الموسم الزراعي بالقضارف.. صورة عن قرب تراجع مساحات السمسم بسبب تدني أسعاره

 مزارع صغير حقق خمسة أضعاف إنتاجية بعد تطبيق التقانات..

التمويل والحصاد القطن والتسويق أكبر التحديات

شارك الخبر

الخرطوم : رحاب فرينى

حقق مزارعون بولاية القضارف، إنتاجية قياسية لمحاصيل (القطن، زهرة الشمس والذرة)، قاربت من الإنتاج العالمي، وفاقت الإنتاجية العالمية في بعض المناطق، وذلك بتطبيق الحزم التقنية الموصى بها، وميكنة العملية الفلاحية بشكل كامل، وأجمع خبراء زراعيون خلال زيارتهم لمشاريع زراعية بالولاية، على أن القضارف تعد الولاية الأولى في تطبيق التقانات الزراعية بالسودان.

 

بدء عمليات الحصاد

بدأت عمليات حصاد محصول السمسم بولاية القضارف، وسط تحديات كبيرة واجهت الموسم الزراعي الصيفي (2022 ــ 2023)، بينما يعتبر المزارعون أن الموسم الزراعي ناجح، ويبشر بانتاجية عالية، خاصةً لدى المزارعين، الذين التزموا بتطبيق الحزم التقنية الحديثة، ودعا الخبير الزراعي، مهندس أمين خضر، لضرورة تبني الدولة لسياسات لتشجيع المزارعين، لتطبيق التقانات الزراعية، إضافة إلى أهمية تحفيزهم على امتلاكها، وقال خضر إن مزارعين بالقضارف حققوا إنتاجية بلغت نحو (450) كيلو للفدان من محصول زهرة الشمس، واقتربوا من الإنتاج العالمي لدول أمريكا وأستراليا التي تحقق (600) كيلو جرام للفدان، مبيناً أنه بدون تطبيق التقانات تتراوح إنتاجية المزارعين بين (150 _ 200) كيلو للفدان، وقال خضر، في حديثه، لـ(السوداني)، إن تطبيق التقانات حقق نجاحاً كبيراً بولاية القضارف، وأكد أنه “كلما توسع المزارع في تطبيق التقانات زاد عائده من الإنتاج”، وفي السياق قال مسؤول الإسناد الفني، بالشركة التجارية الوسطى، المهندس مجدي بخيت، إن مزارعين بولاية القضارف حققوا إنتاجية من محصول القطن المطري، بلغت (ألف) كيلو للفدان، وفاقت بذلك الإنتاج العالمي، منوهاً إلى أن هذه الإنتاجية تحققت بتطبيق الحزم التقنية بشكل كامل في كل العمليات الفلاحية للمحصول، وأضاف بخيت أن معدلات الأمطار التي تراوحت بين (500 ــ 800) ملم في معظم المناطق، أدت إلى نجاح المحاصيل بشكل كبير، وشدد على ضرورة توفير التمويل الزراعي لحصاد محصول القطن الذي توقع له إنتاجية عالية هذا الموسم بالقضارف، وطالب مجدي الدولة بحل مشكلة التسويق، بإدخال القطن إلى بورصة المحاصيل بالأسواق، وقال: “سماسرة حققوا في الموسم الماضي أرباحاً من محصول القطن فاقت أرباح المزارعين”، مبيناً أن المزارعين باعوا إنتاجهم بسعر زهيد مقارنة بسعر القطن في السوق العالمي.

التسويق والتحديات

وأشار مزارعون بالقضارف، إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الموسم هي ارتفاع تكاليف الإنتاج (المدخلات ــ الآليات ــ غذاءات العمال ـ قطع الغيار)، بجانب هشاشة البنيات التحتية بالمناطق الزراعية خاصةً (الطرق الزراعية والمزلقانات)، وبطء إجراءات التمويل بالبنك الزراعي السوداني، فضلاً عن ظهور آفتي الجراد والطيور، في بعض المناطق، كما أشاروا إلى ظهور حالات “قليلة” من النهب والسلب على معسكرات المزارعين في المنطقة الشمالية للولاية.

تبادل خبرات

خلال زيارتهم لولاية القضارف، أشاد مزرعون، من مختلف ولايات القطاع المطري، بالتقدم الملموس الذي شهدوه في تطبيق التقانات الزراعية لدي نظرائهم بالقضارف، وقال المزارع عبد الحليم أبوشنب، خلال وقوفهم على مشاريع زراعية بالقضارف، إنهم يتطلعون إلى أن تكون ولايتهم النيل الأزرق الأولى في تطبيق التقانات، لافتاً للتقدم الذي حققوه في هذا المجال، جاء ذلك خلال برنامج (زيارات المزارعين للمزارعين)، الذي تنظمه مجموعة (سي تي سي)، في نسخته السابعة بالقضارف، وأوضح ضو البيت أن البرنامج يهدف للحث على الإسراع في تبني التقانات الزراعية الحديثة، وتبادل الخبرات بين المزارعين، وضم البرنامج هذا العام مزارعين من ولايات القطاع المطري بـ(جنوب كردفان، شمال كردفان، النيل الأزرق، سنار والنيل الأبيض)، حيث وقفوا على تطبيق التقانات الزراعية لكبار المزارعين بالقضارف، بمناطق “العزازة صقورا” و”الكفاي”.

