المجلس العسكري .. إقالات واستقالات تسيطر على المشهد

الخرطوم: هبه علي

شهدت الساحة السياسية إقالات واستقالات واسعة تزامنت مع اندلاع شرارة ثورة ديسمبر كسياسات إصلاحية اتخذت لتحد من الحراك الثوري ولكن دون جدوى حتى سقط البشير، فكانت استقالة الفريق أول عوض ابنعوف من رئاسة المجلس العسكري الأسرع على مستوى القيادات بعد غضب شعبي باعتبار أن ابنعوف هو أحد قادة النظام البائد.

إقالة النائب العام
جدل كثيف ومتعاظم خلفه قرار رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بإعفاء النائب العام المكلف الوليد سيد أحمد محمود من منصبه وتعين عبد الله أحمد عبد الله عوض بديلاً عنه نائباً عاماً مكلفاً.
ورجحت مصادر (السوداني) سبب إقالة النائب العام المكلف في عقده مؤتمراً صحفياً السبت الماضي للتبرؤ مما ذكره الناطق باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين الكباشي بشأن أخذهم المشورة القانونية من النائب العام في فض الاعتصام مشيرة إلى أن النائب العام كان ينوي تقديم استقالته على خلفية ما أثاره الكباشي إلا أنه تم إثناؤه عن الخطوة.

92 ضابطاً
رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان أصدر قراراً بإعفاء وإحالة عشرات الضباط في جهاز الأمن والمخابرات إلى التقاعد كتغييرات غير مسبوقة بإبعاد قادة بارزين في الجهاز تميزوا على مدى سنوات طويلة بنفوذ قوي، وطبقاً للقرار أحيل إلى التقاعد “35 ضابطاً برتبة لواء، بينهم مدير هيئة العمليات بجهاز الأمن عثمان سيد أحمد، والذي رقي إلى رتبة فريق قبل الإحالة. وشملت قائمة الإقالات “مدير إدارة الإعلام اللواء محمد حامد تبيدي ومدير أمن الولايات اللواء صلاح فتح الرحمن، ومدير الأمن الزراعي اللواء الطريفي، فضلاً عن اللواء أنس عمر والي شرق دارفور السابق”، و إحالة 21 من الضباط برتبة عميد، إلى جانب 15 برتبة عقيد، فضلاً عن 19 من رتبة مقدم فما دون.
وأصدر رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، في إبريل الماضي، قراراً بإحالة 8 ضباط برتبة فريق في هيئة قيادة الجهاز إلى التقاعد..حينها أكد الناطق الرسمي باسم جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، من جهته، أن ما جرى من إحالات وإجراءات لتقاعد ضباط بالجهاز، كان في إطار الأداء الإداري الدوري”، لافتا إلى أن الجهاز أصدر الشهر الماضي، كشفاً بالترقيات لمختلف الرتب، منوهاً إلى أن “ما جرى ليس له أي علاقة بأي تفسير، بخلاف أنه إجراء سنوي يسري على الجهاز وعلى القوات النظامية الأخرى.

إعفاءات الشرطة
في أكبر حملة إعفاءات تشهدها الشرطة السودانية، أعفى رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان “هيئة القيادة” في الشرطة وتتكون من 11 ضابطاً برتبة فريق، كما أحال المجلس العسكري الانتقالي 29 لواء و14 عميداً ومقدماً إلى التقاعد، بالإضافة لمئات الضباط من ملازم أول وملازم، فضلاً عن إعفائه مدير عام الشرطة، وعين بدلاً منه اللواء عادل بشائر، كما عين نائباً جديداً لمدير الشرطة ومفتشاً عاماً.
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أصدر منتصف إبريل الماضي مرسوما بتعيين الفريق أول شرطة بابكر أحمد الحسين مديراً عاماً لقوات الشرطة كما أصدر مرسوماً بتعيين الفريق شرطة دكتور أسامة إبراهيم أحمد إبراهيم نائباً لمدير عام قوات الشرطة.

للمدنيين نصيب
إقالات المجلس العسكري الانتقالي لم تكن حكراً على العسكريين بل امتدت إلى المدنيين، فأقال المجلس وكيل وزارة الإعلام العبيد أحمد مروح، ووكيل وزارة الموارد المائية، حسب النبي موسى محمد، والأمين العام للمجلس القومي للأدوية عباس محمد فحل من مناصبهم، وقال رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في بيان، إنه تم تكليف عبد الماجد هارون بتسيير مهام وكيل وزارة الإعلام والاتصالات، والذي أعفي بعد ساعات من منصبه.
المجلس العسكري الانتقالي أعفى كذلك وكيل ​وزارة الخارجية​ السفير بدرالدين عبدالله من منصبه.
وعن أسباب إعفائه قال الناطق الرسمي باسم المجلس الفريق الركن شمس الدين كباشي، إن وزارة الخارجية أصدرت بياناً صحفياً عن الإعداد لزيارة وفد قطري إلى البلاد دون التشاور مع المجلس ودون علمه. وقال كباشي إن البيان الذي أصدرته الخارجية تم دون علم المجلس العسكري الانتقالي خاصة وأنه استند إلى تقارير صحفية تضاربت فيها المعلومات عن عزم وفد قطري زيارة السودان.
وأشار الكباشي إلى أن وزارة الخارجية لم تأخذ رأي المجلس في هذا الموضوع كما لم يعبر بيانها عن الموقف الرسمي للمجلس العسكري الانتقالي.
كما نفى الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق الركن شمس الدين كباشي، الأنباء التي تداولتها بعض وسائل الإعلام المحلية والعالمية حول رفض السودان استقبال وفد قطري برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني”.

