تجدد العنف يهزم اتفاق السلام احداث الجنينة.. من المسؤول؟

الخرطوم – مهند عبادي

انفجرت الأوضاع بولاية غرب دارفور بشكل متسارع في غضون الساعات الماضية، وارتفع عدد قتلى الاشتباكات القبلية في دارفور إلى أكثر من (200) شخص، وفي وقت سابق، لقي (160) شخصاً على الأقل مصرعهم في أعمال عنف في إقليم دارفور غرب السودان، وفق آدم رجال، المتحدث باسم التنسيقية العامة للاجئين والنازحين، وهي منظمة غير حكومية تعمل في دارفور..

ماذا قالت تنسيقية اللاجئين؟

 وأوضح المتحدث في تصريحات، وفقاً لـ”فرانس برس”، أن أعمال العنف بدأت الجمعة في كرينك على بعد حوالي (80) كيلومتر من الجنينة، حاضرة غرب دارفور، عندما هاجم مسلحون من قبيلة الرزيقات مزارعين من قبيلة المساليت، رداً على مقتل اثنين من رجال الرزيقات، بحسب ما أفاد شيوخ قبائل في المنطقة، واتهمت التنسيقية ميليشيا الجنجويد بتدبير الهجوم على قبيلة المساليت، بينما أعلنت إدارة تعليم محلية كرينك مقتل “6” معلمين في الهجوم على المدينة، وفي غضون ذلك قالت كتلة ثوار ولاية غرب دارفور، إنّ الدعم السريع والجنجويد تسيطران على مستشفى محلية الجنينة، وقامت بضرب وإساءة عددٍ من الكوادر الطبية، واقتادت عدداً من المواطنين إلى أماكن غير معلومة، وشهدت مدينة الجنينة صباح أمس الاثنين، اشتباكات مسلحة عنيفة في محيط الجمارك وأحياء الجبل، بين الدعم السريع وقوات التحالف السوداني، وقد استخدمت أسلحة ثقيلة ومدافع، وكانت السلطات بمحلية الجنينة قد أصدرت أمراً محلياً قضى بإغلاق أسواق المدينة تحوطاً من انتقال تداعيات أحداث مدينة “كرينك” إلى حاضرة الولاية “الجنينة، وانتقلت المعارك منذ أمس الأول الأحد من محلية كرينك (80) كيلومتر شرقي مدينة الجنينة إلى عاصمة الولاية، حيث دارت مساء الأحد اشتباكات بين قوة من حركة التحالف السوداني مع قوات الدعم السريع المسؤولة من حراسة مستشفى الجنينة، وقالت قيادة التحالف السوداني بالولاية إن اشتباك قوات حركتها مع قوات الدعم السريع أسقطت قتيلين من قواتها وعدداً من الجرحى، وأشارت إلى أنّها اغتالت القائد العام لقوات حركة وجيش تحرير السودان قيادة خميس أبكر (الياس فلنقات)، ومحمد نجول (أبو شنب) وثلاثة من أفراد حراستهم، أثناء زيارتهم لمستشفى الجنينة التعليمي. وأضافت” صباح أمس هاجمت قوات الدعم السريع المواطنين أثناء تشييع جثامين الشهداء في مقابر حيّ المدارس، وكان المدير التنفيذي لمحلية الجنينة قد أصدر الأحد أمراً محلياً تحوطاً لتداعيات أحداث كرينك، وقرّر إغلاق السوق الرئيسي وكل الأسواق الفرعية بمدينة الجنينة من السادسة مساء الأحد، وحتى إشعار آخر، وقال إن كل من يخالف القرار سيعرض نفسه للسجن ثلاثة أشهر والغرامة «200» ألف
اتفاق سلام لا يحقق السلام

