قصة ملحمة جبل سركاب.. 350 فرداً من المظليين والصاعقة يهزمون 2500 من قوات الدعم السريع

كتب: حسن عبده

* اقتحم الجيش البوابة ودخلت كل القوة إلى المعسكر لتدور معركة طاحنة هجم فيها 350 فرداً من المظليين وقوات الصاعقة معهم 17 عربة فقط على قوة الـ(د س) المكونة من اكثر من 200 عربة واكثر من 2500 فرد من الدعم السريع ودارات معركة طاحنة
* حدث في هجوم الجيش على الدعم اشياء لا توجد في العلم العسكري وعجز المحللون العسكريون داخل وخارج السودان عن تقديم تفسير أو تحليل ما حدث وفق ثوابت العلوم العسكرية

شارك الخبر

تمثل منطقة معركة كرري 1898 رمزاً تاريخياً للسودانيين، وكذاك جبل سركاب الحد الغربي لمعركة كرري التاريخية، ويعتبر جبل سركاب وما حوله منطقة عسكرية تتبع لإدارة المساحة العسكرية والفرقة التاسعة المحمولة جواً (المظلات) مناصفة، وتتواجد بها معسكراتهم، ثم خصص جبل سركاب وامتداده الغربي الذي كان يتبع للمساحة العسكرية لجهاز الأمن إلى أن تم احتلاله بواسطة قوات الدعم السريع عقب – ما يسمى – تمرد هيئة العمليات.

عند بداية تمرد قوات الدعم السريع يوم 15 أبريل 2023 قامت قوة من (د س) بمهاجمة معهد تدريب المظلات المتاخم لمعسكرهم بجبل سركاب واحتلال المعهد الذي يستحيل الدفاع عنه لاحتلال قوات (د س) قمة جبل سركاب الذي يسيطر على كل المعهد الذي لم يكن فيه أي قوة مقاتلة سوى بعض الخدمات وعدد قليل من المعلمين والإداريين بالمعهد، وانسحب هؤلاء الأفراد شرقاً إلى معسكر الاقتحام الجوي المتاخم للمعهد من الناحية الشرقية بعد أن عطّلوا قوات المتمردين فترة من الوقت أتاحت للقوة المتواجدة بلواء الاقتحام الجوي مناوشة المتمردين بالنيران لتغطية انسحابهم.

قوات الفرقة التاسعة المحمولة جواً تشمل المظلات والصاعقة والاقتحام الجوي، وتنفتح هذه القوات في كل مسارح العمليات باعتبارها احتياطياً بيد القائد العام، وعند حدوث هذا الهجوم وحتى استرداد جبل سركاب لم يكن موجوداً بالمعسكرات سوى أقل من 10% من القوات، أي ما يعادل كتيبة واحدة فقط (أقل من 700 فرد) لتكليف بقية قوات المظلات بواجبات أخرى داخل وخارج العاصمة وفي مسارح العمليات المختلفة وكان أغلب هذة الـ10% يتكوّن من الإداريين وأمناء المخازن والكتبة والمعلمين والفنيين والباقي من الجنود في البوابات والأسوار؛ ما عدا سرية واحدة في الاستعداد وكل هذه القوات في انفتاح غير قتالي موزعة على 8 معسكرات لحراسة هذه المعسكرات ضمن عمليات التأمين غير القتالية، لذا كان الدفاع عن هذه المعسكرات ضرباً من المستحيل ضد قوات تتكوّن من أكثر من 200 عربة مقاتلة واكثر من 2500 فرد يمثلون قوة الدعم السريع بجبل سركاب في كامل جاهزيتهم القتالية ومرتباتهم الحربية.

