طبيب سوداني يتخرج في زمن الحرب.. ويحكي قصة كفاحه من سائق درداقة وعامل أكياس وبائع ليمون (وتنمر التلاميذ)

متابعات: السوداني

توج الشاب السوداني، ملثم صالح محمد عبد الرحيم، رحلة كفاحه في الحياة، وتخرج في كلية الطب جامعة سنار، بكالوريوس الطب والجراحة بتاريخ ٩ أكتوبر ٢٠٢٣، بعد سنوات من الكد والاجتهاد والعمل في (سواقة الدرداقة وعامل أكياس وبيع الليمون).

ويقول د. ملثم: “في البدء قد يظن البعض أنها مجرد صورة عادية تفيد تخرُّج صاحبها من كلية معينة وما أكثر الخريجين، فلستُ بأول شخص ولن أكون آخرهم. لكنها تعني لي الكثير، فالصبي ذو العشرة أعوام سائق الدرداقة وعامل الأكياس والليمون في سوق سنار قد أصبح طبيباً، ولله الفضل والمِنة”.

وأضاف: “ذلك الصبي الذي كان ينتظر بفارغ الصبر حتى ينتهي اليوم الدراسي لكي يذهب إلى السوق ثم يأتي في آخر الليل محملاً بكيس الخضار وبعض الفول والطعمية وهو في قمة سعادته وتزداد السعادة حين أرى الفخر في عيون والدتي بأن ابنها الصغير أصبح رجلاً يُعتمد عليه. ذلك الصبي الذي كان لا يمرُ عليه ثلاثة أيام متتالية دون أن يجد زملاءه في الفصل أثناء عمله وهم يصيحون له ويضحكون (تعال يا بتاع الدرداقة) وأحياناَ أخرى (تعال يا شافع الأكياس) ومرات كُثُر أثناء اليوم الدراسي (شايفنك أمبارح في السوق شايل ليك كيلة دقيق في الدرداقة وماشي بيها على موقف الشرق)، ولكن كل هذا لم يكسر عزيمة الصبي الصغير. وتتوالى القصص والأحداث ولكن المجال لا يسع لذكرها”.

ويمضي في القول: “أكثر ما يحزنني أن جدتي تُوفيت، رحمة الله عليها، قبل أن ترى حفيدها الصغير طبيباً، وهي التي كانت تقول لي كل يوم (راجياك تبقى دكتور عشان تعمل لي عملية العيون عشان أشوف كويس)، ويزداد الحزنُ أكثر حينما أدرك أن عمي العزيز عبد الله، عليه رحمة الله، أيضاً ليس موجوداً ليرى ابن أخيه طبيباً، فهو كان يسهر معي الليالي ويترك عمله ويأتي إلى منزل جدتي كي يناقش معي خيارات الجامعة ويسأل هذا وذاك عن الجامعات وكان دائماً ما يقول لي (يا ولدي أنا عاوزك تبقى دكتور كبير عشان أي زول ما عندو تعالجو). رحمهم الله رحمةً واسعة وأسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. في الختام، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، الحمد لله الذي منحني هذا من غير حول لي ولا قوة”.

شارك الخبر

Comments are closed.