الحالة في السودان.. ماذا قال الأمين العام للأمم المتحدة؟

قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن الحالة في السودان الجمعة الماضية، متسبباً في إصدار قرار مجلس الأمن 2579 (2021) الذي بموجبه تم تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان حتى 3 يونيه 2022م، فضلاً عن مطالبة الأمين العام أن يقدم إليه تقريراً كل 90 يوماً عن تنفيذ ولاية البعثة وعن التقدم المحرز..
نيويورك: السوداني
التطورات المهمة.. الحالة السياسية
حدد التقرير المدى الزمني الذي يرصد تطورات السودان، وحددها في الفترة من 21 أغسطس إلى 21 نوفمبر 2021م، مغطياً التطورات سياسية وأمنية واجتماعية اقتصادية وتطورات تتعلق بحقوق الإنسان وسيادة القانون والعمل الإنساني.
وابتدر التقرير وقائعه بأنه في 25 أكتوبر، احتجزت القوات المسلحة رئيس الوزراء، عبد الله حموك، وعدداً من الوزراء والمسؤولين والقادة السياسيين المدنيين، وسيطرت على وسائل الإعلام الحكومية. وأن القائد العام للجيش أعلن عبر التلفزيون حالة الطوارئ وأوقف العمل بالمواد 12 و 15 و 16 و 24 (3) و 71 و 72 من الوثيقة الدستورية، بحيث تم فعلياً حل المجلس السيادي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي الانتقالي الذي لم يشكل بعد، وأعيد تنصیب مجلس عسكري انتقالي. وأقال أيضا حكام الولايات (الولاة)، وجمد عمل لجنة تفكيك نظام 30 يونيه 1989 واسترداد الأموال العامة، وأمر بتعليق خدمات الإنترنت. وتعهد بإجراء انتخابات بحلول يوليه 2023.
مؤتمر صحفي.. مبررات البرهان
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره، إن 26 أكتوبرشهد مؤتمراً صحفياً قال فيه البرهان إن الإجراءات التي اتخذها تهدف إلى تجنب الصراعات الأهلية ووضع العملية الانتقالية المصابة بالشلل على المسار الصحيح من خلال الإشراف على إنشاء المؤسسات اللازمة وتعيين حكومة تمثيلية. وأكد أن الجيش يقف إلى جانب الشعب السوداني في دعواته إلى حكومة مدنية وأنه سيتقيد بالوثيقة الدستورية وباتفاق جوبا للسلام في السودان.
وأشار التقرير إلى إطلاق سراح رئيس الوزراء مع إبقائه قيد الإقامة الجبرية مع تقييد شديد لشروط زيارته حتى 21 نوفمبر، منوهاً إلى أن القادة المدنيين المحتجزين الآخرين ظلوا رهن الاحتجاز، باستثناء أربعة وزراء أطلق سراحهم في 4 نوفمبر. ولم تحتجز أي وزيرة من الوزيرات الأربع، بمن فيهن وزيرة الخارجية التي احتفظت بحضورها الإعلامي البارز.
//////////
اعتقالات خارج نطاق الحكومة
وكشف التقرير الأممي أنه في الفترة من أكتوبر وحتى منتصف نوفمبر تم اعتقال أكثر من 150 ناشطاً وصحفياً ومسؤولاً مدنياً في جميع أنحاء البلد، وتمت إقالة المئات من المسؤولين المدنيين من مناصبهم الحكومية على الصعيد الوطني وعلى صعيد الولايات، ومن المناصب في المؤسسات الاقتصادية والمصارف المملوكة للدولة. ووردت إفادات بأن مئات النشطاء، بمن فيهم نشطاء حقوق المرأة، لجأوا إلى التخفي عن الأنظار.
وأكد التقرير أنه إزاء ما حدث في السودان احتج السودانيون في جميع أنحاء البلاد على الانقلاب العسكري وأطلقت حملة عصيان مدني.
ورصد التقرير الإفادات الخاصة بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة الكثير من الأشخاص خلال مظاهرة حاشدة نظمت في 30 أكتوبر، وذلك على إثر استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية، وأفيد عن مقتل سبعة أشخاص في 13 /نوفمبر و 16 شخصاً في 17 نوفمبر، وعن إصابة المئات من الأشخاص الآخرين، على إثر استخدام الجيش وقوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع مرة أخرى الاحتواء الاحتجاجات وتفريقها. واعتقل العديد من المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد.
