوف عندها .. أو بالأحرى هي وقائع مشهودة ومثبتة .. ففي رمضان الماضي تلقى عدد من الصحفيين دعوة من مكتب شركاء التنمية ( بارتنرز ) وهو مركز معروف بنشاطه التدريبي والتثقيفي في مجال المفاوضات .. يتميز بعلاقات واسعة مع الأوساط الحكومية والمجتمع المدني والمجتمع الدولي على حد سواء .. وهذه العلاقات مكنته من لعب دور بارز .. وأن تكون له إسهاماته المقدرة في مجال المفاوضات .. ولن نذيع سرا أن هذا المركز لعب دورا كبيرا فى الترتيب لمفاوضات جوبا الحالية .. وربما يرتب المركز لمفاجأة اكبر في المرحلة المقبلة .. !

إذن .. بهذه الخلفية كانت باحة المركز ساحة التقى فيها على هامش الإفطار .. اولئك الصحفيون بالدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى .. رئيس الحركة الشعبية في المناطق خارج سيطرة الحركة .. أما أهم ما طرحه ود يوسف في ذلك اللقاء .. أن الحركة الشعبية مصرة إصرارا كاملا .. أن تكون المفاوضات مفتوحة .. بمعنى أن يسمح للصحفيين بحضور كل جلسات التفاوض .. وأن ينقلوا ما يرون ويسمعون .. حتى يكون الرأي العام ملما بكل تفاصيل المفاوضات .. كان منطق ود يوسف أن واحدة من اكبر المشاكل التى تواجه المفاوضات أن ينفرد الوفد الحكومي بفرض وجهة نظره على الإعلام .. وبالتالي على الرأي العام .. مع تغييب رؤية الطرف الآخر .. وأن الحل الوحيد هو أن يرى الإعلام ويسمع كل شيء .. وأكد ود يوسف أن الحركة مستعدة للمضي لآخر الشوط دفاعا عن مقترحها ذاك ..!

الواقع أن مقترح الدكتور محمد يوسف قد قوبل بحماس بالغ من الصحفيين .. حتى أن الفكرة قد تطورت لحد تنظيم دورة تدريبية خاصة لعدد من الصحفيين لمزيد من التأهيل لتغطية المفاوضات .. استفاد منها خمسة عشر صحفيا يمثلون كل وسائط الإعلام .. عليه .. فإن كان الأمر كذلك .. فالمنطق يقول إن خروج الورقة الإطارية للحركة وطرحها على الملأ .. جاء متسقا تماما مع رؤية الحركة لكيفية إدارة المفاوضات .. وضرورة أن يلم الرأي العام السوداني .. بكل ما يدور فيها .. فهو صاحب المصلحة الحقيقية والأخيرة .. في سير ونتائج هذه المفاوضات .. وهي قاعدة الشفافية المطلقة التي بشر بها الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفي .. القيادي البارز بالحركة .. وأحد مفاوضيها الآن ..وهو يخاطب الصحفيين بالخرطوم .. خواتيم رمضان الماضي .. فلماذا تغير موقف الحركة الآن .. واصبح خروج ورقتها الإطارية محل اتهام من جانبها للوفد الحكومي ..؟

ولئن كانت الحركة .. أو بعض قادتها يفترضون سوء النية في الجانب الحكومي .. بمظنة أن تسريب الورقة هدفها حشد رأي عام مضاد .. فهذا يخصم من الحركة و لا يضيف اليها .. وستجد الحركة منطقا مقابلا يقول لها .. ليتكم أخذتم برؤية ود يوسف وسربتم ورقتكم للإعلام .. حتى قبل تسليمها للوساطة .. حتى يتشكل رأي عام داعم لها .. هذا إن كان ما تحتويه الورقة .. يخاطب شواغل الرأي العام .. لا هواجس الحركة .. ! أم هي حمى المفاوضات ..؟!

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.