عوض أبو غفران يكتب: أعجز منها لم تر عيني قط.. قوموا لإكمال ثورتكم يرحمكم الله

يعزى سبب تواصل الفساد الذي استشرى في عهد المخلوع البشير وقامت الثورة لحربه في بلادنا، إلى عدم وجود مُؤسّسات في الدولة تضبط الفساد بأنواعه سواء كان إدارياً أو مالياً أو أخلاقياً، أما لماذا تنعدم هذه المؤسسات؟ فالإجابة تكمن في أن معظم الحاكمين أو من يديرون مقاليد الأمور جاءوا إلى السلطة كغنيمة، أو هم جزء من مليشيا المال والسلطة، يقربهم القادة الكبار ليخدموا مصالحهم أو يتقاربون بنظرية القنافذ في حَرّ الشتاء.

إنّ انعدام آليات الرقابة والحوكمة والإدارة ورثت من عهد البشير، ولم تقم حكومة الثورة بأي إصلاح إداري يؤسس حتى اللبنات الأولى لها، فالمُراجعة العامة للدولة، والمراقبون والمفتشون في سلم الإدارة السودانية أندر من لبن الطير، كما أن سيستم الدولة مبنيٌّ على أنّ للأموال خزائن متعددة، والولاية على المال مخولة لكل مصلحة ووزارة بنحو مشاع لا نظام يحكم حركة المال، ولا ضوابط وتقاليد إدارية تنظم القرارات.

لم تقم حكومة حمدوك بفعل شئ يُذكر ولم يعد أمامها ما يكفي من الزمن لفعل أيِّ شئٍ، فالدعم الذي كانت تجده من الشعب تم تبديده بنحو أخطر من المال، وثبت خلال السنوات الماضية أنها (راحت في التفاصيل)، ولم تفصل ما بين هو إداري بحت يخص الدولة، وما بين هو سياسي يُخضع للأخذ والرد، وفتحت الحكومة مكاتبها للصراعات السياسية التي هي في الأساس لا شأن لها بها، وغابت قضايا الناس بين اجتماعات (كلامية) وأقاويل (سريالية) (وأمانٍ سدُندسيّة) حتى عجزت عن إدارة مكاتب مجلس الوزراء.

لا أكتب هُنا لأنعي حكومة هي ميتة في الأساس، لكني أنبه إلى خطر ما يُساق عن أنها هي الحل الوحيد، وهو ذات انغلاق الأفق الذي وصل إليه سدنة البشير، وذات التخويف الذي أشيع بأننا متى شرعنا في التغيير حصدنا نتائج صفرية، ونقفز في الظلام، وهي أقوال يجانبها الصواب، فها نحن نصل إلى ذات النتائج الصفرية ونغوص في الظلام في وجود هذه الحكومة. والتخويف من أن العسكر سيعتلونها إن غادرها حمدوك أو قادة الأحزاب والحركات مجرد (تكتيف) لقدراتنا على الفعل والتغيير، فالعساكر يعتلونها مع وجود ذات الحكومة، بل يمارسون سلطتهم برضاء من نظن أنهم في الجانب الآخر من العساكر، والصحيح أن هذه الحكومة جزء من العسكر وتعمل مثل (حجاز) أمسك بتلابيبك ليضربك عدوّك.

لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولن يقوم تغيير مع تصديق الوهم الذي يعشعش في نفوسنا بفعل التخويف والآمال الزائفة.

قوموا لإكمال ثورتكم يرحمكم الله

* عوض ابو غفران

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.