محفوظ عابدين

أوجه الشبه بين عبد الفتاح البرهان وعبد الفتاح السيسي

شارك الخبر

والذي يبدو ظاهرياً هو تشابُه الأسماء والذي يحدث لأول مرّة في تاريخ وادي النيل السياسي أن يكون اسم الرئيس في مصر والسودان بهذا التّطابُق (عبد الفتاح)، وكان هذا هو (المفتاح) الذي قادنا لعقد هذه المُقارنة بين الرئيسين الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، والرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي، وقد تكون أولى أوجه الشبه هو تَطَابُق الأسماء، وينحدر الرئيسان من المُؤسّسة العسكرية في البلدين، وأن مسقط رأس الأول يقع شمال العاصمة السودانية الخرطوم وكذلك مسقط رأس الثاني شمال العاصمة المصرية القاهرة.
ووصل الرئيسان إلى سدة الحكم بعد ثورة شعبية ضد نظامين استمرا (30 عاماً) في كل من البلدين (البشير في السودان من (1989م إلى 2019م)، والرئيس محمد حسني مبارك في مصر من (1981 إلى 2011م)، البرهان والسيسي لم يصلا إلى حكم مُباشرة بعد ثورة 25 يناير في مصر وثورة 19 ديسمبر في السودان، فَقَدَ وَصَلَ عبد الفتاح السيسي إلى الحكم بعد أكثر من عامٍ، حَيث حَكَمَ محمد مرسي عَامّاً كَاملاً، ثُمّ فترة رئيس المحكمة الدستورية (عدلي) بعد ثورة 30 يونيو ضد محمد مرسي.
أمّا عبد الفتاح البرهان فَهو لم يَصل مُباشرةً إلى الحكم بعد الثورة التي أطَاحَت بالبشير في 11 أبريل 2019م، ولكن جاء بعد حكم استمر فقط (24 ساعة) لوزير الدفاع عوض بن عوف، ولكن البرهان جَاء بعد ثورة حَقيقيّة للثوار المُعتصمين في ميدان القيادة العامة للجيش، رَفضت حكم (ابن عوف) تحت شعار (تسقط تاني)،
قفز عبد الفتاح السيسي إلى قمة المُؤسّسة العسكرية في مصر بعد أن أطاح الرئيس محمد مرسي بالمشير طنطاوي والفريق أول سامي عنان من قمة المؤسسة العسكرية، وأفسحا الطريق للسيسي ليكون وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي.
وجاء عبد الفتاح البرهان على رأس المُؤسّسة العسكرية في السودان بعد تنحي الفريق أول عوض بن عوف رئيس المجلس العسكري الانتقالي ونائبه الفريق أول كمال عبد المعروف نائب رئيس المجلس، استجابةً لرفض الثوار لهما باعتبارهما من وجوه النظام السابق، وتم اختيار البرهان ليكون رئيساً للمجلس العسكري، وبذات الفهم أصبح (البرهان) في قمة المُؤسّسة العسكرية بالسودان، مثلما كان (السيسي) في قِمّتها بمصر. ولكن بعد الكشف عن المُحاولة الانقلابية الأخيرة في السودان التي كان يقودها رئيس هيئة الأركان الفريق أول هاشم عبد المطلب، حَيث ذَكَرَت مَصَادر إعلامية أنّ عبد المطلب كَانَ يرى أنّه أحق برئاسة المجلس العسكري الانتقالي من (البرهان) باعتبار أنّ الفريق أول هاشم عبد المطلب صَاحِب أقدمية وكَانَ يَشغل وقتها نائب رئيس هيئة الأركان، والفريق أول عبد الفتاح كان يشغل قائد القوات البرية، ولكن في مصر لم يظهر مُنافسٌ لعبد الفتاح السيسي بذات الفَهـم.
عبد الفتاح البرهان جاء للحكم بعد فترة حكم فيها الإسلاميون البلاد، وكذلك الحال عند الفتاح السيسي، تَمّ إيداع إسلاميي مصر السجون مثل خيرت الشاطر وسعد الكتاتني وعصام العريان، ومحمد البلتاجي وغيرهم، والحال في الخرطوم حيث يستضيف سجن كوبر البشير وعلي عثمان ونافع علي نافع وعوض الجاز وغيرهم.