///////////////////
جهات دولية وانقلاب.. ردود الفعل
وتطرق التقرير الأممي إلى ردود الفعل الدولية إزاء ما حدث في السودان، وقال: أدانت الجهات الفاعلة الدولية الانقلاب على نطاق واسع. ففي 26 /أكتوبر، قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي خلال جلسة له، متصرفاً بموجب المادة 7 (ز) من البروتوكول المتعلق بإنشاء مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، تعليق مشاركة السودان في جميع أنشطة الاتحاد الإفريقي على الفور إلى حين العودة الفعلية إلى الفترة الانتقالية بقيادة المدنيين. وفي 28 أكتوبر، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بياناً دعا فيه السلطات العسكرية السودانية إلى إعادة إرساء الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، وحث جميع أصحاب المصلحة على الدخول في حوار دون شروط مسبقة.
وأشار التقرير إلى أنه وعلى مدى الأسابيع التي أعقبت الانقلاب العسكري، بذلت جهود كبيرة، بما في ذلك من جانب الممثل الخاص للأمين العام للسودان، لتيسير الحوار وإيجاد حل سلمي للأزمة عن طريق التفاوض يتيح العودة إلى النظام الدستوري، منوهاً إلى أنه وفي 11 نوفمبر، أعلن الفريق أول البرهان عن إعادة تشكيل مجلس سيادي جديد، نصب نفسه رئيساً له، ونصب الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، نائباً للرئيس. وظلت عضوية ممثلي الجيش والجبهة الثورية السودانية في المجلس دون تغيير مقارنة بالمجلس المنحل، ولكن تم تعويض أعضائه المدنيين.
///////////////////
اتفاق الأضداد.. البرهان وحمدوك
وأفاد التقرير أنه في 21 نوفمبر، أبرم اتفاق بين الفريق أول البرهان ورئيس الوزراء ينص، في جملة أمور، على أن تظل الوثيقة الدستورية لعام 2019 الأساس
المستند إليه في الفترة الانتقالية، على أن تعدل بموجب اتفاق متبادل لضمان إشراك جميع الأطراف، باستثناء حزب المؤتمر الوطني. ويظل ترتيب تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين بوصفه “الضامن للاستقرار في السودان، ويشرف المجلس السيادي المؤقت على المرحلة الانتقالية، على النحو المتوخى في المادة 8 من الوثيقة الدستورية. وينص الاتفاق أيضاً على الإفراج عن المحتجزين السياسيين، والتحقيق في حالات الوفاة والإصابة المسجلة مؤخراً أثناء الاحتجاجات، وتشكيل حكومة تكنوقراط. وسيباشر، وفقاً للاتفاق، حوار شامل للجميع يضم كافة القوى السياسية والاجتماعية. ويتناول الاتفاق تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وانضمام الجماعات المسلحة غير الموقعة عليه إلى عملية السلام، بالإضافة إلى التعجيل بتشكيل المؤسسات الانتقالية وبإجراء التعيينات. وينص أيضا على أن يشكل جيش وطني موحد وأن تعاد هيكلة لجنة التفكيك. وقد أشعل هذا الإعلان فتيل احتجاجات جديدة في الخرطوم وأماكن أخرى تندد بالاتفاق وتنتقد رئيس الوزراء لتوقيعه عليه ولإبرامه شراكة مع الجيش.
//////////////////
الحالة الأمنية.. الانقلاب يكشف ظهر السودان
وفقاً للتقرير فإنه شهدت الفترة المشمولة بالتقرير تدهوراً يبعث على القلق في البيئة الأمنية في البلد، فإلى جانب تداعيات محاولة الانقلاب في 21 سبتمبر وانقلاب 25 أكتوبر، استمرت النزاعات القبلية والاشتباكات بين الجماعات المسلحة في عدة مواقع، إلى جانب الاحتجاجات المطولة في الشرق، وعمليات مكافحة الإرهاب المنفذة من قبل قوات الأمن في الخرطوم. وزاد عدد الحوادث الأمنية في جميع أنحاء السودان من 152 حادثاً في الفترة السابقة إلى 157 حادثاً. ولا يمكن استبعاد نقص في الإبلاغ عن الحوادث التي وقعت بسبب استمرار الاضطراب في خدمات الاتصالات التي تلت الانقلاب.