كما وقفوا على تجربة تطبيق التقانات بحقول صغار المزارعين بمناطق “دوكة، أم راكوبة”.

وقال المزارع علي آدم حسن يعقوب، من صغار المزارعين، بمنطقة أم راكوبة، أنه يتوقع أن يصل إنتاجه إلى (15) جوالاً للفدان كحد أدنى من محصول الذرة، وذلك بعد أن تمت زراعة مساحته من قبل منظمة (CDF) بتمويل من منظمة الهجرة الدولية والإتحاد الأوربي، وبإشراف في تطبيق التقانات من مجموعة “سي تي سي”، وذكر آدم أن هذا يمثل (خمسة) أضعاف ما كان ينتجه بدون تطبيق التقانات، وشكر المزارع الصغير المنظمة الدولية، ومنظمة تنمية الأطفال، ومركز القضارف لنقل تطبيق التقانات الزراعية، التابع لمجموعة”سي تي سي” على المساعدة والإشراف.

تراجع المساحات

يلاحظ خلال هذا الموسم الزراعي بالقضارف، تراجع محاصيل نقدية، وصعود أخرى، حيث تراجعت مساحات لمحاصيل نقدية، أبرزها السمسم والفول السوداني، فبلغت جملة المساحات المزروعة بمحصول السمسم، التي تم حصرها حتى (سبتمبر) الماضي (654) ألف فدان من جملة مساحة مستهدفة (1,2) مليون فدان، بنسبة تنفيذ (54%)، مقارنة بـ(750) ألف فدان سمسم الموسم الماضي، بينما تراجعت مساحات الفول السوداني من (200) ألف الموسم الماضي إلى (88) ألف فدان هذا الموسم من جملة مساحة مستهدفة (250) ألف فدان، بنسبة تنفيذ (35%)، وعزوا تراجع مساحات السمسم إلى ارتفاع تكاليف إنتاجه، بينما عزوا تراجع مساحة الفول السوداني هذا الموسم لتدني أسعاره، وكشفوا ارتفاع المساحات المزروعة بمحصول الدخن بشكل كبير من (400) ألف فدان الموسم الماضي إلى(650) ألف فدان هذا الموسم، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المحصول، حيث ارتفعت أسعار الدخن من (17) ألف جنيه إلى (110) آلاف جنيه للجوال، بينما ارتفعت المساحات المزروعة بزهرة الشمس من (90) ألف فدان إلى (125) ألف فدان، من الملاحظ أيضاً، أن هذا الموسم لم يشهد أزمة في العمالة الزراعية، وقد عادت العمالة الزراعية القادمة من الولايات الأخرى للقضارف مرة أخرى، حيث شهد الموسم قدوم أعداد كبيرة من العمالة الزراعية للولاية من مختلف ولايات البلاد بمعدل أكبر من الطلب في الفترة الحالية.

الخبراء يشيدون

وأوضح البروفيسور مأمون ضو البيت، مستشار مجموعة (سي تي سي)، أن زيارتهم لحقول صغار المزارعين هذه المرة لأنهم يزرعون نحو (60%) من المساحات المزروعة في السودان، وأضاف أن حل مشكلة الفقر لهؤلاء يكمن في زيادة إنتاجية محاصيلهم، وهذا لا يحدث إلا بمساعدتهم وتمكينهم من تطبيق التقانات الزراعية الحديثة، وزاد: “هذا يمكنهم من زيادة إنتاجية مساحاتهم الصغيرة، وبالتالي تحسين دخولهم ووضعهم، ويسهموا في الأمن الغذائي، وقال ضو البيت إن هذا المشروع إذا استمر يكون هؤلاء المزارعون قد سلكوا الطريق الصحيح، من جانبه عبر الخبير الزراعي، أمين خضر، عن سعادته بالنجاح الذي حققه صغار المزارعين في المشروع، ودعا خضر لوضع برنامج شامل للمزارعين في الصيف بتدريبهم وتأهيلهم، ونوه إلى أهمية تطوير الجمعيات الزراعية وانتظام المزارعين فيها، إذن فإن تجربة مشروع الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، الممول من الهجرة الدولية والإتحاد الأوربي، قد بدأ بالنجاح فيبقى المهم المحافظة على هذا النجاح وتطويره.

