بعد ثورة التجار الإيرادات الضريبية..كيف يؤخذ (العسل من الخلية)؟

 

الخرطوم : ابتهاج متوكل

موجة احتجاجات واضرابات وتذمر ، احتاجت التجار باسواق الولايات المختلفة، بسبب الضرائب ، والتي وصفوها بـ(الباهظة) ، موضحين ان نسبة الزيادة بلغت نحو ١٠٠٠%، وشهدت الايام الماضية اضرابات متعددة للتجار باسواق ولايات ومدن، جاء ابرزها القضارف وشمال كردفان وسنار ، وقرر التجار الامتناع عن دفع ضريبة ارباح الاعمال للعام ٢٠٢١م، ومقابلة لجان الاستئنافات الضريبية، الى حين ايجاد معالجات، الى ذلك علمت (السوداني ) ان هنالك ثلاث لجان شكلت لمراجعة الضرائب منذ ٢٠٢٠م، منها القطاع التجاري.

الضرائب والإيرادات

وتعرف الضرائب ، إنها مبلغ يدفعها كل مقتدر لتمويل الإنفاق العام، وهي جبرية وحتمية ولا افتكاك منها الا بمسوغ قانوني .

وتبرز الاهداف الاقتصادية للضرائب، في تعظيم الإيرادات العامة ، لتشجيع الأنشطة المرغوب فيها ، والحد من الأخرى غير المرغوب فيها ، وذلك وفق السياسات الاقتصادية الكلية، بينما تأتي أهدافها الاجتماعية في المساهمة في عدالة التوزيع بتحميل العبء الضريبي للفئات المقتدرة، لتمويل الإنفاق لدعم الشرائح الضعيفة من خلال الإنفاق العام.

وتنقسم الضرائب، الى مباشرة اتحادية وولائية ، وتشمل ١١ ضريبة ابرزها ضريبة ارباح الاعمال على الشركات والافراد، ضريبة الدخل الشخصي ، وضريبة التنمية الاجتماعية، ثم الضرائب غير المباشرة وهي الضريبة على القيمة المضافة على السلع والخدمات والاعمال.

 

تحذيرات وتصعيد

وعملت (السوداني ) ان هناك تجاها برز لتنفيذ اضراب شامل في كل انحاء البلاد. اما ديوان الضرائب، افاد ان زيادة ضريبة ارباح الاعمال من ١٥ الى ٣٠%، كانت منذ ٢٠١٩م ، وعام التطبيق لها كان ٢٠٢٠م ، وبسبب جائحة كورونا تم تحويلهاإلى ٢٠٢١م ، وماحدث حاليا هو تطبيق لاتفاق تم منذ ٢٠١٩م .

اتفق معظم التجار الذين استفسرتهم (السوداني ) على ان التجار يواجهون أوضاعا صعبة ، وصلت الى حد” رهن المنازل والمزارع والسيارات”، ويتعرضون لتكاليف والتزامات متعددة ، شكلت ضغوطا اقتصادية عالية، مؤكدين ان التجار في الوضع الاقتصادي الراهن، (لن يتحملوا ) اية تقديرات بمبالغ مرتفعة، ويجب على الدولة مراعاة (ظروف البلد)، مشيرين الى ان زيادة الضرائب تعني زيادة في أسعار السلع والخدمات ، التي يتحمل اعباءها المواطنون.

 

ضرائب ٢٠٢١موأسباب المشكلة

بلغ إجمالي التحصيل الضريبي في ٢٠٢١م، ٤٥١.٨٤٦ مليون جنيه، بنسبة اداء ١٠٧% من الربط المعدل البالغ ٤٢٢.١٩٠ مليون جنيه،

وذلك بحسب تقرير الأداء السنوي للديوان، اطلعت عليه (السوداني).

وشدد الديوان ، على ان الضرائب على المستويين الاتحادي والولائي ،حققت معدلات قياسية وبنسب نمو “غير مسبوقة” في الإيرادات بلغت ٤٢٩%، مقارنة بالعام ٢٠٢٠م ، دون استحداث اي ضرائب جديدة،أو زيادة في الفئات الضريبية، واوضح الديوان أن ذلك تحقق عبر توسيع المظلة الضريبية افقيا ،والحد من التهرب الضريبي ،وحوسبة العمليات الضريبية، الى جانب استحداث آليات لتبادل المعلومات مع مؤسسات الدولة، وتطوير اساليب الفحص والمراجعة، كذلك العمل الإضافي في أيام السبت والعطلات الرسمية.

وبلغ تحصيل ضريبة ارباح الاعمال للعام ٢٠٢١م، حوالي ٢٦.٧٢٦ مليون جنيه ، بنسبة اداء ٥٢% ، مقارنة بالضبط المقدر ٥١.٥٠٢ مليون جنيه، وعلمت (السوداني) ان القطاع التجاري، يفترض ان يكون ناقش ملف الضرائب ، بعد تسمية اتحاد اصحاب العمل والغرفة التجارية، ولكن يبدو أن التغيرات التي طالت اتحادي اصحاب والغرفة التجارية خلال الفترة ، ربما حالت دون انجاز هذا الملف.

