قضايا شهداء أمام المحكمة.. أهمية الخطوة والتوقيت ؟

 

 

الخرطوم: هبة علي

في خطوة وصفها البعض بالإيجابية قامت النيابة بإحالة دعاوى عدد من الشهداء بولاية الخرطوم و ولاية الجزيرة إلى المحاكم بعد توجيه الاتهام للمتورطين تحت مواد القتل العمد، وتجيء الخطوة في وقت أمهلت به منظمة أسر الشهداء الحكومة (٧٢) ساعة لإقالة وزير الداخلية والنائب العام..

 

أحالت نيابة دعاوى الشهداء والانتهاكات أمس بلاغي الشهيدين الفاتح النمير والدكتور بابكر عبدالحميد إلى القضاء، بعد توجيه الاتهام إلى متورطين في ارتكاب الجريمة، تحت المادة (130) من القانون الجنائي لسنة 1991: “القتل العمد” – بحسب وكالة السودان للأنباء، بعد أكثر من أربع سنوات على مقتلهما في احتجاجات ضد النظام البائد في كانون الثاني/يناير 2019.

وأصيب الشهيدان في “موكب 17 يناير” برصاص الأمن في منطقة “بري” شرقي العاصمة الخرطوم في العام 2019. وبينما ارتقى الشهيد الطبيب بابكر عبدالحميد (29 عامًا) في اليوم نفسه متأثرًا بإصابته بطلق ناري في الصدر، فاضت روح الشهيد الفاتح النمير (24 عامًا) بعد أربعة أيامٍ من الإصابة.

ووفقًا لوكالة السودان للأنباء، فقد أطلع رئيس نيابة دعاوى الشهداء والانتهاكات النائبَ العام على موقف دعاوى الشهداء إلى جانب سير العمل داخل النيابة خلال اجتماع بمكتب النائب العام أمس الأول.

وتسلم النائب العام ملفات الدعاوى التي اكتمل فيها التحري ووجهت فيها التهم إلى المتهمين، توطئةً لإحالتها إلى القضاء، وهي بلاغ الشهيد محمد المجتبى عبدالسلام الذي استشهد دهسًا، وبلاغ الشهيد علاء الدين عادل المعروف بشهيد الكلاكلة، إلى جانب بلاغ الشهيد محمد أحمد الصابونابي الذي استشهد بمدينة بحري – بحسب وكالة السودان للأنباء.

وفي ذات الاتجاه وجهت نيابة الجزيرة الاتهام بالقتل العمد لعدد من المتهمين في بلاغ الشهيد محمد فيصل الشهير “بشعيرية “والشهيد أبو القاسم محمد موسى والشهيد محمد عبد اللطيف تحت المادة 130 من القانون الجنائي القتل العمد وإحالة ملف القضية للقضاء.

وكشف مصدر مسؤول بالنيابة العامة وفقًا لوكالة السودان للأنباء، عن الشروع في رفع الحصانة عن المتهمين في بلاغات الشهداء غيمة وأحمد عبد الله “حلاوة” وأكد قرب انتهاء التحريات بعد تحديد المشتبه فيهم بواسطه النيابة.

وأشاد النائب العام بلجنة التنسيق المشتركة بين النيابة العامة والشرطة التي تعمل بإشراف مباشر من النائب العام، ووزير الداخلية، وإسهامها في تسريع إجراءات التحري ورفع الحصانات عن المتهمين وفقًا لموقع (الترا سودان).

مجرد رد فعل

من جانبها طالبت منظمة أسر ضحايا ثورة ديسمبر 2018، السُلطات الحاكمة بإقالة وزير الداخلية والنائب العام وحملتهما مسؤولية استهداف المتظاهرين السلميين.

وقال رئيس المنظمة عباس فرح عباس في مؤتمر صحفي “نحمل المسؤولية كاملة لقتل الثوار في الشوارع لوزير الداخلية والنائب العام، ويجب عزلهما فورًا من مواقعهما ومٌحاسبتهما ونمنح السلطات الحاكمة الآن 72 ساعة فقط للاستجابة لطلبنا وفي حال لم يتحقق لدينا من الآليات لنفعل ما نُريد”.

وحث فرح الشعب السوداني على دعم جهود إنشاء مركز موحد للقوى الوطنية للعمل على إسقاط الانقلاب.

وأعلن رفضهم أي تأثيرات من قوى سياسية تُريد التدخل في عمل المنظمة، متهمًا الحكومة الانتقالية التي انقلب عليها الجيش بتسويف قضايا الشهداء والتنكر لهم.