قصص نجاح

أكد عدد من المزارعين بولاية القصارف منطقة دوكة، سعادتهم بالنجاح الذي حققوه في الحصول إنتاجية عالية للمحاصيل هذا العام، لم تتحقق لهم من قبل في أراضيهم التي ظلوا يزرعونها “عشرات” السنين، وقال المزارع خليل إسماعيل، من منطقة دوكة، في حديثه لـ(السوداني)، إنه ظل يزرع مساحاته الصغيرة هذه لسنوات عديدة، وكاد يتوقف عن الزراعة، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف العائد، لقلة إنتاجية الفدان التي تتراوح بين جوال إلى جوالين في الفدان، لافتاً إلى أن إنتاجيته من محصول الذرة هذا الموسم قفزت إلى نحو “ستة” أضعافها،

وأعرب خليل عن شكره للجهات التي أتاحت لهم تطبيق التقانات الزراعية الحديثة في حقولهم، وقامت لهم بكافة الأعمال الفلاحية، وأضاف: “أخص بالشكر المنظمة الوطنية (CDF)، والمنظمة الدولية (IOM)، والاتحاد الأوربي، في ذات السياق”.

وأكد المزارع آدم يعقوب منطقة أم راكوبة، أنه حقق إنتاجية بلغت (7) أضعاف ما كان يحصل عليها من أرضه طيلة السنوات السابقة، وأكد أن إنتاجه لا يتجاوز (15) جوالاً من أرضه، لكن الآن يقدر إنتاجه بنحو (75 ــ 90) جوالاً، وأكد أن ذات الإنتاجية تحققت لدى جميع المزارعين وجمعياتهم التي استهدفها مشروع الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، الممول من منظمة الهجرة الدولية والاتحاد الأوربي.

وأبان منسق المشروع بمنظمة (CDF)، مصطفى مسعود، إن مشروع سبل كسب العيش للمناطق المتأثرة باللجوء يستهدف في عامه الأول هذا عدد (400) مزارع ومزارعة من صغار المنتجين، مساحة كل مزارع (5) أفدنة، مشيراً إلى أنهم بدأوا أولاً بتنظيم المزارعين بتكوين جمعيات إنتاجية لهم، حيث تم تكوين (17) جمعية، يتراوح أعضاء الجمعية بين (25 ــ 30) عضواً، تم تقسيمها على”أربعة” مجتمعات مستضيفه للاجئين، دوكة (6) جمعيات، راشد (5) جمعيات، و(3) جمعيات لكل من منطقتي أم راكوبة وتواريت، وقال مسعود، لـ(السوداني)، إن المنظمة تقوم بتوفير مدخلات الإنتاج (تقاوي، أسمدة، مبيدات) للمزارعين، بجانب توفير آليات زراعية حديثة (تراكتور، ديسك، بلانتر، سمادة، رشاشة، حاصدات)، لتنفيذ كل العمليات الفلاحية، من تحضير للأرض، وزراعة، وسماد، رش مبيدات، حصاد، وأردف، كافة العمليات الفلاحية من الزراعة للحصاد، تقوم بها المنظمة، وشكر منسق المشروع بمنظمة (CDF) الوطنية، منظمة الهجرة الدولية (IOM)، والاتحاد الأوروبي، لتمويل المشروع، وشركة “روزويند” التي تم استئجار الترتكتورات منها، وشركة رانس” التقاوي”، وكنانة “السماد”، والشركة التجارية الوسطى “المبيدات”، ومحلية دوكة، وبصفة خاصة الإدارة الزراعية بالمحلية، ووزارة الزراعة، والمشرفين بالمجتمعات المحلية، وقال إن المشروع حقق نجاحاً لافتاً من عامه الأول، لأنه اعتمد أفضل التقانات الزراعية الموصى بها، مبيناً أن كل العمليات الفلاحية التي تم تنفيذها للمزارعين كانت ميكانيكاً، حيث تم استخدام الميكنة الزراعية لكل العمليات الفلاحية.

ونوه مسعود إلى أنه تم ربط المزارعين بمؤسسات التمويل، لتوفير تمويل بسيط للمزارعين يساعدهم فقط في عمليات النظافة، ومصروفات الحصاد، واوضح إن عمر المشروع “ثلاث” سنوات، ويهدف لتوفير الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، وقال إن السنتين القادمتين سيتم إضافة جمعيات جديدة، وأبان إن المشروع يستهدف (1200) مزارع خلال الثلاث سنوات، يتم خلالها توفير الآليات ومدخلات الإنتاج للمزارعين، فضلاً عن تدريبهم على هذه التقانات وتطبيقها، بممارستها عملياً بإشراف المنظمة، وتمويل المانحين، مشيراً إلى أن منظمة تنمية الأطفال، تعمل في مجال الحماية للأطفال، ولديها مشاريع عديدة وفروع في “تسع” ولايات، وتعمل في مجال الأمن الغذائي بعدد من المشاريع، وأكد أن جملة المساحات التي تمت زراعتها بالمشروع في محلية القلابات الشرقية بلغت (2000) فدان، منها (750) فداناً بمنطقة دوكة، و(500) فدان بمنطقة راشد، و(375) فداناً بكل من منطقتي تواريت وراشد، بمحاصيل (الذرة، والسمسم، الدخن، والفول السوداني).

 

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.