تصعيد قادم

وحملت وسائل اعلام، اخبارا تفيد ان التجار والحرفيين وأصحاب العمل والبصات السفرية بولاية شمال كردفان، نفذوا اضرابا وتم اغلاق كامل للأسواق، احتجاجًا على فرض ضرائب وصلت إلى نسبة 1000% ، معتبرين ان الزيادة” غير منطقية”، في ظل ركود اقتصادي، مشيرين الى ان الإضراب سيستمر يومي الإثنين والثلاثاء من كل أسبوع حتى تُحل المشكلة.

وقال التاجر بشمال كردفان ياسر عبدالسلام ، لـ(السوداني)، إن تقديرات ضرائب ارباح الاعمال ٢٠٢١م جاءت مرتفعة جدا، ومثال على ذلك احد التجار دفع ضرائب العام الماضي ١٠٥ آلاف جنيه ، حاليا مطالب بسداد ضريبة ٣ ملايين جنيه، وآخر ارتفعت ضريبته من ٢٧٧ الى ٨ ملايين جنيه، وذكر “لأول مرة” في اسواق مدينة الأبيض، يحدث امتناع عن دفع الضريبة، لافتا الى ان الخطوة القادمة ستكون الامتناع عن دفع ضريبة ارباح الاعمال، الى حين معالجة المشكلة، إضافة إلى بروز تجاه عام وسط التجار، لتنفيذ اضراب شامل على مستوى البلاد ، من المنتظر ان يكون في مطلع أكتوبر المقبل.

 

امتناع وضغط.. هل يجدي الموقف؟

وفي المقابل دخل تجار ولاية القضارف في اضراب شامل ، عن العمل وإغلاق السوق العمومي والأسواق الفرعية احتجاجًا على الضرائب الجديدة، التي بلغت بنسبة 1000%

وقطع التجار فك الإضراب بتخفيض قيمة الضرائب التي اعتبروها مجحفة وتؤدي لارتفاع الاسعار، موضحين ان ادارة الضرائب بالولاية تمسكت بالضريبة المفروضة على كل التجار، وانهم خلصوا إلى إغلاق جميع الأسواق الفرعية وبورصة أسواق المحاصيل والسوق العمومي الى لحين النظر في الضرائب المفروضة ، مشيرين الى ان تجار القضارف يمثلون أكثر من 40% من سكان الولاية، معلنين رفضهم لحديث وقرار مدير عام ضرائب الولاية، بشأن التفاوض في الضرائب عبر لجنة الاستئنافات الضريبية، مشيرين الى ان الإضراب شمل اغلاق اكثر من 5000 متجر.

واعلن عضو اللجنة المفوضة من تجار القضارف كمال إبراهيم الأمير، عن امتناع تجار ولاية القضارف ، مقابلة لجان الاستئنافات الضريبية ، وعدم توريد ضريبة ارباح الاعمال ٢٠٢١م ، حال عدم ايجاد حلول معقولة او مبادرة ، وقال لـ(السوداني )إن التجار يعلمون الحق الضريبي، ولكن هنالك معدلات معلومة للنمو السنوي للضرائب، كما توجد معطيات اقتصادية بالبلاد يجب النظر اليها ، واضاف: هنالك حديث يتردد ان تقدير ضريبة ارباح الاعمال جاءت بتوصية من اتحاد اصحاب العمل في العام ٢٠١٩م /٢٠٢٠م، ومعلوم أن الضرائب تنفذ بتشريع، متسائلا ماهي الجهات المسؤولة التي وافقت على ذلك ، خاصة ان البلاد حتى الآن لم تكمل تأسيس السلطات التشريعية، منوها الى ان موازنة البلاد في الثلث الاخير لها ، تعتمد على ايرادات الضريبية، وان امتناع التجار عن سداد الضريبة، يؤثر على ادائها وتوفير الايرادات للدولة.

 

اسوأ عام تجاري.. التجار يشتكون

واعتبر الأمير، في حديث لبرنامج (كالآتي) التلفزيوني مؤخرا ، ان الضرائب الباهظة تسببت في اغلاق أسواق القضارف ودفعت التجار للإضراب، والتي فاقت كل توقعات وتقديرات العام 2021م وجاءت مخالفة للمعدل الطبيعي للنمو السنوي المعروف بـ 15%، وقال ، إن الزيادات جاءت بواقع 600% الى 1000% ، مبينا ان احد التجار دفع ضريبة العام الماضي 45 الف وهذا العام جاءت الضريبة 580 الف جنيه، واضاف: هذه الزيادات الكبيرة دفعت التجار ممثلين لاكثر من 70 عضوا لكل الشعب التجارية للاحتجاج، موضحا ان العام السابق كان “اسوأ عام تجاري” في السودان بماصاحبه من اغلاق للطرق والموانئ والاحتجاجات، لافتا الى ان هنالك لجنة مكونة من التجار اجتمعت مع ادارة الضرائب بالولاية، إلا ان الادارة تمسكت بتقديراتها وانها مبنية على معلومات.

