نقطة نظام

على صعيد الجبهة الخارجية، تأتي زيارة السيد ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي للسودان في الأسبوع المنصرم، وما جاد به على السودان من (فكة)، وحديث طيب لجذب المقرضين والمستثمرين، وما فعلته الأمم المتحدة ممثلة في الجمعية العامة بتكريسها دورة الانعقاد الحالية لدعم السودان كأخبار طيبة تسعد كل سوداني قلبه على هذه البلاد، فالواضح أن (المجموعة الدولية) قررت إعادة السودان إلى حضنها، ويحق لنا أن نسعد بذلك مهما كان رأينا في هذه (المجموعة الدولية)، لأننا قد عرفنا جيداً ماذا تعني (مكاجرة) المجموعة الدولية، إذ إنها (ورتنا الطفا النور منو) وادبتنا (ادب المدائح)؛ وذلك ببساطة لأن الجماعة التي كانت حاكمة والتي قامت بالمكاجرة لم تستطع أن تحولها إلى نعمة، كما فعلت بعض الدول القوية التي استطاعت تحويل الحصار العالمي إلى مشروع نهضة، وأخشى ما أخشاه أن يفشل حكام اليوم في تحويل إقبال (المجموعة الدولية) على السودان إلى نعمة، لتصبح البلاد مدورة في سجمها ورمادها إلى يوم الدين.
(2)
أما على صعيد الجبهة الداخلية، حيث المعارك الكلامية والضرب تحت الحزام على أشده هذه الأيام، فالبحث عن حدث إيجابي أصبح مثل البحث عن الكبريت الأحمر، (فيا كافي البلا ويا حائد المحن) البلاد دولتنا أصبحت كـ(المضروبة في ركبها)، ولكن مع ذلك يمكننا اللجوء إلى المجتمع لنجد شيئاً يمكن أن يقال عنه إيجابي، ففي غمرة اللجاج والمخاشنة السياسية يوم الأحد قبل الماضي، كانت هناك مباراة بين الهلال والمريخ، فانصرف أهل الرياضة إلى كورتهم، وتركوا السياسيين في عكهم، وفي صبيحة يوم الاثنين كانت مبيعات الصحف الرياضية أكثر من مبيعات الصحف السياسية بكثير، وفي تقديري أن هذا دليل عافية، فلو تابع كل الشعب السياسة سوف تروح هذه البلاد في ستين داهية، فالأمم التي سبقتنا في مجال التنمية والتقدم تركت شعوبها السياسة لمحترفيها، وانصرفت إلى سبل كسب عيشها، نعم تكون هذة الدعوة هنا مثالية لأن السياسة لن تتركنا إذا تركناها، فهي سوف تلاحقنا محل قبلنا، ولكن مع ذلك دعونا نسعى مستفيدين على سابقة الأحد.
(3 )
تاسيساً على ذلك فإننا ندعو وزارة الري ممثلة في كل القائمين عليها والعاملين فيها لأن تنسى السياسة بدءاً بسد النهضة، فتتركه للسياسيين بعد تقديم المشورة الفنية لهم، وتترك الـ(300) مليون دولار التي أتى بها ديفيد ملباس للقسم الذي يناسبها في الوزارة، وتتجه بكلما تبقى لها من قوة وبأسرع ما يمكن للموسم الشتوي الذي أصبح في خطر، فإن عجزها في الموسم الصيفي قد سترته الأمطار، ولكن ذات الأمطار قد ألقت عليها عبئاً في الموسم الشتوي، لأنها طمرت القنوات بالأطماء والحشائش، والمعلوم أن الموسم الشتوي كله ري مروي، وعلى حسب المخطط فإنه سوف تزرع مليون فدان في العروة الشتوية على رأسها القمح، وما أدراك ما القمح، ففي مشروع الجزيرة وحده توجد قرابة الألفين قناة (ترعة)، وكلها في حاجة ماسة للتطهير من الطمي والحشائش، وحتى كتابة هذه المادة لا توجد ولا كراكة واحدة، وقد تبقت لزراعة القمح ثلاثة أسابيع فقط، علماً بأن البلاد مليانة كراكات، والجازولين متوفر ولكن الغائبة هي الإرادة والاهتمام، وأخشى ما أخشاه أن تعيد وزارة الرى جليطة العام الماضي، حيث منعت كراكات القطاع الخاص من العمل، وهي ما عندها التكتح تأسيساً على تقديرات سياسية بائسة، فيا أهلنا في وزارة الري السياسة ملحوقة، ولكن الزراعة مواقيت، وغداً إن شاء الله، نفصل أكثر في حتة الجزيرة.

شارك الخبر

Comments are closed.