كيف يفكر رئيس الوزراء..؟! (1)

تحليل سياسي: محمد لطيف

شارك الخبر

استغرق مني التفكير وقتاً.. ماذا أكتب وكيف أكتب..؟ ربما كانت الأولى سهلة.. فحين يلتقي صحافي مسؤولاً، فمن السهل أن تنسال المواضيع.. حتى ربطة العنق يمكن أن تشكل محوراً للكتابة.. ولكن السؤال العصي كان هو، كيف أكتب..؟ هل أكتب عن الدكتور عبدالله حمدوك في شخصه..؟ ولكني لست في مقام التمجيد وتعداد المآثر ولا في مقام النقد والتقريع .. هل أكتب عن رئيس الوزراء وإنجازاته..؟ ولكني لم أذهب لإجراء حوار صحفي بوصفه المسؤول التنفيذي الأول.. ثم رأيت، وآمل أن أكون مصيباً، أن الرجل هو بالفعل رئيس الحكومة الانتقالية.. وأن الطريقة التى يفكر بها، ستشكل إلى حد بعيد مسارات ومآلات هذا الانتقال.. عليه يصبح مهماً أن يجد الرأي العام السوداني؛ إجابة على سؤال أساسي، كيف يفكر رئيس الوزراء..؟ ولسبب من هذا جاء اختياري لهذا العنوان لسلسلة التحليلات التي ابتدرها اليوم و آمل أن اتمكن من عرض إجابات مفيدة..!
حين التقيت الدكتور عبدالله حمدوك دون ترتيب مسبق، ذات أمسية قريبة، كان ذهني ما يزال مسكوناً بأن الرجل غريب عن السودان لا يعرف عنه الكثير، مقروءاً ذلك مع قناعة راسخة عندي ظللت أرددها دوماً، أن المسؤول الأول في سلطة ما بعد التغيير؛ لا بد أن يكون ملماً بـ (جخانين) السودان.. وللحقيقة فإنني لم أجد في قاموسنا اللغوي، بعاميته وفصحاه، ما يعبر عن طريقة إدارة الشأن العام، في عهد الإنقاذ، كلمة أكثر تعبيراً عن تلك الحالة من كلمة (جخانين) هذه.. فعلى سبيل المثال، فقد كانت لكل مؤسسة حكومية معروفة، أخرى موازية غير معروفة، لا يفهم أحد كنهها، حكومية هي أم خاصة..؟ ولا يعرف أحد تفاصيلها إلا من صنعها..!
إذن فقد التقيت الرجل وأنا أسير بذلك الفهم الذي روج له البعض كثيراً، وهو أن عبدالله حمدوك قد غاب عن السودان لثلاثين عاماً، وأنه لا يعرف عنه شيئاً.. ولكن، وحتى قبل الخوض في تفاصيل تصوراته وأفكاره في طرائق إدارة الانتقال، فإن ثمة حقائق تفند لوحدها مزاعم التغييب تلك.. ففي واحدة من منعطفات الحديث الذي كان متعرجاً، صعوداً وهبوطاً، قلت له؛ لا أدري ماذا يمكن أن يكن دور الحكومة، ولكن واحداً من أهم مقومات نجاح الانتقال، تأهيل أحزابنا السياسية ودعمها للقيام بدورها الطبيعي في قيادة العملية السياسية، وتهيئة البلاد للانتخابات..؟ فاجأني الدكتور حمدوك بسؤال، وقد اختفت ابتسامته “هل سمعت حزباً يتحدث عن الانتخابات..؟” ثم حين وضع ما كان بيده على الطاولة أدركت أنه سيقول شيئاً.. فقال: بعد اتفاقية السلام الشامل 2005 حضرت إلى السودان على رأس فريق المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية “آيديا” كانت مهمة الفريق الأساسية أن يساعد في تأهيل الأحزاب السياسية وتهيئتها للمشاركة في العملية الانتخابية التي كان مقرراً أن تعقب الانتقال.. ويستدرك حمدوك: كانت الآمال عريضة في ذلك الوقت، بأن ذلك الانتقال سينتهي بوحدة جاذبة، وأن فترتها ستنتهي بانتخابات حرة نزيهة، تحقق التحول الديمقراطي الذى كان يحلم به السودانيون..!
استغرقني التفكير مطولاً بالطبع، في حكاية زيارته هذه.. وربما استوقفتني أكثر طبيعة الزيارة ومهمتها.. نحدثكم غداً عما فعل حمدوك في زيارته تلك.. وعن مثيرات أخرى كثيرة..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.