دافعت القوة الموجودة بلواء الاقتحام الجوي عن معسكرهم ومنعت قوات العدو من التقدم نحو رئاسة الفرقة وغطت مساحة المعهد بالنيران ليصبح المعهد أرضاً حراماً بين معسكرات المظلات ومعسكر (د س) وتم تحييد قناصة قوات (د س) ورشاشاتها الثقيلة أعلى جبل سركاب بواسطة وحدة نارية من المدفعية المظلية المنفتحة بلواء الصاعقة شمال رئاسة الفرقة، واستمرت المناوشات والتراشق بالنيران وتثبيت قوة (د س) التي احتلت المعهد حتى آخر ضوء الذي استغلته قوات (د س) للانسحاب الى معسكرهم خلف جبل سركاب وكان ذلك تنفيذاً لخطة دفاعية من الخطط المعدة سلفاً للدفاع عن معسكرات المظلات في حالة الهجوم عليها.

في تلك الأثناء، وضع قائد الفرقة التاسعة مع اركان حربه خطة مبسطة للسيطرة على الموقف من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تمثلت في تثبيت العدو في منطقة المعهد ومنعه من التقدم أو المناورة حتى آخر ضوء، ثم المرحلة الثانية شن هجوم ليلي صامت بدون إسناد الطيران أو المدفعية على معسكر (د س) بجل سركاب الساعة الثالثة صباحاً لتحقيق المفاجأة واستغلال ساتر الظلام لتقليل الخسائر والاستفادة من عدم اجادة المتمردين للقتال الليلي، ثم المرحلة الثالثة نظافة المعسكر وتدخل الإسناد الجوي لتدمير العدو الهارب ومنعه من اعادة تنظيمة أو شن هجوم مضاد، ومن ثم تسليم المعسكر لكتيبة المشاة التي ستصل من القيادة لتأمينه والدفاع عنه وعودة قوة المظلات لمعسكرها.

استمرت إجراءات المعركة بتجهيز سريتين راجلتين من لواء الاقتحام الجوي ولواء الصاعقة إضافة لعدد 17 عربة لاندكروزر من قوة المهام الخاصة وتم طلب كتيبة مشاة من القيادة لاستلام معسكر سركاب وتأمينه بعد تطهيرة من العدو بواسطة قوات المظلات والصاعقة.

تسللت قوة المظلات الراجلة باحد (الخيران) إلى محاذاة بوابة معسكر سركاب الجنوبية وقامت قوة العربات بمناوشة العدو عند ساعة الصفر التي حدد لها الثالثة صباحاً وتم اقتحام البوابة ودخلت كل القوة إلى المعسكر لتدور معركة طاحنة هجم فيها 350 فرداً من المظليين وقوات الصاعقة معهم 17 عربة فقط على قوة الـ(د س) المكونة من اكثر من 200 عربة واكثر من 2500 فرد من الدعم السريع ودارات معركة طاحنة استخدم الجيش فيها الرشاشات الخفيفة والاربجي ثم البنادق الكلاشنكوف والقنابل اليدوية ثم وصلت لمرحلة الاشتباك بالسونكي، وتم دحر العدو الذي تحقق فيه عامل المفاجأة وانسحب تجاه بوابات المعسكر الشمالية والغربية بصورة عشوائية ليجدوا الطيران في انتظارهم والذي قام بتدمير أغلب القوات الهاربة والتي لم ينجو منها إلا من قام بدخول الحارات غرب وجنوب المعسكر للاحتماء بالمدنيين.

وجدت القوات المسلحة في معسكر الدعم السريع بكرري ما لاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر بعقل عسكري من التجهيزات والمعدات والاسلحة والذخائر وأجهزة الاتصالات وغرف القيادة والسيطرة التعبوية والاستراتيجية وما لا يتسع المجال لذكرة حتى وجبات العمليات الجاهزة، وكان هذا العتاد يكفي لتدمير واحتلال كل العاصمة المثلثة، وبحمد الله تم الاستيلاء عليه بـ350 فرداً مظلياً وباسلحة مشاة خفيفة وبخسائر لا تذكر، ويدل هذا على الخبرة العالية والتدريب الجيد والقيادة المحنكة المصقولة، والشجاعة والاقدام وهي من الميزات التي وهبها الله لضباط وجنود الجيش السوداني.

