إليكم… الطاهر ساتي

الموَال!!

شارك الخبر

:: لهم الله، حُجاج هذا العام.. منتصف نهار الأمس كان آخر موعد للتقديم.. وبعد أن كان التقديم للحج إلكترونيا، فإن معاناة حُجاج هذا العام قد بدأت منذ (مرحلة التقديم)، بحيث أرغمهم قرار المجلس العسكري – بحجب خدمات الإنترنت – على التكدس في مراكز الصالات بالسجل المدني، وكان التقدير لعدد الذين تقدموا حتى منتصف نهار الخميس (36.839).. وكما تعلمون فإن موسم الحج في بلادنا موسم للعويل العام، وكذلك موسم لتجارة من نسميهم بأمراء الحجاج!!
:: فالأُسر والصحف تبدأ بالعويل على التكاليف التي صارت ترهق حتى المستطيع، لأن عُملتنا لم تعد ذات قيمة.. ثم يتواصل العويل على إدارة الحج والوكالات وجهات غامضة تُضيّع وثائق بعض الحجاج ثم تعيدها لأصحابها بعد موسم الحج بأسابيع أو أشهر، وتكون قد (دورت أموالهم).. ثم يشتد العويل على وسائل النقل عندما تتكدس الحجاج في الموانئ والمطارات بالآلاف.. ثم يبدأ العويل على متعهد الطعام، والذي دائماً ما يكون من الذين يتقنون تجويع الحجاج!!
:: وكذلك يكون العويل الأعلى والأكبر على من نسميهم بأمراء الحجاج، وهم الذين سقف إمارتهم لا يتجاوز التجارة و(خم الريالات).. نعلم بأن الحج مشقة، وما في ذلك شك.. مشقة في الأراضي المقدسة وفي التجوال والتنقل بين الأمكنة المقدسة.. ولكن مشقة الحاج السوداني تبدأ في السودان.. لم نتعلم من تجاربنا، ولا من تجارب الآخرين.. وعلى سبيل المثال، ماليزيا تفوّج سنوياً إلى بيت الله العتيق ما يُقارب عدد حجاج السودان بمنتهى الهدوء!!
:: وقائمة بأسماء أفراد الشعب بطرف السلطات هناك.. كل الأفراد، المستطيع وغير المستطيع.. والسلطات المسؤولة – فعلاً – هي التي تختار من تلك القائمة حجاجها وفق معايير لا تظلم أفراد الشعب، وسواسية هناك الفقير والغني في الاستطاعة.. فالتكافل – عبر صندوق توفير الحج – هو الوسيلة التي تجعل كل فرد بالشعب الماليزي مستطيعاً يترقب فرصته.. تفوجهم السلطات زُمراً ثم تعيدهم زُمراً، ويكونون قد أدوا المناسك بلا استغلال أو توهان أو ضياع أو جوع أو (كوراك)!!
:: وليست ماليزيا وحدها، بل كل دول العالم، تبتكر – سنوياً – من الوسائل والنظم الراشدة ما تيسر بها شعيرة الحج لشعبها.. فالدول من حولنا تنتهج نظام (التفويج الجماعي)، ثم (العودة الجماعية)، وتخطر حجاجها وأسرهم بموعدي الذهاب والإياب قبل أسابيع، ثم تلتزم بالموعدين.. أي تمضي دول العام – بعقول أجهزتها ونزاهة سلطاتها – نحو عوالم أضحت تدير كل أمور شعوبها – بما فيها حج حجاجها – بسلاسة ومسؤولية!!
:: ولكن في بلادنا، حيث موطن الفوضى، فإن الحاج يسافر بالصدفة ثم يعود بالصدفة.. ويكون قد شتم هناك ولعن وأفسد شعيرته.. ثم الطامة الكبرى هي أن عقول أجهزة الدولة لاتزال تدير ملف الحج بنهج (السماسرة)، أي تلك العقول لم تسقط بعد.. لو كانت بالبلاد نظم الإدارة التي تواكب وتراقب وتمنع التكرار، لما لجأت السلطات لوسيلة الاقتراع لاختيار الحجاج.. (القُرعة) من الوسائل البدائية والمتخلفة.. مع نهج التكافل – ثم بالرقابة الإلكترونية التي تمنع عدم التكرار – كان يجب أن يحج كل راغب، وليس الأثرياء فقط!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.