واشار الأمير، الى أوضاع صعبة يمر بها التجار، وصلت الى حد” رهن المنازل والمزارع والسيارات” وفي ظل توقف للتمويل التجاري من البنوك ، وانهيار تام للدولة ولايمكن سد عجز الدولة من ” جيب التاجر ” ، مقرا بحق الدولة في جمع الضرائب.

ويرى التاجر بسوق امدرمان، فتح الله حبيب الله، ان الوضع الاقتصادي الراهن، انعكس على التجار والحركة التجارية بالبلاد. وقال لـ(السوداني )إن التجار مواجهين بتكاليف والتزامات متعددة تستوجب الايفاء بها، ويتعرضون لضغوط اقتصادية عالية ، وزاد ان التجار في الوضع الاقتصادي الراهن، (لن يتحملوا ) اي تقديرات بمبالغ مرتفعة، متطلعا ان تراعي الجهات المسؤولة (ظروف البلد).

 

التأثير المباشر.. زيادات في الأسعار

اكد التاجر بسوق النهود عبدالله محمد محمود، وجود “تذمر ” وسط التجار بشوق النهود من الضرائب العالية ،وقال لـ(السوداني ) ان المشكلات الاقتصادية تراكمت على التجار ، والحركة التجارية تواجه معاناة بركود الأسواق وضعف القوة الشرائية.

واشار التاجر بسوق النهود حسن حامد حسن، الى ان حدوث اي زيادة ضريبية، تقع على كاهل المواطن، وتغيير في نظرية العرض والطلب للسلع وتعني حدوث زيادات في اسعار السلع والخدمات ، وقال لـ(السوداني ) إن كل هذه الإجراءات تؤدي للمزيد من الضغط على المواطنين .

 

تنفيذ الاتفاق.. اللجان الفنية تعلق

واعتبر الامين العام لديوان الضرائب د. محمد علي مصطفى، ان مفهوم الشراكة بين الديوان واتحاد اصحاب العمل جيد، وقال في ورشة (تنمية الإيرادات الضريبية) مؤخرا،

ان الديوان منفتح ومتعاون مع اصحاب العمل لأنهم دافعو الضريبة، وشبه العلاقة مع القطاع الخاص مثل( مربي النحل ، الذي يجب ان يحافظ على النحل لأخذ العسل)، وتابع (نحن دايرنهم يكونوا في السوق) وليس الخروج من العمل ومغادرة البلاد.

واوضح مصطفى ، ان زيادة ضريبة ارباح الاعمال من ١٥ الى ٣٠%، كانت منذ ٢٠١٩م ، وعام التطبيق لها كان ٢٠٢٠م ، وبسبب جائحة كورونا تم تحويلها ٢٠٢١م ، وتابع ماحدث حاليا هو تطبيق لاتفاق تم منذ ٢٠١٩م .

وافاد الامين العام لاتحاد غرف الانتاج الزراعي والحيواني ، د. مرتضى كمال، ان زيادة ضريبة ارباح من ١٥ الى ٣٠%، عندما حددت لم يكن هنالك اتحاد اصحاب العمل، وتم ايقافها، وبعد اختيار لجنة اتحاد اصحاب العمل، قسمت القطاعات على ثلاثة، تجاري صناعي ،زراعي، وقال لـ(السوداني ) إنه تولى الملف الزراعي وشكلت لجان من ١٠ جهات، وجرت اجتماعات تشاورية فنية، خلال العام ٢٠٢٠م ، وتوصلت اللجنة الزراعة الى توصية تقضي (الابقاء على الضريبة الصفرية للقطاع الزراعي لمدة ٥ اعوام ، على ان تتم المراجعة بعد انتهاء الفترة المقررة ، وتطبق بسعر تفضيلي من الارباح وليس جملة الإيرادات) ، وذلك بعد تطبيق قانون الحكم الاتحادي ، الذي يلغي كل الرسوم والجبايات الولائية، مشيرا الى ان التوصية رفعت خلال ٢٠٢١م للقطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء في انتظار الاجازة.

 

مهددات وضياع.. الحلقة الأخيرة

وحذر خبير ضريبي، فضل حجم اسمه، من (المصيبة ) في ما تحدثه الاضرابات من انفلات وتمرد على سداد الضريبة بذرائع. مختلفة ، وقال لـ(السوداني ) إن هذا الوضعربما يتمدد ويهدد اهم مورد سيادي ممول للانفاق العام الاساسي، والذي لافكاك من ضرورة الوفاء به (المرتبات والاجور لكل العاملين بالدولة، الى جانب الانفاق على الامن و الصحة والتعليم ، وتسيير الحد الادنى لدولاب الدولة.

واشار الى انه في ظل الهشاشة الراهنة، واضرابات الوحدات الحكومية العديدة، والمطالبة بزيادة المرتبات ، تكون البلد فى حالة تستحق وقوف من بيدهم امر الحكم والسياسة ، لاتخاذ سبل الرشد التيتعود بالوطن من” سكة الضياع” قبل فوات الأوان .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.