دولة 56 تبني إنسانها من طين الأرض

كتب: عوض أبو غفران

كانت دولة 56 تعرف كيف تستر عيوبها، تغطي فقرها وتمشي صبورة ومخرز الموت في جنبيها منشتل.

كانت تبني إنسانها من طين الأرض الذي تعجنه بيديها وفكرها. هذه أرض لم تبنها الحكومات ولم تعرف مال الدولة، بل كانت الدولة تقتلع مال الإنسان المسكين في هذه الأنحاء، وتأخذ رسوم مدارس بنيت بالنفير وتبرعات المغتربين وصدقات المحسنين.

كانت المدارس ودُور العبادة والمشافي تُبنى من أهل القرى لأنهم يحبون قراهم وهذا تعبيرٌ للتمسك بالحب والحياة هنا، رغم أن حكومات العاقين من الأبناء كانت تحيل الحياة هنا لمستحيل. لقد صنع كل شيء هنا ليرمز للمقاومة والصمود والكفاح.

 

حتى ما يحدث في الشمال حدث بفعل التفاني في خدمة الدولة وجشع تجارها من الأبناء العاقين الذين بنوا سداً بلا رؤية لا للإنسان ولا الوطن بل لمكاسب سياسية ومادية بلهاء بقدر ما طمر التاريخ تحته، غير معالم الحاضر والمستقبل لهذه البقعة من الأرض ليضعها في أتون الجحيم.

 

سيعاني الشمال أمطار تبخر مياه السد وانهيار بنياته بسبب تغير المناخ و(التندي) وسيتم إهلاك ما بقي من إنسانه بشعارات الحروب والكروب، وإرسال الموارد التي تستحقها التنمية لتنفق في شعارات الكرامة التي يطلقها أبناؤه العاقون الذين لا كرامة لهم ولا حب للوطن ولا دين.

 

هذا نموذج المدارس في دولة 56 التي صنعت الإنسان الذي تكرهونه أيها المناضلون ضد دولة 56. أقول هذا لتعرفوا أنهم لم ينهضوا بمال الدولة، بل حركاتكم التي تعبر عن كسلكم وجشعكم في النهب وادعاء النضال ضد هذا الإنسان هي من تمولت بمال الدولة، ورغم ذلك لم تتركوه في حاله فأقلقتم بجهلكم وأنانيتكم سلامه وأمنه الذي صنعه بنفسه ومعرفته وحبه للوطن.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.