معسكر التكامل .. تفاصيل حريق لم يبق شيئاً حريق (950) منزلاً وتشريد حوالي (2150) لاجئاً

ليزا تونق: زوجي  احترق أمامي حتى مات وعجزت عن إنقاذه 

ميري جاك: أتتني قوة خفية جعلتني أخطف أبنائي الثلاثة وأجري بهم

سايمون: الخسائر المادية بنسبة (100%) وحتى الأرض اسودت من الحريق

شارك الخبر

الخرطوم: سعيد عباس

ألسنةُ لهبِ علت عنان السماء، وسحب سوداء تسيدت الأفق، وبالرغم من الظلام الدامس، إلا أن الأرض أضحت مضاءة في كل جوانبها وأرجائها؛ بسبب تصاعد ألسنة اللهب التي غطت مساحات كبيرة من سماء تلك المنطقة، بعد أن علت أصوات العويل والبكاء من النساء والصبية والصغار، واختلط الحابل بالنابل؛ بسبب اندلاع النيران على حين غرة وغفلة، وذلك بعد أن أرخى الليل سدوله، وبدأ عدد كبير من سكان معسكر التكامل في غفوة النوم ليصحوا على أصوات تلك الحرائق والانفجارات، وذلك بمعسكر “التكامل” الذي يضم عدداً من لاجئ ولايات دولة جنوب السودان من مناطق ولاية أعالي النيل، وولاية الاستوائية الكبرى، وولاية بحر الغزال.. “كوكتيل” كانت هناك واستطلعت عدداً  المتضررين، وخرجت بالحصيلة التالية ..

الخرطوم: سعيد عبا

حسرة وشكر

ميري جاك (28) عاماً كانت دموعها تسيل على خديها، وتحمل ثلاثة أطفال صغار بينهم رضيع، واثنين في عمر الثانية والرابعة، ورغم حسرتها قالت أحمد الله الذي منحني قوة خفية لا أعرف من أين أتتني، وذلك عندما انتفضت إثر الحرارة العالية وصوت الانفجارات التي كادت تهز الأرض، حينها خطفت أبنائي الثلاثة، ولم أفكر في أي شيء غيرهم ولا أعلم كيف قطعت تلك المسافة، وأنا أحمل ثلاثة أطفال من داخل المعسكر حتى الشارع الرئيس شرق المعسكر، وأضافت ميري أن كل شيء انتهى، وتحول إلى رماد ولكني سعيدة بسلامة أبنائي .

لا شيء غير السواد

قالت جوزفينا مكير من مواطنات بحر الغزال إنها أصبحت لا تملك شيئاً سوى ملابسها على جسدها فقط، وقالت كل شيء انتهى، الأثاث وأواني المطبخ والأسِرة والوسادات والمراتب على قلتها جميعها التهمتها النيران، وقالت إنها كانت تحتاط للظروف بمبلغ مالي بسيط ادخرته من عملها الحر في خدمتها في المنازل في عمل النظافة والغسيل وكي الملابس وأضافت أنها ستبدأ من الصفر، وقالت إنها ستنام الليلة بلا وسادة أو سرير، ودعت كل ذوي القلوب الرحيمة للنظر لذلك المعسكر الذي قالت إنه تحول إلى رماد .

الخوف من المجهول

قالت الحاجة آمنة (61) عاماً التي تعمل قابلة صحية في المعسكر إنها قامت حوالي التاسعة والنصف مساء وركضت بأقصى سرعتها لأنها رأت الجميع يركضون بأقصى سرعاتهم في اتجاهات مختلفة وقالت إنها كانت تجري من المجهول؛ بسبب أنها لم تعلم بالضبط ما يدور داخل المعسكر، وقالت إنها رأت ألسنة اللهب تمتد من الاتجاه الشمالي للمعسكر بصورة فظيعة، وأضافت آمنة أنها قابلة صحية تقوم بتوليد ورعاية الحوامل داخل المعسكر، وأضافت أنها قامت بخطف حقيبة الولادة، وركضت مع بقية الفارين من لهيب النار المستعر .

صلف الأهالي

أبو القاسم جوزيف (38) عاماً من اللجان الشبابية بالمعسكر  والمتطوعين، قال إنه حزين جداً لما حدث لمعسكرهم، وقال إنهم طالبوا فيما قبل ببناء من مواد ثابتة للمعسكر حتى يتفادوا الحرائق الكبيرة في بيوت الرواكيب والكراتين، وقال إنهم اتفقوا مع منظمة لجلب صهاريج مياه كان من المفترض أن تساعدهم كثيراً في حال حدوث حرائق، وأبدى أسفه قائلاً إن الأهالي تعاملوا معهم بصلف شديد، وقالوا إن توفير المياه بكثرة واستخدام المواد الثابتة في المعسكر من الطوب والأسمنت أو حتى الجالوص ستسهم كثيراً في تثبيت أهالي المعسكر، ولا يبارحون المنطقة، وأضاف أبو القاسم أن المجتمع من حولهم لم ينظر للنواحي الإنسانية وتوفير السلامة من الحرائق والكوارث،  وأضاف أبو القاسم بأن المعسكر شهد عدة حرائق فيما قبل، ولكن هذا الحريق هو الأفظع والأكبر بسبب التهام النيران كل ما بداخل المعسكر.

احترق زوجي أمامي

تقول ميري (40) عاماً إن الحريق عندما اشتهد هرعت فزعة كغيرها من نساء المعسكر، وقالت إنها حاولت إنقاذ صغارها وبالفعل أخرجتهم من مرمى النيران، ولكنها عندما رجعت للمرة الثانية لمحاولة إخراج زوجها المريض، وجدت أن النيران قد تضاعفت بشدة والتهمت جسد زوجها المريض ومات في الحال .

قيادات المعسكر

إيمانويل وسايمون من قيادات المعسكر قالوا إن الحل المستقبلي لمثل تلك الحرائق التي تكررت عدة مرات وأفظعها تلك المرة، هو أن يتم إعطاء المعسكر مساحة أكبر بعيدة عن الأهالي مع توفير الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء، مع تذليل تكاليف العودة والرجوع للجنوب لكل الراغبين، وقالوا إن المعسكر به حوالي (950) منزلاً وحوالى (2150) نسمة من فئات عمرية مختلفة، وأكدوا أن الحريق حتى تلك اللحظة خلف وراءه حوالي (11) جريحاً بإصابات وحروق متفاوتة الخطورة، وحالة وفاة واحدة.

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.