ومنذ اشتعال الأوضاع في كرينك قبل يومين ارتفعت حدة الانتقادات لاتفاق السلام، وفشل قادة حركات الكفاح المسلح في ترجمة أشواق وتطلعات أهل دارفور إلى واقع معاش بفعل استمرار الحرب والاقتتال في الإقليم الملتهب منذ سنوات طويلة، وتلاحق قادة الحركات المسلحة لعنات الأرامل واليتامى والمشفقين على مصير دارفور، في ظل تنامي واستشراء ظاهرة الاقتتال القبلي والاثني سيما في غرب دارفور على وجه الخصوص. ويدعو مراقبون إلى ضرورة وضع حد لسيل الدماء والقتل المجاني للأبرياء الناتج عن صراعات السيطرة على الثروة والسلطة والموارد، بين المكونات القبلية المختلفة في المنطقة التي توظف قواتها ومليشياتها من أجل تحقيق الأهداف، ويتهم كثيرون الحكومة المركزية بالتواطؤ في الأحداث التي تشهدها غرب دارفور، مشيرين إلى أنه ليس من المعقول أن تكون هنالك مروحيات تحلق في سما المدينة، والمليشيات تواصل انتهاكاتها دون السيطرة عليها..

محامو دارفور في المشهد

 وقالت هيئة محامي دارفور، إن الهجمات المتكرّرة التي تشنها المليشيات في مناطق متفرقة من غرب دارفور تتم بتخطيط وقيادة مليشيا الدعم السريع ومليشيات «الجنجويد» لتنفيذ سياستها المكشوفة، وأوضحت الهيئة في بيان، أن الهجمات المتواصلة أسبابها معلومة للجميع، وتأتي ضمن سياسات الأرض المحروقة وتهجير السكان الأصليين كامتداد طبيعي لسياسات الدولة في تغيير الهوية الأفريقية، ونهب موارد وثروات الولاية التي اتفق حولها الدعم السريع وما يسمى بحركات اتفاق سلام جوبا مع دولة روسيا بواسطة شركات التنقيب وتعدين الموارد الروسية- حسب البيان، ودعت الهيئة المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية لإطلاق حملة كبرى لحماية المتاثرين بالانتهاكات بمنطقة كرينك، وما حولها ومخاطبة مجلس الأمن الدولي للاضطلاع بمسؤولية حفظ حياة الإنسان بغرب دارفور.

حاكم إقليم دارفور.. اتهامات في الهواء الطلق

وأمس الأول وجه حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، انتقادات حادة للأجهزة الأمنية في دارفور، واتهمها بـ“التواطؤ والتباطؤ، أو المشاركة” في الأحداث الدامية التى تشهدها عدد من المناطق في ولاية غرب دارفور، ودعا مناوي في كلمة له، أمام حشد من أبناء دارفور بمناسبة أفطار رمضاني، أقامته منظمة التسامح والسلام في الخرطوم، إلى ضرورة “إعادة إصلاح” الأجهزة الأمنية” حتى تقوم بدورها كاملاً” في حفظ الأمن والاستقرار، ونفى مناوي أن يكون للحركات المسلحة دور في تحريض الأطراف المتقاتلة في الإقليم، وقال مناوي إن هناك “فوضى عارمه” في ولايات دارفور سببها “عدم وجود القانون”، ودعا مجلس السيادة الانتقالي إلى “سرعة إجازة قانون إقليم دارفور، حتى يتسنى معالجة المشكلات، وإنهاء الفوضى، وأضاف مناوي أن المشاكل التى تشهدها ولايات دارفور الآن، “يتم تحريكها من المركز” متهماً جهات لم يسمها بأنها “تقف” وراء ذلك، ودعا مناوي لتشكيل آليات حكومة الإقليم، ومن بينها مفوضيات الأراضي، والمصالحات، والعدالة الانتقالية، وقال إن “العدالة مفقودة تماماً” في درافور، بسبب “تراكم وتراخي الناس عن ملاحقة مرتكبي الجرائم”، واصفاً ذلك بأنه أصبح “ثقافة وسط الناس” ــ على حد تعبيره.