وكشف التقرير عن أنه في الفترة السابقة لانقلاب 25 أكتوبر والفترة التي أعقبته، وقعت اضطرابات أهلية متزايدة اتسمت بتنظيم مظاهرات كبيرة الحجم من قبل مؤيدي الفترة الانتقالي ومناهضيها وبحالة أمنية متقلبة، نشرت على إثرها قوات عسكرية وشبه عسكرية بكثافة في العاصمة. وأثار الانقلاب العسكري سلسلة من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، نظمت من قبل لجان المقاومة والرابطات المهنية والمجتمع المدني، وبشكل عفوي من قبل الأهالي. ووردت تقارير عديدة عن قيام القوات العسكرية وقوات الأمن بتفريق المتظاهرين، بوسائل منها استخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية.
ووقعت اشتباكات طائفية بين قبائل مختلفة عربية (بني هلبا والمسيرية) وإفريقية (إرينغا وتنجر والزغاوة) في أجزاء مختلفة من البلد، وتعزى في معظمها إلى النزاع على ملكية الأراضي، وعلى الحصول على الموارد وإلى الإجرام المؤدي إلى أعمال عدائية. وظلت دارفور بؤرة التوتر الرئيسية، لا سيما في محليتي طويلة ودار السلام، في شمال دارفور، حيث أعلن الوالي حالة الطوارئ في 19 /أكتوبر. كذلك وقعت اشتباكات بين الجماعات المسلحة وقوات الأمن. ففي 1سبتمبر، اشتبكت قوات الأمن الحكومية مع إحدى الجماعات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، هي جماعة تمازج، في سوبا بالجزء الجنوبي من مدينة الخرطوم. وفي 15 سبتمبر، اشتبكت عناصر من حركة جيش تحرير السودان /جناح عبد الواحد مع القوات المسلحة السودانية بالقرب من منطقة الطويلة في دارفور. وفي 12 أكتوبر، أفادت التقارير أن عناصر مسلحة، يشتبه أنها تابعة لجناح عبد العزيز الحلو في الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، هاجمت في قرية كاجور في جنوب كردفان معسكراً تابعاً لجناح مالك عقار في الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، وهو حركة مسلحة موقعة على الاتفاق، على إثر ادعاءات بإجراء هذه الحركة المسلحة الموقعة على الاتفاق تدريباً عسكرياً في المنطقة. وأفيد بأن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص
وإصابة 21 شخصاً. وفي 9 نوفمبر، اشتبكت قوات الدعم السريع مع قوات حركة العدل والمساواة في منطقة جبل عيسى، في شمال دارفور.
///////////////////
حماية المدنيين وحقوق الإنسان وسيادة القانون
وأكد التقرير الأممي أن حالة حقوق الإنسان في السودان ظلت هشة، حيث استمر ورود أنباء عن وقوع أعمال عنف بين القبائل، ولا سيما في دارفور، واعتداءات ضد المدنيين، وأعمال عنف جنسي مرتبطة بالنزاع. وأعقب إعلان حالة الطوارئ في 25 تشرين الأول/أكتوبر اعتقال واحتجاز العديد من الأشخاص بشكل تعسفي، بمن فيهم وزراء ومسؤولون أخرون، وقادة في قوى الحرية والتغيير، وأعضاء في لجنة التفكيك واللجان الفرعية الإقليمية، وقادة في المعارضة، ونشطاء في المجتمع المدني، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومحامون، وصحفيون. وأضاف: وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كان ما يزال رهن الاحتجاز في أماكن مجهولة مع منع الاتصال 18 من المعتقلين على الأقل، من بينهم مسؤولون كبار. مع العلم أن اعتقالهم لم يدرج في أي سجل رسمي، ومنع أفراد أسرهم ومحاموهم من الاتصال بهم.
