مازق السودان.. ماذا قال معهد السلام؟

ترجمة: سحر أحمد

قالت مسؤولة برنامج إفريقيا والشرق الأوسط بمعهد السلام الأمريكي اليزابيث موراي أن السودان ما يزال في “مأزق” على الرغم من الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، وتصعيد المجلس الانتقالي حملته العسكرية ضد المتظاهرين، حيث تظل المطالب بانتقال السلطة إلى “مدنية” قائمة، وتساءلت موراي عما يحدث حاليا بالسودان، ومتى تستأنف المفاوضات بشأن انتقال السلطة إلى مدنية؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي المساعدة؟

ترى موراي أن حجم العنف بالسودان ما يزال غير واضح، حيث فرضت الحكومة تعتيما شبه كامل على الإنترنت وحدت من نشر التقارير الصحافية خارج الخرطوم، مشيرة إلى علمهم بمقتل أكثر من 100 شخص في أعمال العنف في الخرطوم، وجُرح أكثر من 700 آخرين، ووجود المئات في عداد المفقودين. متوقعة ارتفاع أعداد القتلى في الأسابيع المقبلة مع توفر مزيد من المعلومات، وإمكانية وصولها إلى خارج الخرطوم.
ولفتت موراي إلى أنه تم التوثيق لحالات العنف بشكل جيد من قبل نشطاء حقوق الإنسان الدوليين والوطنيين، وكان تجمع المهنيين المنظم لتحالف قوى الحرية والتغيير قد دعا إلى إضراب عام على مستوي البلاد في التاسع من يونيو، استمر لمدة ثلاثة أيام، ودعا تحالف قوى الحرية والتغيير المواطنين إلى الانخراط في مزيد من التظاهرات بما في ذلك التظاهرات الليلية في الخرطوم، لزيادة الضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتسليم السلطة للمدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن فض الاعتصام.

ما وضع المفاوضات؟
تشير موراي إلى أنه لا توجد مفاوضات مباشرة منذ 19 يونيو. فقد كانت هناك بعض الخطوات المبدئية لمحاولة بناء الثقة بين الطرفين وتمهيد الطريق للمفاوضات. حيث سافر رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، باعتباره رئيس الهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيقاد)، إلى الخرطوم في السابع من يونيو للقاء الطرفين بشكل منفصل؛ وكانوا قد أشاروا إلى رغبتهم في التواصل معه ومع مبعوثه محمود درير.
من جانبها وضعت قوى الحرية والتغيير عدة شروط لاستئناف التفاوض من بينها إطلاق سراح السجناء السياسيين، السماح بإجراء تحقيق دولي مستقل في أعمال العنف التي وقعت في 3 يونيو، إعادة نشر قوات الدعم السريع خارج الخرطوم، واستعادة الإنترنت.
وترى موراي أن المجلس العسكري الانتقالي لم يحرز الكثير من التقدم بشأن هذه الشروط، فقد أطلق سراح بعض السجناء السياسيين على مدار الأسبوع الماضي ردًا على قيام قوى الحرية والتغيير بإلغاء الإضراب العام، إلا أن العديد من السجناء الآخرين ما يزال قيد الاحتجاز، وما يزال يجري اعتقال آخرين. في ذات الوقت ما يزال الإنترنت محظورا مما يعيق الاتصال بشدة، مضيفة أن المجلس العسكري لم يبد استعدادا لإعادة نشر قوات الدعم السريع خارج الخرطوم، ولم تكن هناك خطوات ملموسة من قبل المجلس العسكري أو المجتمع الدولي لإجراء تحقيق دولي مستقل حول العنف.
وتشير موراي إلى أنه من أجل تلبية شروط قوى الحرية والتغيير والاتفاق على الانتقال إلى حكم مدني، قد يحتاج أعضاء المجلس العسكري وأولئك الذين يخضعون لهم إلى ضمانات بأنهم سيكونون قادرين على التعايش مع أي نتيجة تسفر عنها المفاوضات، معتبرة أنه سوف يحتاج السودانيون والمجتمع الدولي إلى العمل معًا لتحديد ماهية هذه الضمانات، وسيتطلب ذلك إبداعًا ودرجة من التوافق على الأرجح، للتوصل إلى اتفاق يوقف العنف ويضع السودان على طريق السلام.