وتابع “لن نسمح لأي حكومة مقبلة بعدم تحقيق العدالة ولن نرضى تشجيع المجرمين على الإفلات من العقاب بسبب التسويف الذي تمارسه الحكومة تجاه ملفات الشهداء”.

واستنكر فرح بشدة منح القاضي زهير بابكر الذي ينظر في ملفات عديدة متعلقة بضحايا الاحتجاجات إجازة مفتوحة بعد أن رفض التأثير على قرار أصدره ينُادي بمُحاكمة مدير سجن “كوبر” لرفضه الالتزام بتوجيهات المحكمة فيما يتعلق بقضية المتهمين بقتل العميد بريمة.

ورأى بأن تدخلات السلطة القضائية وسحب القضاة الذين يتولون ملفات شارفت على الانتهاء يمثل عائقًا نحو تحقيق العدالة ويشجع على الإفلات من العقاب وإطالة أمد التقاضي.

وعلّق فرح أمس لـ”السوداني” عن إحالة بعض ملفات الشهداء للمحكمة، مُقللًا من أهمية الخطوة ومؤكدًا على أنها مجرد رد فعل لتهديد الحكومة.

وأضاف: لا نتوقع أن تتحقق العدالة في ظل النظام الحالي لأنه متواطئ مع الأجهزة العدلية.

غيابها يشل العدالة

ويذهب مهتمون إلى أن غياب المحكمة الدستورية يمثل المعضلة الأساسية لجهة أن هنالك قضايا تم إصدار الحكم فيها بيد أن غيابها حال دون التنفيذ.

من جانبه أوضح مولانا محمد الحافظ أن البناء القضائي مترابط من أسفله إلى أعلاه، مشيرًا إلى أن المحكمة العليا توجد بأعلى مراقي السلطة القضائية. وأضاف: يمكن تشبيه غياب المحكمة الدستورية بمنزل دون سقف بالتالي سيعاني السكان الأمرين من عدم وجود السقف، فلا يتصور أن تكون هنالك دولة بها أجهزة عدالة دون محكمة دستورية.

وبين الحافظ لـ(السوداني) أن كثيرًا من الأحكام متعطلة بسبب أنها مودعة للدستورية، مشددًا على أن غيابها يشل العدالة بكل البلاد.

وأردف: لا بد أن يكون لكل مواطن مدخل لها خاصة في ظل الأوضاع المعوجة الآن وعلى أقل تقدير يجب إنشاؤها ليطمئن المواطن ويلجأ لها القاصي والداني والمظلوم والظالم على قدر سواء.

وقال إن المحكمة الدستورية تعمل على تثبيت المبادئ القضائية لأنها معنية بدستورية القوانين، مشددًا على أن تعطيلها مقصود. وأضاف: نرى الكثير من الأشياء لا تسير بالطريق الصحيح، والدستورية تمكن من عزل أي عضو بمجلس السيادة بسبب التقصير في أدائه لواجبه أو بارتكابه أخطاءً في سن الحكم.

وتابع: الدستورية تستطيع أن تنتزع منهم الحصانة وتجعلهم عرضة للمحاكمة بالتالي أن عدم وجود المحكمة الدستورية يخل بنظام الحكم بالبلاد.

منوهًا أن الخلل يكمن في عدم دستورية أي قانون ولا بد أن تقول رأيها بالقوانين سلبًا أو إيجابًا.

وقطع الحافظ بعدم وجود عقبات تعترض إنشاءها، وأردف: لا نريد أن نذهب بطريق أن تكون هنالك محكمة دستورية قائمة بذاتها كما كان بعهد الإنقاذ، موضحًا أنها كانت بعيدة عن ضمير الأمة وروح القانون بل بالعكس كانت أداة طيعة في عهدهم.

ولفت الحافظ إلى أنهم يريدون أن تعود المحكمة الدستورية إلى سابق عهدها وتكون بالمحكمة العليا القومية، وأضاف: تكون فقط دائرة يتم تشكيلها وقت الحاجة من القضاة الموجودين بالعليا، مشيرًا إلى أنهم أصحاب رأي سديد وعلماء، إضافة إلى أن هذا الآن يكلف الدولة جنيهًا واحدًا، بل يقلل من نفقات المحكمة الدستورية.

وتابع: إنشاء المحكمة الدستورية استحقاق دستوري والتفريط في الاستحقاق يبطل الحكم وكل فرد موجود بالحكم مسؤول من عدم إنشائها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.