الخير يولد من رحم الفقر

على الورق …. إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

 

 

سبق أن أودعتُ أحد المنتديات مقالًا بعنوان: “الفقر وحش فاتك” استوحيت فكرته من بعض ملامح الفقر على وجوه بعض أبناء ورجال قريتنا، وكتبت بتوسع في هذا الشأن مدفوعًا بحالات فقر وعوز يسحق الضلوع، وقفت عليها مصادفة داخل مجموعة بيوت أثناء زيارات عفوية لم يكن مرتبًا لها، شخصيات مستترة تحت (جلاليب) ليست بيضاء نقية نقاء نفوسهم؛ يحتجب لونها خلف قسمات ضاحكة، تحسبها ـ حين تراها ـ كأنها مالكة للدنيا بحذافيرها؛ لكنها في الحقيقة تقاسي حسراتٍ وجوعًا حارقًا، فشعرت بجهلي، وبحسرة وتأنيب للضمير؛ إذ لم تُراودني نفسي يومًا أن أتفقَّد بعض الأسر المتكتمة على نفسها سواء كانوا من أهل الرحم والقربى أو من العشيرة، أولئك الذين “يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا”، فحاسبتُ نفسي حسابًا عسيرًا، وساءلتها: كيف لغافل مثلي ومثل بعضكم أن يسمع الأنين، ويتبيَّن أن ثمة بيوت تخلو من المواقد، ولا آثار لرماد فيها أو لفتات أطعمة.

لا شك أن هدايانا، وقليلًا من عطايانا يقتصر على المُقرَّبين من أهلنا وإن كانوا أقل حاجة، اللهم إلا من اختصه الله من بيننا بأيدٍ رطبة نديَّة فهو ينفق آناء الليل وأطراف النهار، ولا تعرف يمينه ما فعلت شماله، وكم حدثتني نفسي بإجراء دراسة إحصائية حول فقراء (ربعنا) استهدافًا للفت الانتباه إليها، لكن خشيتي من عزة نفوس بعض هذه الفئة صرفتني عن تنفيذ ما انتويته.

وفي السودان عمومًا ظهرت منظمات وجمعيات خيرية من صُلب مجاهدات شباب وشابات على وعي بما آل إليه حال كثير من الأسر من فقر ومسغبة، فهبوا جميعًا مدفوعين بصدق النوايا ونُبل المقصد لخدمة أهلهم بعزائم قوية وبتجردٍ كامل، ولتخفيف معاناة الفقراء والمعدمين في ظل الأزمات الطاحنة التي تمر بها البلاد، وأظهرت أهداف هذه الجمعيات أنها تعمل على كافة الأصعدة، وتركَّزت أنشطتها في تنفيذ برامج شملت مجالات الإطعام، والسقيا، والتعليم، والصحة والعلاج، وإعانة طلاب العلم في كل المراحل الدراسية، وإنشاء فصول لمحو الأمية، وكورسات تقوية لطلاب الشهادة، ودورات تدريبية لإكساب المتدربين مهارات حرفية ومهنية وتقنية، إضافة إلى المشاركة تحسين وتطوير البيئة المحلية، وسادت إثر هذا النشاط المكثف روح التكافل والتعاون والتنافس في المجال الخيري بين الفتيان والفتيات، وكم كان يسعدهم مسح اليد على رأس يتيم، أو حين يضعون لقمة في فم جائع، أو يقدمون قرص دواء لمريض حالت عفَّة نفسه بينه وبين سؤال الناس..

فيم

أذكر أن الأستاذة رحاب خليفة حاولت قبل حوالي عقدٍ من الزمان بناء قاعدة بيانات عن الجمعيات والمنظمات الخيرية لتكون مرجعية لهذا الضرب من الأفعال والأعمال الخيرية والإنسانية، واستطاعت حينها إحصاء عددٍ كبيرٍ منها، ولا أدري الآن أين توقفت جهودها.

 

 

 

 

 

 

 

شارك الخبر

Comments are closed.