المجلس العسكري.. مخاوف تسليم السلطة للمدنيين

الخرطوم: مشاعر أحمد

أكثر من ثلاثة أشهر لم ينجح فيها المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين، وعقب تدخل الوسيط الإثيوبي وقبل به المجلس العسكري وجلس رئيس الوزراء الإثيوبي مع رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، إلا أنه عقب أن جاء الوسيط بمقترح المناصفة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري وقبلت به القوى؛ أعلن العسكري رفضه في خطوة وُصِفَتْ بالمُفاجئة.

كيف برر العسكري رفضه؟
في مؤتمر صحفي أمس الأول قال المجلس العسكري إنه لا يقبل أي إملاءات أو أوامر من أي جهة في وقت أعلن فيه رسمياً رفضهم المبادرة الإثيوبية بحجة أن المبعوث الإثيوبي تنصل عن اتفاق مسبق معهم بتوحيد مبادرته مع مبادرة الاتحاد الإفريقي وتقدم ورقة مشتركة، وقال إنهم لم يطلعوا على المبادرة الإثيوبية.
رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان بحسب شمس الدين، أمهل المبعوث الإثيوبي والإفريقي حتى مساء أمس، لتقديم ورقة لإعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض مجدداً، مؤكداً أن السودان دولة مستقلة وذات سيادة ولا تقبل الإملاءات التي تهدد أمن الوطن.
وشدد الكباشي على أن الوسطاء أخذوا زمنا طويلا لا يتسق والظروف التي تمر بها البلاد في ظل الفراغ الماثل.
حديث المجلس العسكري جاء عقب أن قبلت قوى الحرية والتغيير بالمبادرة الإثيوبية التي حددت وثيقة المبادرة هياكل الحكم الانتقالية، ونسب تمثيل العسكريين والمدنيين في المجلس السيادي الذي يفترض أن يشرف على المرحلة الانتقالية. وبينما أكدت قوى التغيير قبولها المبادرة الإثيوبية باعتبارها تثبت الاتفاقات السابقة مع القيادة العسكرية.

يتحسب ولكن
ويذهب الخبير العسكري اللواء متقاعد أمين مجذوب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن المجلس العسكري يتحسب من المستقبل من أهمية وجود القوات المسلحة بالسلطة نسبة للمخاطر الأمنية التي تحيط بالدولة السودانية، مضيفاً أن المخاطر تتمثل في وجود حركات مسلحة لم توقع اتفاقية سلام حتى الآن، وتهديدات أمنية في شرق السودان نتيجة للتفاعلات الأمنية الداخلية في عدد من دول الجوار الشرقي، بجانب تفاعل الأزمة الليبية من المتوقع أن ترمي بظلالها السالبة على الحدود الغربية.
وأضاف: يرى المجلس العسكري أن المفاوضات يجب أن تستوعب أكبر عدد من القوى السياسية الموجودة في الساحة السودانية وأن القوات المسلحة شريك رئيسي في الفترة الانتقالية، موضحاً: بينما ترى قوى الحرية والتغيير أن الثورة قامت ضد حكم عسكري ويجب أن تسلم لمدنيين ولا تقبل بحكم عسكري آخر أياً كان شكله أو وجوده، قاطعاً بأنه من أجل تقريب وجهات النظر الوصول إلى صيغة توفيقية لمشاركة السلطة بين قوى الحرية والمجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية التي تقود للانتخابات وتحقيق التسليم إلى السلطة المدنية.
(الحساب ولد)
المحلل السياسي الحاج حمد ذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن المجلس العسكري يتخوف من المحاسبة من جريمة فض الاعتصام لذلك يحاول أن يخفي مسؤوليته لأنه فشل في تكوين لجنة تحقيق محايدة، مضيفاً أنه فرض على النائب العام أن يستقيل، قاطعاً بأنه أن لم يكن هو الفاعل لفض الاعتصام فهو المسؤول عن المحاسبة والتأمين، وأي تباطؤ في تسليم المجرم يحسب عليه.
وأشار حمد إلى أن الجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري لا تسقط بالتقادم لذلك يتهيب من ترك السلطة، وما قام به مهرجان جرائم، مؤكداً أن أي حكم مدني سيحاسبه، لذلك انشغل بذاته عن وضع البلاد الآن الذي يقارب أن يصل إلى مرحلة الخطر.

تفاهمات وليس اتفاقيات
ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي الفريق معاش حنفي عبد الله في حديثه لـ(السوداني) أن نية الوسيط الإثيوبي بها سوء لذلك كان لا بد من المجلس العسكري أن يوضح، مشيراً إلى أن الوساطة الإثيوبية لم تكن لإثيوبيا وحدها بل مع الاتحاد الإفريقي عبر الإيقاد وأن تحفظات العسكري أن الوسيط تدرج في الاتصال بصورة منفردة مع قوى الحرية والتغيير عبر اللقاء في إثيوبيا وقدم له المقترح، مضيفاً أن الوسيط يحاول أن يفرض رؤيته على المجلس العسكري رغم اختلافها عن مبادرة الاتحاد الإفريقي.
وأضاف أن المجلس العسكري عندما قرر إيقاف وإلغاء التفاوض مع قوى الحرية والتغيير لم يكن يقصد اتفاقيات إنما تفاهمات لأن ما جرى ليس اتفاقاً، مؤكداً أن المجلس العسكري وصل إلى طريق مسدود مع قوى الحرية والتغيير وسيتجه لتكوين حكومة كفاءات وتكنوقراط لتسيير أعمال البلاد، مشيراً إلى أن العسكري يسير في اتجاه إيجاد حلول وفق دعوة رئيس جنوب السودان، لأن البلاد تعاني من فراغ دستوري انعكس على الخدمات ومعاش المواطن، لذلك في حالة انسد الطريق أمام التفاوض مع قوى الحرية وسيتجه للتشاور مع القوى السياسية الأخرى.
نفض اليد
يذهب المحلل السياسي أسامة عبد الماجد في لـ(السوداني) أمس، إلى أن المجلس بات في موقع أقوى من السابق لذلك طبيعي أن يرفض المبادرة الإثيوبية التي ظاهرها نظام سيادي بين الحرية والعسكري والرئيس مدني يتفق عليه الطرفان، موضحاً أن العسكري يريد أكبر حصة في السيادي.
وبرر أسامة بأن المتغيّرات الداخلية قادت المجلس العسكري لرفض المبادرة الإثيوبية ونفض يده عن الاتفاق بين الحرية والتغيير، وأبرزها حالات التأييد والمحاصرة في اللقاءات الجماهيرية، ويرى أنه ربما وجد العسكري ضوءا أخضر من جهات داخلية بعدم تسليم السلطة للمدنيين، مشيراً إلى أن العسكري استفاد بشكل كبير من الخلافات الداخلية لتحالف قوى الحرية والتغيير وأبرزها الخلاف في سفر وفد لإثيويبا.
وأكد أسامة أن المجلس العسكري أكمل ترتيباته للتحاور مع حملة السلاح وأن المرحلة المقبلة الأولوية مع حملة السلاح وليست للسياسيين بالداخل.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.