حدث في هذا الهجوم اشياء لا توجد في العلم العسكري وعجز المحللون العسكريون داخل وخارج السودان عن تقديم تفسير أو تحليل ما حدث وفق ثوابت العلوم العسكرية ويجب على الشعب السوداني معرفتها وروايتها للاجيال ليتعلموا منها معاني الرجولة والشرف والتضحية والشجاعة:

1. يجب ان تكون القوة المهاجمة ثلاثة اضعاف القوة المدافعة، وهنا كان عدد قوة المظلات المهاجمة 15% من قوة متمردي الدعم السريع المدافعة بدلا من ثلاثة اضعافها.
2. الاستبسال وتضحية الجيش، فالقوة المهاجمة تعادل كتيبة ناقص ومرتبها القيادي رائد او مقدم وهنا قاد الهجوم قائد الفرقة بنفسه العميد الركن عمار صديق، مما دفع جميع الضباط للانخراط في صفوف القوة المهاجمة منهم اربعة برتبة العميد الركن، ما اثار الحماس والروح القتالية لدى الأفراد الذين يشاهدون ضباطهم العظام ينخرطون معهم في الصفوف في عملية فدائية غير مقبول فيها غير النصر، في مشهد أسطوري.
3. تمكن قوة قليلة العدد في لواء الاقتحام الجوي ورئاسة الفرفة من صد هجوم قوة تبلغ عشرة اضعافها لمدة 8 ساعات ثم تطوير العملية الدفاعية في اقل من 6 ساعات لهجوم ينجح في تدمير هذه القوة المهاجمة واحتلال معسكرها.
4. التخطيط السليم واستلام زمام المبادرة بدون وجود اي دعم أو اسناد من الوحدات المجاورة نسبة لانشغال كل وحدات العاصمة في صد هجمات متمردي الدعم السريع ما عدا الـ17 عربة باطقمها التابعة للواء المهام الخاصة التي وصلت كتعزيز بعد آ خر ضوء وكان مهمتها مُشَاغَلَة العدو لصرف نظرة عن عملية التسلل التي تتم تحت سور معسكره الجنوبي.
5. الاستغلال السليم للوقت؛ فلو انتظر قوة الجيش حتى الصباح لفقدت زمام المبادرة بمعاودة الدعم السريع للهجوم مع عدم تكافؤ القوتين لصالح الدعم السريع مما يؤدي مع مرور الوقت لاستنزاف قوة الجيش ومحاصرتها ومن ثم اسرها أو ابادتها.
6. شنت قوة الجيش الهجوم على معسكر الدعم السريع بدون وجود قوة احتياط مما يعد ضرباً من المجازفة والجراة والتصميم على استغلال الفرصة لتحقيق النصر.

* من أروع نماذج التضحية والفداء ما قدمه، العميد الركن عمار صديق، والعميد الركن عثمان كباشي، اللذين اصيبا أثناء الهجوم واكملا الهجوم رغم الاصابة، حتى اليوم الثاني تم اخلاؤهم لاجراء عمليات جراحية وعودتهم بعد اجراء العملية الجراحية بمستشفى الوادي على اكتاف جنودهم لمواقعهم لممارسة قيادتهم لقواتهم، ليضربا بذلك أروع الأمثلة لبقية القوة التي لا تقل عنهم تضحية وفداءً.

هذا سرد بسيط يمثل جانبا من بطولات وتضحيات قوات الشعب المسلحة عامة وقوات المظلات خاصة والتي يقدمونها في صمت وتجرد ونكران ذات وشجاعة وتصميم وفدائية وتضحية توارثوها عبر اجيال القوات المسلحة المتعاقبة متصدين للتمرد ولايدي الغدر والخيانة والعمالة والاطماع الخارجية التي احالت حياة الشعب السوداني إلى جحيم، ولكن ثقة برحمة الله والجيش السوداني الباسل سيتحقق النصر باذن الله الواحد القهار.

شارك الخبر

Comments are closed.