انقلاب 25 أكتوبر .. جرد حساب

ومنذ انقلاب 25 أكتوبر، اشتعلت الأوضاع في الإقليم، ووقعت اشتباكات دامية في العاشر من ديسمبر الماضي، وفي الشهر نفسه نهبت مجموعات مسلحة مخازن تابعة لبرنامج الأغذية العالمي بمدينة الفاشر شمالي دارفور (1900) طن من المواد الغذائية مخصصة لمعسكرات اللاجئين»؛ مما دفع السلطات لحظر التجوال، وفي يناير تعرّض مقر البعثة الأممية بدارفور لعمليات سرقة ونهب شملت الاستيلاء على أكثر من «100» سيارة استولت عليها مجموعات مسلحة بالإقليم قبل توزيعها، وفي مطلع فبراير أطلق مسلحون النار على قوات الأمن ليسرقوا مرة أخرى مقر البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي «يوناميد» وسط زيادة وتيرة الانفلات الأمني، وقتل أكثر من (250) شخصاً في دارفور منذ انقلاب الجيش السوداني على شركائه المدنيين في السلطة، وما تسبب به من فراغ أمني، خصوصاً بعد إنهاء مهمة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم “يوناميد”، بعد توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية في الخرطوم، وبموجب اتفاقية جوبا للسلام، فإن البديل لقوات (اليوناميد) يتمثل في تكوين قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة لتوفير الحماية للنازحين، وقد عبر النازحون في المعسكرات عن عدم رضاهم من خروج بعثة (اليوناميد)، ويرهن مراقبين استباب المن بدارفور عقب خروج اليوناميد بمغادرة الحركات لعقلية الحرب، والعمل على إرساء ثقافة السلام ومخاطبة الرأي العام عن فرص تحقيق الأمن والسلام وتعزيزه، والمساهمة في إنجاز الإصلاحات التي تتطلبها الممارسة الديمقراطية السليمة.

دولياً.. البعثة السياسية تدين

 وفي السياق أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، عمليات القتل “الشنيعة” للمدنيين والهجمات على المرافق الصحية بمنطقة كرينك، بولاية غرب دارفور، ودعا بيرتس في بيان، إلى الوقف الفوري لأعمال العنف في المنطقة، مذكراً السلطات الحكومية والمجموعات المسلحة بالتزاماتها القانونية الدولية المتعلقة بحماية جميع المدنيين ومنشآت البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية والمدارس وأنظمة المياه، وأوضح بيان الممثل الخاص للأمين العام، أنه أحيط علماً بالإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة السودانية، الأحد، بهذا الخصوص، التي تضمنت التزاماً بإجلاء المدنيين الجرحى، وشدد على الإسراع بنشر قوات حفظ الأمن المشتركة، وفقاً لمتطلبات اتفاق جوبا للسلام، كما دعا بيرتس إلى إجراء تحقيق مُستفيض وشفاف تُنشر نتائجه على الرأي العام، مما يسهم في تحديد هوية مُرتكبي أعمال العنف ومثولهم أمام العدالة، وأشار الممثل الخاص للأمين العام إلى الحاجة الماسة لوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق للمتأثرين من النزاع الأخير، وأكد أن الأمم المتحدة في السودان ستبقى مستعدة لتقديم كل المساعدة للمحتاجين.