وأفاد التقرير أنه وبناء على مصادر طبية فإن ما لا يقل عن 43 من المتظاهرين قتلوا نتيجة الاستخدام المفرط وغير المتناسب للقوة من جانب قوات الأمن رداً على الاحتجاجات المناهضة للانقلاب، وبأن أكثر من 600 شخص، منهم نساء، تعرضوا لطلقات نارية وإصابات ناجمة عن استنشاق الغاز المسيل للدموع والضرب. وسجلت حالات عنف ضد النساء والأطفال، بما في ذلك أثناء غارة استهدفت في 25 أكتوبر مبنى لمبيت الطالبات يقع بالقرب من مقر الجيش في الخرطوم. حيث أفيد بأن العديد من الطالبات تعرضن للضرب، مما أسفر عن إصابتهن بجراح. كما اعتقل العديد من المدنيين لأسباب تتعلق بمشاركتهم في الاحتجاجات. وقد أطلق سراح معظمهم منذ ذلك الحين، ولكن لا تزال التهم موجهة ضد العديد منهم. وفي حين أنكرت الشرطة وقوات الأمن الأخرى باستمرار استخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، أعلن والي الخرطوم بالنيابة في 20 نوفمبر أنه شكل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة مدع عام للتحقيق في الحوادث التي خلفت قتلى وجرحى خلال احتجاجات يومي 13 و 17 نوفمبر، وذكر أن الجناة سيحالون إلى العدالة. وأشار الاتفاق السياسي المبرم في 21 /نوفمبر أيضا إلى إجراء تحقيق في جميع الأحداث التي وقعت أثناء الاحتجاجات، بما في ذلك حالات الوفاة والإصابة، وجاء فيه التزام بتقديم الجناة للمحاكمة“ ..
/////////////////
الانقلاب والإنترنت.. السودان بقعة عمياء
ورصد التقرير استخدام البرهان لقانون الطوارئ في 25 أكتوبر، لتعليق خدمات الإنترنت على الأجهزة المحمولة مما أدى إلى تعطيل الاتصالات السلكية واللاسلكية في جميع أنحاء البلاد. منوهاً إلى أن ذلك حال وقف خدمات الإنترنت دون وصول السكان إلى المعلومات، وأعاق إلى حد كبير القدرة على التحقق من الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف: بسبب قطع الاتصالات، توقفت، حسبما أفيد به، جميع محطات الإذاعة والقنوات التلفزيونية عن البث باستثناء التلفزيون الوطني السوداني وإذاعة أم درمان الخاضعين لمراقبة قوات الأمن.
وأشار التقرير إلى اعتقال بعض الصحفيين تعسفياً، وتعرضوا للاعتداء أثناء تغطيتهم للاحتجاجات، وداهمت قوات الأمن منازلهم ومكاتبهم. وكان هناك شعور بالقلق إزاء إمكانية توجيه تهم إلى الصحفيين بارتكاب جرائم بموجب الأحكام المبهمة المتعلقة بارتكاب جرائم ضد وحدة الأمة“ أو أحكام أخرى في القانون الجنائي لعام 1991.
وكشف التقرير توثيق البعثة الأممية في السودان للفترة من /أغسطس إلى /نوفمبر 2021، وقوع 185 حادثاً زعم فيها ارتكاب انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان، نجم عنها وقوع 607 من الضحايا، من بينهم 14 طفلاً. واضاف: تسببت انتهاكات الحق في الحياة في سقوط 107 ضحايا (81 رجلاً و 22 امرأة وأربعة أطفال)، وذهب ضحية انتهاكات السلامة البدنية 326 شخصاً (290 رجلاً و 36 امرأة)، وأسفرت عمليات الاختطاف عن ثماني ضحايا من بينهم خمس نساء وقاصر)، في حين تسبب العنف الجنسي والجنساني، بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، في وقوع ست ضحايا، من بينهم أربعة أطفال. وخضع 160 شخصاً (148 رجلا و 12 امرأة) لعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية المؤكدة التي وقعت جميعها في أعقاب الانقلاب العسكري. وأشار إلى أنه حتى 21 نوفمبر، كان قد أفرج عن 120 محتجزاً، بينما تواصل احتجاز 40 شخصاً. ومن بين 185 حادثاً، نسبت المسؤولية عن وقوع 102 منها إلى قوات الأمن الحكومية، و 55 إلى جهات غير حكومية، بما في ذلك الحركات المسلحة وجماعات الميليشيات، بينما نسبت إلى أفراد مجهولين أو غير محددي الهوية المسؤولية عن 28 حادثاً.