النائب العام ونائبه ورئيس القضاء
المجلس العسكري الانتقالي أقال في إبريل المنصرم النائب العام عمر أحمد محمد عبد السلام ونائبه هشام عثمان إبراهيم صالح، وشملت التغييرات إعفاء مدير عام الهيئة القومية للإذاعة والتليفزيون.
وذكر بيان للمجلس العسكري أن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس أنهى خدمة النائب العام ونائبه، وأنهى أيضاً خدمة عامر إبراهيم ماجد من منصبه كرئيس للنيابة العامة.
كما أقال المجلس العسكري الانتقالي رئيس الجهاز القضائي عبد المجيد إدريس، وعين مكانه يحيى الطيب إبراهيم أبوشورة.. حيث كان عزل رئيس الجهاز القضائي من أبرز مطالب المحتجين للمجلس العسكري باعتبار عبد المجيد إدريس من أبرز رموز النظام السابق، وهو الذي أقام محاكم الطوارئ قبل أسابيع من خلع البشير، وقد حوكم فيها عدد من المتظاهرين المطالبين برحيل المخلوع.

اللجنة العسكرية
تجربة المجلس العسكري في الحكم لم تستوِ بلا مطبات، ورغماً عن أنه تسلم الحكم في سياق تعهدات بإحداث التغيير وتسليم الحكم للمدنيين في أقرب وقت ممكن، إلا أن موجة الإقالات والاستقالات لم تهدأ، وكانت أشهر الاستقالات تلك التي جاءت جماعية من أعضاء اللجنة السياسية بالمجلس بعد ضغط من قوى إعلان الحرية والتغيير بدعوى أنهم امتداد للنظام البائد.
كذلك شهد المجلس استقالة عضو المجلس مدير هيئة الأمن والاستخبارات. رحلة المجلس لم تكن فقط إقالات واستقالات، بل صادف فيها تعيينات وشهدت البلاد إعادة تثبيت طارق حمزة في موقعه كمدير لشركة سوداني، وإعادة تعيين عبد الغفار الشريف..

مبررات ودواعٍ
القانوني محمود الشيخ أوضح لـ(السوداني) أن الإقالات تمثل حقاً لصاحب العمل ولا تتعارض مع القانون، مؤكداً أن الإقالات والتعيينات المتكررة دلالة على التخبط وعدم وضوح رؤية في الوضع السياسي الراهن خاصة بعدم وضوح ملامح الفترة الانتقالية. وقال الإقالات المتكررة تحدث بلبلة في المشهد السياسي لجهة عدم تمكن الأشخاص المعينين من أداء واجباتهم في النطاق المعني بسبب التوقع الدائم للإقالة كما حدث لسلفهم في المنصب سواء في ميادين الخدمة المدنية أو الميادين السياسية.
وأشار الشيخ إلى الإقالات التي تكررت في أواخر حكم المخلوع، واصفاً إياها بالمعدومة الرؤية والمنهج وأنها تأتي ضمنياً لتجاوز أمر ما دون التخطيط المستقبلي والاستراتيجي للوصول لهدف معين، وأضاف: التعيين يتم بمعايير محددة فمثلاً في المهن القانونية يأتي التعيين بعد مشاورات من أصحاب الشأن نفسهم لجهة أنهم أدرى بالكفاءة خاصة بما يتعلق بالنائب العام أو وزارة العدل وإن من لم يأتِ بالمشورة يأتي بالأقدمية .
وقطع الشيخ بأن الطريقة الصحيحة في تعيينات رؤساء السلطة القضائية على سبيل المثال تكون باجتماع جميع أعضاء المحكمة وانتخاب رئيس بسبب تمتعهم بنفس الدرجة هذا ما يلي النظم الديمقراطية أما بالنسبة للنظم الديكتاتورية يكون الاختيار بما يتماشى مع التوجه السياسي للنظام الحاكم ولا تراعى القوانين المتبعة في التعيين.

اضطراب موازين السياسة والأمن
المحلل السياسي كمال عمر أكد لـ(السوداني) أن الإقالات والاستقالات في المشهد السياسي إشارة إلى انعدام روح الانسجام بين أعضاء المجلس العسكري، واصفاً المجلس بجهاز أمن وسلطة أمنية كانت تؤول تبعيتها ذات يوم للمؤتمر الوطني.
ويرى كمال الإقالات والاستقالات اضطراباً في موازين السياسة والأمن باعتبار أن المجلس يتكون من العسكر ويأخذ القضايا من الناحية العسكرية لا السياسية، مشدداً على أن أسلوب السياسي يتمتع بخصائص مغايرة للعسكري الذي يتعامل بالقواطع.
واعتبر عمر أن إقالة النائب العام جاءت على سبيل تضارب المصالح والمفاهيم مشيراً إلى معضلة الدستور المعلق ومعضلة المستشارين السياسيين للمجلس العسكري قليلي الخبرة في العمل السياسي الأمر الذي نتج عنه اضطراب بالمجلس.
الفريق شرطة جلال تاور يرى في حديثه لـ(السوداني) أن الإقالات في القوات النظامية تأتي بمواد من قانون المؤسسة النظامية، جازماً بأن الإحالة للتقاعد بند قانوني مثله مثل أمر التعيين منوهاً إلى إمكانية النظامي موضع الإقالة أو الإحالة اللجوء إلى إدارة الشؤون القانونية بمؤسسته وهي التي تبت في تأييد الإحالة أو الرجوع للخدمة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.