شَهِدَ عهد السيسي فض اعتصام الإسلاميين في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة والذي لم يجدا تَفَاعُلاً كبيراً من المصريين، خَاصّةً في الإعلام ومن نشطاء السياسة القدامى والذين ظهروا بكثافةٍ بعد ثورة 25 يناير مثل حامدين صباحي وجورج إسحق وأيمن نور وعبد المنعم أبو الفتوح وأيمن نور، والسيد البدوي من حزب الوفد العريق، وشخوص حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني مثل سعد الدين إبراهيم، وحافظ أبو سعدة وغيرهم. وفي مصر معروف من فض الاعتصام ومعروف حجم خسائره البشرية الكبيرة جداً.
شهد عهد عبد الفتاح البرهان فضّ اعتصام القيادة في الخرطوم قبيل عيد الفطر ومازال حاضراً في الأحداث رغم أن خسائره بسيطة جداً مُقارنةً بما حدث في مصر، وأنّ الإعلام المحلي والإقليمي أعطى فض اعتصام القيادة مساحة أكبر من التي وجدها فض اعتصام رابعة والنهضة في مصر، والذي تم بصورة مُعد لها ومُخطّط له، بينما اعتصام القيادة لم يصدر بشأنه توجيهٌ رسميٌّ لفضِّه، وما تَمّ صدر فيه تقريرٌ من النائب العام حَدّدَ فيه المُتورِّطين والعقوبات التي تنتظرهم.
الرئيس عبد الفتاح السيسي وجد المُناصرة السِّياسيَّة والدعم الاقتصادي من السعودية والإمارات والولايات المُتّحدة الأمريكية والدول الغربية، السيسي عَمِلَ في نفس المحور الذي كان يُساند حسني مبارك وإن كان الرئيس مُرسي قد أدَارَ بَوصلة العلاقات الدوليّة والإقليميّة، حيث زار إيران التي تقاطعها مصر منذ قيام الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني في العام 1979م.
الرئيس عبد الفتاح البرهان وَجَدَ المُناصرة السِّياسيَّة والاقتصاديّة من السعودية والإمارات، والمُناصرة السِّياسيَّة من مصر وأمريكا والدول الغربية ولكنها مُناصرةٌ خجولةٌ وإن لم تكن كبيرة مثل التي وجدها السيسي. البرهان قَفَلَ الطريق أمام المحور الإقليمي الذي كَانَ يرتكز عليه البشير والمُمثل في قطر وتركيا، حيث اختفى النفوذ السِّياسي والاقتصادي والثقافي لهاتين الدولتين بعد ذهاب نظام البشير.
الرئيس عبد الفتاح السيسي بسببه تَعرّضت مصر لتجميد عُضويتها في الاتّحاد الأفريقي باعتبار مَا حَدَثَ من السيسي انقلابٌ على الديمقراطية و30 يونيو ليست ثورة، ولكن بعد انتخاب السِّيسي فك الاتّحاد الأفريقي التجميد، بل بعد ذلك أصبحت مصر رئيساً للاتحاد الأفريقي.
الرئيس عبد الفتاح البرهان بسببه هَدّدَ الاتحاد الأفريقي بتجميد عضوية السودان ما لم يسرع المجلس العسكري الانتقالي بتكوين حكومة مدنية، وهدّد الاتحاد بتجميد عضوية السودان ما لم يتم ذلك في غضون فترة مُحَدّدة، ولكن يبدو أنّ الاتّحاد تَفَهّمَ صُعوبة الأمر في تَشكيل حكومة في ظل التعقيدات السِّياسيَّة، ولكنّ الاتّحاد عَمِلَ وسيطاً من أجل ان يعبر السودان هذه المرحلة.
ويبدو أنّ هذا التّشَابُه قد يجعل التّنسيق بين البلدين أكبر مِمّا كان في العهد السَّابق بالسُّودان، خَاصّةً في القضايا الثنائية والإقليميّة والدوليّة، وهذا مِمّا يفسح المجال لتعاوُن أكبر بين البلدين.

شارك الخبر

Comments are closed.