:: الذهب من الملاذات الآمنة التي تلجأ إليها الأنظمة والبنوك و رجال المال في الظروف الحرجة، سياسية كانت أم اقتصادية.. ومع توتر الأوضاع السياسية بالمنطقة بعد اغتيال قاسم سليماني، كان طبيعيا أن تقفز أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها، ولا يزال .. وكان على حكومتنا استغلال هذا الوضع لصالح بلادنا، ولكن وزير ماليتنا إبراهيم البدوي كالرجل الذي أضاع خاتمه في غرفته المُظلمة ثم خرج يبحث عنه تحت أعمدة الكهرباء.. البدوي مُغرم بالبحث عن الموارد بالخارج، بيد أنها بالداخل ..!!
:: بعد أستراليا والصومال، يأتي ترتيب بلادنا في قائمة الدول المُنتجة والمُصدرة للمواشي، ولكن – لسوء الإدارة والفساد – كانت تتجلى أزمة عائد الصادر كل عام .. فالعائد لخزانة الدولة لا يكون موازياً لحجم الصادر.. وللأسف هذا ما يحدث لصادر الذهب أيضاً، ولن يتغير الحال ما لم تخرج الحكومة من سوق الذهب ( نهائياً)، وتكتفي بدورها الرقابي والتخطيطي..وهذا لن يحدث ما لم تجد وزارة المالية وبنك السودان إدارة مهنية وذات رغبة في استغلال موارد بلادنا، وليست إدارة متجولة في موائد المنح..!!
:: المهم .. بعد سقوط نظام البشير، استبشرنا خيراً بمظان أن حكومة الثورة سوف تفك احتكار بنك السودان لصادر الذهب، لصالح القطاع الخاص، وما كنا نعلم بأن القدر يُخبئ شركة الفاخر، حيث جاء بها البدوي بديلاً لبنك السودان في الاحتكار.. علماً بأن الخراب الذي أحدثه احتكار بنك السودان لصادر الذهب يكفي بإشعال الف ثورة، ولو جمعنا تحذيراتنا واستنكارنا لهذا الاحتكار، لأعددنا كتباً وليس كتاباً، ومع ذلك كابروا ثم واصلوا التخريب.. !!
:: وقبل أن تفرض مراكز القوى بالنظام المخلوع الاحتكار بواسطة بنك السودان، لم يكن هناك تهريب للذهب لحد تقزم الصادر رغم غزارة الإنتاج، باعتراف كل وزراء التعدين.. نعم، البلاد لم تستفد من احتكار البنك المركزي لسوق الذهب غير ارتفاع نسبة التضخم، وانخفاض الصادر وارتفاع نسبة التهريب، باعتراف لجنة الطاقة بالبرلمان.. وليس في أمر هذا الخراب عجب، فالفائدة الاقتصادية للبلاد في سياسة التحرير التي يطبقها (المواطن فقط)، أي حين يصطلي بارتفاع أسعار الرغيف والدواء وغيرها.. ولذلك فرحنا بخلع النظام الذي قرر احتكار الذهب لبنك السودان ..!!
:: ولم تكتمل الفرحة، لقد ذهب النظام تاركاً بعض أسباب ذهابه .. وعلى سبيل المثال ( الاحتكار)، أي بعد أن كانت ترعى احتكار بنك السودان، وزارة المالية ترعى احتكار شركة الفاخر .. ومن المُضحك تعهدت هذه الشركة لوزير المالية بتحقيق الاستقرار في سعر الدولار، بحيث يصل إلى ( 60 جنيهاً)، خلال الأسبوعين القادمين، أو كما تعهدوا للشعب بتاريخ 24 ديسمبر 2019م.. اليوم 7 يناير 2020م، ويجب أن يكون سعر الدولار ( 60 جنيها).. لقد أخلفوا وعدهم، كما كان يفعل النظام المخلوع..!!
:: وعود شركة الفاخر بتخفيض سعر الدولار لا تختلف عن وعود شركة سيبريا الروسية التي خدعتنا عندما وعدت باكتشاف وانتاج ما يُقدَّر بـ(46.000 طن) من الذهب، ولم تنتج وقية حتى ذهابهما (النظام والشركة).. كان على البدوي مُكافحة التهريب بتوفير مناخ المنافسة للمصارف والشركات لتنافس بعضها في الشراء بأعلى الأسعار ثم التصدير بعد (الدفع المقدم)، بعد أن تأتي بحصائل الصادر .. ليس الذهب فقط، بل أي مورد – من مواردنا – يكفي شعبنا ويفيض، ولكن البدوي مُغرم بموارد الآخرين ..!!
Comments are closed.