وتحققت فرقة العمل القطرية للرصد والإبلاغ التابعة للأمم المتحدة المعنية برصد الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال والإبلاغ عنها، التي تشترك في رئاستها البعثة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، من وقوع 42 انتهاكاً جسيماً ضد 41 طفلاً (30 فتى و 11 فتاة) وحادث واحد يتعلق باستخدام مدرسة لأغراض عسكرية خلال الفترة المشمولة بالتقرير. ونسبت هذه الانتهاكات إلى القوات المسلحة السودانية (28) وإلى جناة مجهولي الهوية (14). وتم التحقق من هذه الانتهاكات في شمال دارفور (29) وغرب دارفور (ثمانية) ووسط دارفور (اثنان) وجنوب كردفان (واحد) وشرق دارفور (واحد) وكسلا (واحد). ونسب حادث استخدام مدرسة لأغراض عسكرية إلى القوات المسلحة السودانية، وقد وقع في جنوب دارفور. وتمثل هذه الحوادث زيادة بنسبة 90 في المائة في عدد الانتهاكات التي تم التحقق منها خلال الفترة المشمولة بهذا التقرير، مقارنة بالفترة السابقة. وظلت دارفور المنطقة الأكثر تضرراً، حيث وقعت فيها 94 في المائة من الانتهاكات التي تم التحقق منها. وواصلت فرقة العمل التواصل مع الحكومة الانتقالية والجماعات المسلحة بشأن إنهاء ومنع الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال.
وفي الأشهر السابقة للانقلاب، ضاق المجال المتاح للإصلاح الاستراتيجي في مجالي العدالة والمساءلة، في حين اشتد الاستقطاب في قطاع العدالة على إثر نشوء خلافات بين لجنة التفكيك والمحكمة العليا. وظل تعيين رئيس القضاء والنائب العام بصورة دائمة معلقاً منذ مايو 2021 عندما أقال المجلس السيادي رئيسة القضاء وقبل استقالة النائب العام. ولم تنشئ الحكومة الانتقالية أي مفوضية من المفوضيات المستقلة المتوخاة في الوثيقة الدستورية، بما في ذلك مفوضية العدالة الانتقالية، التي ترى كثير من منظمات المجتمع المدني أنها تفتقر إلى الأدوات الكافية لكي تكون فعالة.
////////////////////////
تنفيذ القرار 2579 (2021).. توسيع نطاق بعثة الأمم
وكشف التقرير عن أنه بحلول نهاية نوفمبر، بلغ مجموع عدد الموظفين المنتشرين 157 موظفاً (110 موظفين دوليين و 47 موظفاً وطنياً). وأحرز التقدم في إنشاء الشبكة الميدانية للبعثة، مع تزويد المحطة الإقليمية في الفاشر بالموظفين بكامل قوامهم ومباشرتها لمهامها، ومع النشر الأولي للأفراد في كادقلي. وكانت الاستعدادات جارية لإقامة وجود ميداني في شرق دارفور وأجزاء أخرى منها. وتم أيضاً الانتهاء من أعمال التخطيط لكي ينشأ في الفاشر مكتب رئيس لجنة وقف إطلاق النار الدائم في دارفور، ووفرت البعثة قدرة مؤقتة للمكتب في انتظار موافقة الهيئات التشريعية التابعة للأمم المتحدة. وسيقود مكتب رئيس اللجنة جهود البعثة في تقديم الدعم لتنفيذ ترتیبات وقف إطلاق النار المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام.
كما تم الانتهاء من تقييم الأمم المتحدة القطري المشترك للسودان. ويتضمن التقييم تحليلاً مفصلاً لسياق التنمية في البلاد ورؤيته الوطنية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، والمنظورات المتعلقة بالمسائل العابرة للحدود والإقليمية ودون الإقليمية، وتحليلاً للتقدم المحرز نحو تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في المجالات ذات الأولوية وهي السلام، والناس، والازدهار، والكوكب، والشراكات. وشملت عملية التقييم رسم خريطة أصحاب المصلحة على الصعيد الوطني ومشاورات مع الشركاء الرئيسيين على الصعيدين الوطني وعلى مستوى الولايات، بمن فيهم أعضاء الحكومة الانتقالية، ومنظمات المجتمع المدني، والمنظمات والمجموعات النسائية، ومجموعات الشباب، والأشخاص من الفئات المهمشة والضعيفة.
وبدأت الأمم المتحدة في السودان مشاورات بشأن وضع خطة الأمم المتحدة للانتقال في السودان الإطار الاستراتيجي المتكامل التي ستجسد الرؤية والأولويات والمسؤوليات المشتركة للأمم المتحدة فيما يتعلق بدعم عملية الانتقال في البلاد. وكان وضع خطة الانتقال جارياً بالشراكة مع الحكومة الانتقالية، وكان من المتوقع أن توضع في صيغتها النهائية قبل نهاية العام.
وأكد التقرير أنه وبسبب انقلاب 25 أكتوبر فإن التقدم تباطأ ولا سيما على مستوى المشاورات المقررة مع الحكومة الانتقالية.
