(الجبّـادات) سرطان الكهرباء

استفهامات
أحمد المصطفى إبراهيم
   Istifhamat1@gmail.com

شارك الخبر

(يوم بلا كهرباء يوم بلا حياة).

كثيراً ما وقفت في زمن السلم أمام هذا الجهاز، أفكِّر عن ماذا أكتب اليوم؟ غير أنّ الصورة الآن معكوسة تماماً من حيث كثرة ما يستحق الكتابة ولما زادت حيرتي، وقفت عن الكتابة منذ مارس الماضي.

غير أنّ موضوعاً جد مهم لفتني إليه مسؤول بالكهرباء يستغيث قلمك معانا يا اخوانا كارثة تحيط بالبلاد، انهيار خدمة الكهرباء بات وشيكاً إذا لم يتدارك الكل هذا الخطر، قلت: مهلاً ما الخبر حتى الآن، لم تريني ما المشكلة، يرد: يا أخي هل تعلم ما هي (الجبّـادة)؟ قلت نعم أعرفها تلك التي يصطاد بها السمك، قال: لا أعنيها، التي أعنيها هي توصيل الكهرباء بسلك يشبه الجبّـادة من خط الكهرباء العام تضع عليه الجبّـادة، وهي غير مُحكمة التوصيل معه وتهتز مع الهواء وتحدث شرراً وحرارةً تنعكس سلباً على المحول ويحرق المحول. كلما زاد عدد الجبّـادات في المحول يحرق فوراً وتنقطع الكهرباء عن المُجبِّدين والمُشترين في انتظار المحول البديل والذي لا تستطيع شركة الكهرباء توفير محولات بهذا الكم في الظروف العادية، ناهيك عن هذه الظروف. بعض اسعار المحولات (30) ألف دولار.. تخيّل!!

يقول محدثي إنّ الذين يدفعون ثمن استهلاكهم من الكهرباء 15% فقط، يعني 85% من الزبائن يسرقون الكهرباء والذي يسرق الكهرباء عبر الجبّـادة لا يقتصد في استهلاكها وسيشغل كل أجهزته طوال الوقت ويُسبِّب ضررين.

سرقة الكهرباء في مصر َجريمة أمن قومي مثلها والخيانة العُظمى والتجسُّس وما شاكلهما من هذه القائمة. ولك أن تتخيّل عقوبتها. عقوبة سرقة الكهرباء الآن غرامة تتراوح بين (100) ألف و(400) ألف جنيه. ودلّـت التجربة عدم جدواها في وقف هذه الجريمة.

عليه، لا بُـدّ من تحرك عاجل من النيابة والأمن الاقتصادي وشركة الكهرباء لتعديل القانون بفرض عقوبة جريمة سرقة الكهرباء بأنها جريمة أمن قومي وليس جريمة جنائية عادية ولو بقانون الطوارئ، ثُـمّ إنزال عقوبة رادعة في ميادين عامة في كل الولايات حتى يراها ويسمع بها كل السودان، لنُحافظ على هذا المرفق المهم الذي هو الحياة كما كانوا يقولون (يوم بلا كهرباء يوم بلا حياة).

سُـوء استخدام المواطن للمرافق العامة سيدفع ثمنه الجميع. هذا الفرح بمجانية الكهرباء المسروقة، دون أن ينظر لحلها من حرمته فلنذكره بأنه إذا استمر في هذا الفعل الغبي والأناني فلن يجد بعد تلف المحول كهرباءً لا مجّاناً ولا بقروش. وذنب كل من يموت بتلف الأنسولين ومراكز غسيل الكُلى وتلف الأدوية كل من تضرّر من غياب الكهرباء، له فيه نصيبٌ.

إن كانت الحجّة في وقتٍ سابقٍ توقُّف التطبيقات والإنترنت، الآن عدة طرق لشراء الكهرباء فكُل حلالاً واشرب حلالاً لتدوم النعم لك ولغيرك، أما إذا ما تمّ الإصرار على سرقة الكهرباء لضعف الرقابة العامة والخاصة وعدم النهي عن المنكر. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه. سنقول على السودان السلام وجهِّزوا أنفسكم للنزوح والتشرُّد والتسوُّل وعندها نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.

أخيراً.. على كوادر الكهرباء الذين يعملون في ظروف قاسية، نشد على أيديكم وندعو لكم أن يُوفِّقكم الله للخير.

شارك الخبر

Comments are closed.