دور المجتمع الدولي
في السادس من يونيو، علق مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي عضوية السودان حتى إنشاء حكومة انتقالية بقيادة مدنية. كان هذا الإجراء الحاسم استجابة قوية من قبل الاتحاد الإفريقي، حيث أبلغ المجلس العسكري الانتقالي بتحمل العواقب، كما وصل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، رئيس الهيئة الحكومية الدولية للتنمية، إلى الخرطوم في غضون أيام قليلة من العنف.
وتقول موراي إنه ينبغي على الاتحاد الإفريقي ودول الإيقاد التركيز على تعزيز تدابير بناء الثقة وتخفيف حدة العنف، حيث تمثل شروط قوى الحرية والتغيير خارطة طريق واضحة، وهذا يضع الاتحاد الإفريقي ودول الإيقاد في اتجاه إحراز تقدم موثوق نحو المفاوضات.
وترى مسؤولة معهد السلام الأمريكي أنه ينبغي على المجتمع الدولي الشامل، بما في ذلك دول الجوار بالنسبة للسودان، إضافة إلى دول الخليج وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أن تدفع بقوة المجلس العسكري لعدم الانخراط في مزيد من العنف للوفاء بالشروط المسبقة التي حددتها قوي الحرية والتغيير، مشيرة إلى أن ذلك يتطلب اللجوء إلى الدبلوماسية بما في ذلك استخدام سياسة الجزرة والعصا، للحصول على موافقة المجلس العسكري على تحقيق دولي مستقل، بالإضافة إلى تنسيق فاعل لجمع مختلف الكيانات الدولية التي يمكنها إجراء هذا التحقيق.
لافتة إلى أنه يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وإيقاد، الاعتماد على وثائق منظمات حقوق الإنسان، والاستمرار في الإشارة إلى أنهم على علم بالسجناء المحتجزين لدى المجلس العسكري ويتوقعون إطلاق سراحهم.
ونبهت موراي إلى أنه ينبغي على الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن تعيد تشكيل مواقفها تجاه السودان، خاصة بشأن عملية انسحاب قوات “اليوناميد” التي كانت جارية قبل بدء الأزمة الحالية، معتبرة أن الانسحاب سيشكل مزيدًا من المخاطر على المدنيين، لا سيما في ظل التطورات السياسية الأخيرة، ويمكن أن تعمل تلك الخطوة – عن غير قصد – على تمكين وإضفاء الشرعية على القوات المسؤولة عن أعمال العنف التي وقعت في الثالث من يونيو.
معتبرة أن وجود قوات الدعم السريع في الخرطوم ما يزال يشكل مصدراً مهماً لإثارة العنف، منبهة إلى أنه يجب على الشركاء الدوليين أن يقدموا على الفور الدعم والتحفيز لوضع وتنفيذ خطة للسيطرة على قوات الدعم السريع وإخراجها من الخرطوم، مشددة على ضرورة القيام بذلك على الفور، واتباع استراتيجية طويلة الأجل لإصلاح قطاع الأمن.
وترى موراي أن المجلس العسكري يستمد قوته من دعم دول الخليج، لذا ينبغي على الولايات المتحدة أن تتعاطى بشكل مستمر على مستوى رفيع مع دول الخليج لتحديد المصالح المشتركة نحو سودان سلمي بقيادة مدنية.
مشيرة إلى وجود خطوة مهمة أخرى ينبغي القيام بها من جانب المجتمع الدولي وهي وضع خارطة طريق اقتصادية – بما في ذلك التنسيق مع المانحين المحتملين – من أجل الانتعاش الاقتصادي الكبير الذي يجب أن يحدث بعد انتقال السلطة بالسودان إلى مدنية.
وترى موراي أن السؤال الملح حاليا والذي يطرح نفسه: ما هي الإجراءات التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها حال استمر المجلس العسكري في حكم السودان على المدى المتوسط، في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي، وتأثيره بشكل كبير على المواطنين في السودان؟

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.