//////////////////////
الثورة في عيدها الثالث.. الانقلابيون يحبطون الفرح
وكشف التقرير أنه مع اقتراب الذكرى السنوية الثالثة للثورة السودانية، لا يزال مستقبل الانتقال السوداني غير محسوم. فقد أدى الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 /أكتوبر وحل العنصر المدني في الحكومة الانتقالية إلى تحطيم آمال العديد من السودانيين في تهيئة مستقبل ديمقراطي بقيادة مدنية. وذلك ما يهدد بتقويض الإنجازات المهمة التي تحققت على الجبهتين الدولية والاقتصادية وبحرمان السودان من المعونة ومن تخفيف عبء الديون المشتدة الحاجة إليهما. وأدى استمرار اعتقال واحتجاز المسؤولين المدنيين والصحفيين والنشطاء بشكل تعسفي إلى زيادة تنفير أولئك الذين يسعون إلى إعادة إرساء النظام الدستوري.
واعتبر التقرير أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 21 نوفمبر بين الفريق أول البرهان ورئيس الوزراء هو خطوة نحو حل الأزمة السياسية المطبقة على البلاد والعودة إلى النظام الدستوري . حيث يتعين على جميع الأطراف أن تبذل جهوداً متضافرة وفي الوقت المناسب للتفاوض بغية معالجة فعالة للمسائل التي لم تجد بعد طريقها إلى التسوية على نحو شامل للجميع وبطريقة يعتبرها الشعب السوداني وشركاء البلاد مشروعة. وتواصل الأمم المتحدة عرض مساعيها الحميدة لتسهيل إجراء حوار يمكن أن يدعم الانتقال إلى الحكم الديمقراطي في السودان بما يتماشى مع مطالب وتطلعات الشعب السوداني، بالتنسيق الوثيق مع الاتحاد الإفريقي والشركاء الإقليميين، بما في ذلك الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وجامعة الدول العربية.
وأشار التقرير إلى أنه ما يزال البطء في تنفيذ اتفاق جوبا للسلام مصدراً للقلق. وقد عرض الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 /أكتوبر الاتفاق وما أحرز من تقدم مهم في إنهاء النزاعات في جميع أنحاء الأراضي السودانية للخطر. حيث أدت أعمال الجيش إلى إضعاف الثقة والاطمئنان لدى الجماعات المسلحة غير الموقعة على الاتفاق، وهي تهدد بإعادة البلاد إلى مسار العنف والنزاع. ومما يبعث على الإحباط أن المحادثات بين الحكومة الانتقالية وجناح عبد العزيز الحلو في الحركة الشعبية لتحرير السودان لم تحرز تقدماً. وفي الوقت نفسه، يظل المسار الشرقي عاملاً محركاً للنزاع، ولم تسفر الجهود المبذولة لتيسير إجراء حوار شامل للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا السياسية العالقة عن إحراز التقدم في ظل الأزمة السياسية في الخرطوم. وأحث جميع الأطراف على بذل الجهود بحسن نية من أجل صنع السلام ومعالجة الأسباب الكامنة وراء النزاع لما فيه خير الشعب السوداني.
وشدد التقرير على أن الانقلاب أبرز أهمية المساءلة، وبرهن أيضاً في الوقت نفسه على التحديات التي تواجه مؤسسات العدالة المدنية في السودان في التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومنعها. وعدم تعيين رئيس القضاء والنائب العام تعييناً دائماً منذ مايو وعدم وجود محكمة دستورية طوال الفترة الانتقالية حقائق تفيد انعدام آلية مستقلة عاملة يمكن أن تستعرض في إطارها انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز غير القانوني. ويجب إجراء كافة التعيينات في المناصب القضائية في أقرب وقت ممكن في إطار المداولات الجارية لإعادة إرساء النظام الدستوري وفي ظل الالتزام المبرهن عليه بالاستجابة للدعوات الرامية إلى المساءلة عن الجرائم الجسيمة، بما فيها الجرائم التي ارتكبت خلال الأزمة السياسية الأخيرة. وفي الوقت نفسه، يتيح الالتزام الوارد في الاتفاق السياسي بإصلاح عملية التفكيك فرصة لتنقيحها بصورة إيجابية. والأمم المتحدة على استعداد لدعم الإصلاحات وتحسين مواءمة جهود السودان فيما يتعلق بالتحقق مع المعايير والقواعد الدولية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.