كتب: د. فخر الدين عوض حسن عبد العال
عندما اجتاحت مليشيا دقلو، مدينة العيلفون الآمنة، كان هنالك أحد الشباب من عائلتنا في فراش عزاء، ولأن الكهرباء كانت في معظم المدينة قاطعة فإن الجميع طلبوا منه أن يأخذ هواتفهم لشحنها في محل بطرف المدينة فيه مولد كهربائي، وعندما وضع الهواتف وهمّ بالعودة إلى الفراش، سمع من خلفه صيحات هيستيرية :” فلول .. فلول”، وأصوات عربات ورصاص.. ومن ثم انطلق الرصاص ليمزق جسده بدون رحمة أو شفقة أو رجولة.. فإن الجنجويد جعلوا من جسده النحيل غربالاً برصاصاتهم العربيدة وهم يضحكون ويستلذون، بينما بعضهم يقوم بتصوير هذا المنظر الفظيع، الذي انتشر على وسائل التواصل وشاهده الجميع بما فيهم والده الذي من شدة حزنه على ابنه الوحيد أُصيب بصدمة لا زال يعاني من آثارها، وليس هنالك مستشفيات لأن المليشيا اجتاحتها ودمرتها أيضاً.
لقد عايشنا كيف احتلت المليشيا البيوت ونهبت كل ما بداخلها، وعندما يحاول أصحابها وخصوصاً الشباب أن يدافعوا عن أهلهم وممتلكاتهم، تغتالهم المليشيا بكل بساطة ووسط قهقهة و”استلذاذ” أفرادها الدمويين.
وأيضاً وبحكم العادات والتقاليد، يسود صمت قاتل وسط أسر يغتصب الغزاة بناتهم وأخواتهم وأمهاتهم، ويتم اختطاف البعض، وقد علمت من مصادر موثوقة ما أصاب المغتصبات من صدمات عصبية وأمراض نفسية أدت ببعضهن الى الانتحار.. وقد قرأت نداءات في وسائل التواصل الاجتماعي تطلب المساعدة في الفرار لأن “عندنا بنات”!
نعم أن الكيزان صنعوا حميدتي، نعم أن البرهان مكن له. ولكن الآن هنالك واقع جديد نعايشه يومياً، ويبرهن بأن اكبر أكذوبة يتم نشرها وتعميمها وتصديقها هي أن مليشيا حميدتي تستهدف الفلول.. والحقيقة التي أوضح من الشمس هي أن حربهم موجهة بشكل أساسي ضد المدنيين العزل.
ولعل أقرب مثال هو ما حدث بالأمس القريب في قرى ومدن ولاية الجزيرة التى يسكنها مواطنون بسطاء يكسبون قوت أسرهم بعرق جبينهم وليس من بينهم جيش أو كتائب فلول.. ورغم ذلك اكتسحت مناطقهم الآمنة مليشيا الجنجويد ونهبت ممتلكاتهم بقوة السلاح، وكل من حاول الدفاع عن بيته يتم سفك دماؤه.. وحتى الأطباء والعاملين في المستشفيات تم قتلهم واختطافهم.
وأخشى اننا صدقنا أكذوبة كبرى اسمها حرب الفلول بل وساهمنا في نشرها وتعميمها وبالتالي تغبيش الوعي، ومن ثم ساهمنا بشكل غير مباشر في حالة انعدام الأمن واللا دولة ونشر الفوضى.. وعندما نستيقظ يوماً سوف نحصد السراب ويكون قد تم المراد بالتهجير القسري والتطهير العرقي عبر نهب الممتلكات وحتى الصور والذكريات، وتم إذلال المواطنين والحط من كرامتهم بقوة السلاح.
وأخشى ان نستيقظ يوماً وقد ضاع كل شئ واستوطنت المليشيات بيوتنا وهتكت أعراضنا وباعت شرفنا وأخواتنا وأمهاتنا في سوق الرقيق سبايا لمن يدفع.. فهي من “المغانم”!؟
ونصبح لاجئين ومتشردين وجوعى مقهورين.. وتحكمنا المليشيا بالسياط.
#ايها_السودانيين_استيقظوا_واتحدوا فإن كراهيتنا للكيزان وأفعالهم يجب أن لا تغبش عنا مخططات مليشيا دقلو والتي هي واضحة وبائنة لكل ذي بصر وبصيرة..
إنهم يستهدفون الشعب بشكل أساسي.. وطريقهم لذلك هو الإذلال والإهانة والحط من الكرامة ولا يقف بينهم وتلك الممارسات اللا إنسانية واللا اخلاقية وازع من دين أو ضمير!!
تعمقوا في الامر جيداً، وتوقفوا عن الحديث عن الكيزان وعن ق.ح. ت وحمدوك وعن التلاوم والمغالطات التي تؤدي إلى المزيد من التشرذم.. وتبينوا عدوكم واستعدوا له جيداً
فإنها معركة الكرامة والوجود والشرف.
#ايها_السودانيون_استيقظوا_واتحدوا
Comments are closed.