إحصائيات المكتب الموحد للأطباء

من جهته، قال المكتب الموحد لأطباء السودان في بيان له، إن الأحداث الأخيرة بمنطقة كرينك خلفت أعداداً كبيرة من القتلى والمصابين، نقلوا إلى مستشفى مدينة الجنينة، مركز الولاية، مشيرة إلى أن تبادلاً لإطلاق النار حدث داخل المشفى، ما أدى لسقوط (4) قتلى” جثثهم موجودة في ساحة ومحيط المستشفى، ولَم يتم إجلاؤها” حتى ساعة صدور البيان، وأعلن المكتب أن جزءاً من أطباء المستشفى انسحبوا منها نتيجة الوجود العسكري المكثف داخلها، وغياب الحماية اللازمة لممارسة عملهم، وأن طوارئ مستشفى الجنينة مغلقة تماماً؛ مما يزيد من تفاقم الوضع الصحي بالولاية، وحتى الحالات الحرجة الأخرى غير الإصابات لا يوجد منفذ لعلاجها بالمستشفى، والكادر الطبي المناوب بحوادث النساء والولادة محاصر، ولا يجد الإسناد للمواصلة في المناوبة/ وقد تغادر تلك الكوادر المستشفى في أية لحظة؛ الأمر الذي يهدد حياة النساء اللاتي يعانين من نزيف وخلافه من الحالات الحرجة التي يستقبلها قسم النساء والولادة، وحذر المكتب بشدة من إستمرار الاوضاع الحالية لما لها من تأثير على حياة المرضى والمصابين، وطالب المنظمات العاملة في مجال الطوارئ الصحية بالتدخل العاجل لحين انجلاء الكارثة.

الاجهزة الأمنية تتحمل المسؤولية

 وفي الاثناء حمل الناطق الرسمي باسم التجمع الاتحادي، جعفر حسن عثمان، سلطات الانقلاب، والمؤسسات الأمنية في إقليم غرب دارفور مسؤولية الأحداث المؤسفة في محلية كرينك، التي راح ضحيتها العشرات من المواطنين، وتفاقم الأوضاع الأمنية بولاية غرب دارفور، وقال جعفر في تصريحات صحفية، إن سلطات الانقلاب فشلت في بسط الأمن وحماية المواطنين على امتداد الوطن، وأضاف: “إن ما يحدث في محلية كرينك ومدينة الجنينة ومن قبلها سربا وجبل مون وغيرها تتحمل مسؤوليته بصورة مباشرة الأجهزة الأمنية؛ لأنها منوط بها حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم وكل المنشآت العامة من مستشفيات ومؤسسات تعليمية وغيرها”، وشدد: “إن غض البصر من حكومة الإقليم والولاية عن الانتهاكات والجرائم الإنسانية يجعلها المتورط والمدان الأول”، وأشار جعفر إلى إن العسكريين قد عرقلوا خلال سنوات الانتقالية هيكلة القوات العسكرية، ودمج كل القوى المسلحة في جيش وطني واحد يضطلع بمهمة حماية المواطنين، وأردف: “لهذا ظل الشعب يرزح تحت جيوش متعددة لم تستطع توفير الأمن في أنحاء البلاد كافة، وترحم الناطق الرسمي باسم التجمع الاتحادي على أرواح ضحايا كرينك، ودعا بعاجل الشفاء للجرحى والمصابين، ودعا أطراف النزاع لوقف التصعيد حتى لا تتفاقم الكارثة الإنسانية، وقال إن أمن ولاية غرب دارفور يجب أن يكون على أعلى قائمة الأولويات، ودعا جعفر منظمات المجتمع المدني للنهوض بدورها في دعم ومساعدة ضحايا النزاع، خاصة في ظل غياب الدور الرسمي.

 ومطلع أبريل الجاري أصدر مجلس السيادة، توجيهات باستخدام القوة العسكرية لحسم الانفلات الأمني في ولاية جنوب دارفور، وذلك عقب سقوط (45) شخصاً على الأقل في اشتباكات قبلية في دارفور، ووجه محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة حكومة ولاية جنوب دارفور، ولجنة أمن الولاية “بالحسم العسكري للاعتداءات القبلية، والضرب بيد من حديد على كل من يتجاوز القانون، وطلب مجلس السيادة تفريغ ومنع أي تجمعات قبلية بالقوة العسكرية، وتطبيق قانون الطوارئ فوراً لحسم الصراعات القبلية في جنوب دارفور.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.